لبنان… فخر الدين ومصير أموال السياسيين في الخارج
موقع قناة الميادين-
زياد ناصر الدين:
التحقيق الدولي هو مؤشر لوضع عيون الغرب على الأموال اللبنانية الموجودة على أراضيه، إذ ستكشف السنوات المقبلة كارثة انهيار النظام المالي، وعدم وجود شفافية وقوانين لحماية أموال المودعين.
قد لا يخطر في بال الطبقة السياسية في لبنان أن يكون مصير أموالهم التي جرى تحويلها إلى الخارج وإيداعها في مصارف الغرب كمصير الأموال التي قام الأمير فخر الدين المعني الأول بوضعها في توسكانا وإسبانيا، ولم يُسمح له لاحقاً بإعادتها إلى البلاد.
كما تعدّ نفسها الطبقة السياسية في لبنان، عُدّ الأمير فخر الدين داهياً في السياسة عندما أخرج الذهب والأموال إلى الغرب، ونابولي تحديداً، حيث حصل على أفضل أنواع الخدمات الصحية والتجارية والعلمية والسياحية.
عندما تأكّد فخر الدين من استتباب الوضع، واتخذ قراراً بالعودة إلى إمارته وبلاده، صمّم على إعادة الأموال إلى بلاده فكان الجواب أنّ الأموال الموجودة في الغرب ستبقى هناك، ولا يمكن إعادتها إلى لبنان، بل يمكن التصرّف بها فقط داخل البلاد التي نُقلت إليها.
التاريخ يعيد نفسه اليوم مع طبقة سياسية تأسست وعاشت في خدمة رأس المال، واستطاعت تحويل أموالها إلى خارج لبنان، معتقدة أنّها تمكّنت من حمايتها بهذه الطريقة، فكانت النتيجة كالآتي:
1- أرباح المصارف موزّعة في الخارج لعدم ثقتها بالوضع الداخلي.
2- طبقة سياسية أموالها في الخارج أيضاً تصبح قراراتها مطابقة لما يطلبه هذا الخارج.
الاقتصاد في لبنان ليس وجهة نظر، ولا أرقامه كانت مدخلاً لدق ناقوس الخطر، لأنه كان يُعدّ اقتصاد رأس مالي سياسي. ففي العام 2005، كان الاحتياطي سلبياً ومستنزفاً ولم تنهر الليرة. وفي العام 2019، انهارت الليرة مع احتياطي يبلغ 33 مليار دولار.
إنّ التحقيق الدولي هو مؤشر وبداية لوضع عيون الغرب على الأموال الموجودة على أراضيه، وبالتالي ستكشف السنوات المقبلة كارثة انهيار النظام المالي وعدم وجود شفافية وقوانين لحماية أموال المودعين، وأنّ مصير أموال السياسيين الذين اضطروا إلى إخراجها من لبنان إلى الغرب سيكون كمصير أموال المودعين.
وهنا، على الطبقة السياسية التوقّف عن عدم الاكتراث للقضيّة، وأن تتحرّك لإيجاد حلول سريعة لأموال الناس التي يجب أن تُصنّف وتُفصل بين أموال الحق وغيرها:
1- أموال الحق: الأموال الادخارية وتعويضات نهاية الخدمة.
2- الرأسمال الاستثماري.
3- رأس المال السياسي الذي استفاد من الحد الأقصى للفوائد.
إنّ التجربة مع الغرب تؤكّد أنّه لن يكون بإمكان الطبقة السياسية السيطرة على أموالها في الخارج، ومن لم يستطع المحافظة على أموال الناس داخل لبنان لن يستطيع الحفاظ على أمواله خارج البلاد، والأمثلة عديدة وكثيرة من فخر الدين وصدام حسين وزين العابدين بن علي ومعمّر القذافي، إلى جميع الأنظمة السابقة التي حوّلت أموالها إلى خارج بلدانها، ولم يتمكّنوا من استردادها أو الاستفادة منها، ومن لم يقرأ التاريخ لم يرحم نفسه ولا بلاده.