لبنان غرق في العتمة وشبكة الكهرباء معرّضة للانهيار في أي لحظة
موقع العهد الإخباري:
لم يكن مستغربًا دخول لبنان السبت في العتمة بعد انهيار شبكة الكهرباء وتوقفها عن العمل. السياسة الرسمية المتّبعة في هذا الملف تُنذر بالأسوأ، اذ ثمّة هدر سنوي بملايين الدولارات دون تأمين الحد الأدنى المطلوب من التغذية الكهربائية. إلا أنّ أكثر ما يثير الغرابة يكمن في أنّ اللبنانيين يفتّشون عن بقعة الضوء ولبنان الرسمي عاجز عن اتخاذ موقف جريء لمصلحتهم وسط العروض الكهربائية المغرية سواء الروسية أو الصينية أو حتى الإيرانية والتي كان آخرها العرض الذي حمله وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان لجهة بناء محطتين لتوليد الكهرباء في الشمال والجنوب بقوة 2000 ميغاوات، وما سبقه من عروض لجهة تزويد لبنان بالمحروقات وبالليرة اللبنانية. والمُقلق أنّ أوضاع التغذية الكهربائية تزداد سوءًا يومًا بعد يوم، فشبكة الكهرباء معرّضة للانهيار مجددًا وبأي لحظة طالما أنّ الظروف مؤاتية ما يعني حُكمًا شلّ الحركة الحياتية.
الشبكة الحالية معرّضة للانفصال كل يوم طالما الإنتاج منخفض
مصادر في مؤسسة كهرباء لبنان تشرح لموقع “العهد” الإخباري ما حصل قبل أيام من انهيار للشبكة فتلفت الى أنّ انهيار شبكة الكهرباء أو “البلاك آوت” هو مصطلح يستخدم عندما تخرج معامل توليد الكهرباء عن الخدمة. وتؤكّد المصادر أنّ الشبكة الحالية معرّضة للانفصال كل يوم وبشكل دائم طالما إنتاج الكهرباء منخفض. وفي هذا الإطار، تعدّد المصادر الأسباب التي أدّت لانهيار الشبكة فتلفت الى أنّ قلّة “الدولارات” وبالتالي النقص الحاصل في تأمين الفيول أدى الى انخفاض الإنتاج ما تسبّب بضعف الشبكة.
ثاني الأسباب التي أدّت الى الانهيار تدرجها المصادر بما يحصل من تعديات على محطات التحويل الرئيسية من قبل بعض المواطنين، أضف الى عدم وجود مركز تحكم داخل مؤسسة كهرباء لبنان. وفق المصادر، انتقل المركز بعد انفجار مرفأ بيروت الى إحدى المحطات حتى باتت عملية التحكم تتم بطريقة بدائية ما يعني أننا غير قادرين على التحكم بشبكة الكهرباء كما يجب. وهنا تلفت المصادر الى أنّ إعادة المعامل الى العمل تمّت بواسطة المحركات العكسية وهو الأمر الذي تطلّب المزيد من الوقت اذ استغرقت العملية نحو 8 ساعات.
وفي معرض حديثها، تلفت المصادر الى أنّ ثمّة ثلاث مراحل لتوليد الكهرباء بدءًا من الإنتاج، النقل، والتوزيع. الإنتاج يتم على التوتر العالي عبر المعامل الأساسية في دير عمار، الزهراني، والذوق. هذه المعامل تنتج على نوعين من الشبكات 220 ألف فولت، و150 ألف فولت. يتم ربط هذه الشبكات عبر محطات تحويل رئيسية تدخل الى محطات أخرى كالضاحية، بعلبك، عرمون..الخ. يدخل التوتر العالي على المحطة فيخرج كتوتر متوسط بقوة 15 ألف فولت أو 11 ألف فولت، وعقبها ينتج توتر منخفض بقوة 220 فولت ليصل الى المنازل.
وتوضح المصادر أنّه عندما تنخفض الكمية الإنتاجية ويكون هناك سحب عال للكهرباء، فإنّ الشبكة معرّضة للانفصال نهائيًا. وبحسب المصادر، انخفض انتاج الكهرباء الى ما دون الـ500 ميغاوات في الشهر الأخير ما جعل الشبكة “مهزوزة” ومعرّضة للفصل بأي وقت.
الوضع صعب جدًا ولا حلول سحرية في الأفق
وفي ختام حديثها، تختصر المصادر الوضع الكهربائي بالإشارة الى أنّه صعب جدًا فلا حلول سحرية في الأفق. الفيول العراقي لا يكفي ولا بد من تأمين سلفة للمؤسسة أو “دولارات” من قبل مصرف لبنان. الإنتاج أقل من 400 ميغاوات، والتغذية لا تتعدى الساعتين ما يعني عدم استقرار بالشبكة. كمية الـ”الغاز أويل ـ المازوت” التي أخذت من الجيش على وشك النفاد. وفيما توضح المصادر أنّ ثمة باخرة “فيول أويل” موجودة بانتظار تفريغ حمولتها لرفع الإنتاج قليلًا في الذوق والجية، تشدّد على ضرورة شراء “الغاز أويل ـ المازوت” بأسرع وقت ممكن لرفع الإنتاج، داعية للالتفات الى العروض الإيرانية “المغرية” لشراء المحروقات من إيران بالليرة اللبنانية ما يزيد الإنتاج ويحافظ على الشبكة.
حاجة لبنان تتراوح ما بين 2800 و3000 ميغاوات والمعامل قادرة على تأمين 1800 ميغاوات فقط
مستشار وزارة الطاقة والمياه السابق المهندس بسام نصر الله يتحدّث عن العتمة التي عمّت لبنان، فيوضح أنّ حاجة لبنان الكهربائية تتراوح ما بين 2800 و3000 ميغاوات، لافتًا الى أنّ كافة المعامل الحالية قادرة على تأمين 1800 ميغاوات فقط بقدرتها القصوى. ويوضح نصرالله أنّ لدينا عدّة معامل حرارية هي :”الذوق القديم، الذوق الجديد، الجية القديم، الجية الجديد، الزهراني، دير عمار، بالإضافة الى صور وبعلبك اللذين يعملان على الغاز”. أما المعامل المائية الأساسية فهي ثلاثة عند نهر الليطاني وهي :” معمل ابراهيم عبد العال في مركبا، بول قرقش في وادي الأولي، وشارل حلو في وادي الأولي بمنطقة جون”. وهنا يلفت نصر الله الى أنّ فلسفة المعامل المائية تقوم على أنّ ضغط المياه يدفع “التوربين” الى العمل فتولّد الكهرباء، مشيرًا الى أنّ الكمية التي تولدها المعامل المائية ليست كبيرة اذ تبلغ القدرة الإنتاجية القصوى لمعمل بول قرقش العامل على الماء 70 ميغاوات، بينما القدرة الإنتاجية لمعمل دير عمار الحراري 500 ميغاوات.
ويرى نصر الله أنّ حل أزمة الكهرباء يتطلّب في المدى المنظور إعادة هيكلة شركة الكهرباء بطريقة سريعة ورفع الرسوم على الفاتورة لتمويل مسألة شراء الفيول، فضلًا عن العمل لإيجاد وسيلة لإعادة ميزان المدفوعات بطريقة إيجابية لتعويض النقص الحاصل بالسيولة في البلد وإحياء الاقتصاد.
وعلى المدى المتوسط يشدّد نصر الله على ضرورة بناء المعامل التي توقفت وتطبيق خطة الكهرباء التي أنجزت عام 2010 وجرى إدخال بعض التعديلات عليها عام 2017 ليكون لدينا كهرباء 24/24 خلال عامين.