لعبة الكلمات لإستفزاز الصين
صحيفة البعث السورية-
علي اليوسف:
منذ فترة قصيرة، قامت الخارجية الأمريكية بتحديث صفحتها على الانترنت، وعدّلت عدداً من المعلومات عن تايوان، وللالتفاف على الحقائق التاريخية فيما يخصّ الجزيرة، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، نيد برايس للصحفيين: “إننا ندعو جمهورية الصين الشعبية إلى التصرف بمسؤولية وعدم صنع ذرائع لزيادة الضغط على تايوان، لم يطرأ أي تغيير على سياستنا، كل ما فعلناه هو تحديث صحيفة الحقائق، وهذا شيء نقوم به بشكل روتيني”.
إن ما قامت به خارجية الولايات المتحدة ليس تحديثاً كما يدّعي نيد برايس، بل تشويه للحقائق بطريقة اللعب على الألفاظ والمصطلحات، فهي في التحديث الجديد ألغت الإعلان الصريح بأن الولايات المتحدة لا تدعم استقلال تايوان، واستبدلت ذلك بتأكيد أكثر غموضاً على أن لديها سياسة صين واحدة طويلة الأمد، وهو ما يخالف صراحة البيانات الثلاثة المشتركة بين الولايات المتحدة والصين.
والبيانات الثلاثة أو البيانات المشتركة الثلاثة هي مجموعة من ثلاثة تصريحات مشتركة بين الولايات المتحدة والصين، والتي لعبت دوراً مصيرياً في تطبيع العلاقات بين البلدين، وتعتبر حتى الآن العنصر الأساسي في الحوار.
البيان الأول (28 شباط 1972) والمعروف ببيان شنغهاي، يلخص الحوار التاريخي الذي ابتدأ بين الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون وتشو انلاي رئيس الوزراء الصيني في شباط 1972. وفي هذا البيان تمّ تناول بعض القضايا التي شملت رؤية الطرفين حول فيتنام، وشبه الجزيرة الكورية، والهند، وباكستان، وإقليم كشمير. وربما الأهم اتفاق الطرفين على احترام السيادة الوطنية للآخر والنزاهة الإقليمية. وحينها أبلغت الولايات المتحدة الصين بشكل رسمي رغبتها بصين موحدة غير مجزأة.
البيان الثاني (1 كانون الثاني 1979) حول ترسيخ العلاقات الدبلوماسية، ويعلن بشكل رسمي عن بدء العلاقات الطبيعية بين الولايات المتحدة والصين. وفي هذا البيان تعترف الولايات المتحدة بأن حكومة الصين وحدها الحكومة الشرعية. بالإضافة إلى إعلان الولايات المتحدة أنها قد تنهي العلاقات الرسمية مع (تايوان)، بينما تحتفظ بالروابط الاقتصادية والثقافية معها. وحينها أكد الطرفان رغبتهما بتقليل خطر التضارب الدولي، إضافة إلى تجنّب السيطرة على أي دولة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.
البيان الثالث والأخير (17 آب 1979)، المعروف أيضاً ببيان 17 آب. يؤكد من جديد رغبة كلّ من الطرفين بتقوية الأواصر الاقتصادية، والتعليمية، والعلمية والتكنولوجية. وكلا الطرفين أعادا تأكيد التصريحات بخصوص قضية “تايوان” المذكورة في البيان السابق. ورغم عدم الوصول إلى استنتاج نهائي بخصوص قضية مبيعات السلاح لتايوان، أعلنت الولايات المتحدة نيّتها تقليل مبيعات السلاح لتايوان بشكل تدريجي.
منذ أن أعلن جو بايدن ما يُسمّى “سياسة الغموض الاستراتيجي”، بدا وكأن هناك انقلاباً على التفاهمات السابقة. وما دامت كلمة “الغموض” هي الكمة المفتاحية في سياسة بايدن، فهذا يعني أن ممارسة اللعب بالكلمات ليست إلا لاستفزاز الصين بشأن مسألة تايوان، وهي بالتالي تُظهر افتقار إدارة بايدن للنزاهة. ولعلّ تغيير وزارة الخارجية الأمريكية للمعلومات عن تايوان في صحيفة الحقائق الخاصة بها هو أحدث خطوة من جانب الولايات المتحدة للتراجع عن وعودها السياسية من خلال تفريغ مبدأ صين واحدة. وبغضّ النظر عن الحيل التي تمارسها الولايات المتحدة، فإنها لا تستطيع تغيير الحقيقة التاريخية المتمثلة في أن تايوان جزء لا يتجزأ من الصين، وحكومة جمهورية الصين الشعبية هي الممثل الشرعي الوحيد لها، كما قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية.