لبنان: عون ودياب يحذران من الفتن والفوضى ويدعوان إلى حوار لإخراج البلد من أزماته
حذر كل من الرئيس اللبناني ميشال عون ورئيس الوزراء حسان دياب اليوم (الخميس) من انزلاق لبنان إلى الفتن والفوضى، ودعيا إلى حوار لتعزيز الوحدة الوطنية وتغليب منطق الدولة وإيجاد مخارج لأزمات البلد العميقة.
جاء ذلك في كلمتين القاهما عون ودياب في مستهل لقاء وطني دعا اليه عون رؤساء الجمهورية والحكومة السابقين ورؤساء الكتل في البرلمان تحت عنوان الأمن والحفاظ على السلم الأهلي.
وقد انعقد اللقاء على وقع تجاذبات وفرز سياسي بين الموالاة والمعارضة فقد حضر 11 شخصية من بين 20 تمت دعوتها فيما اعتذر عن المشاركة 9 شخصيات.
وخرق الفرز بين الموالاة والمعارضة مشاركة رئيس كتلة “الحزب التقدمي الاشتراكي” تيمور جنبلاط البرلمانية المعارضة فيما قاطع من الموالاة رئيس كتلة تيار “المردة” البرلمانية سليمان فرنجية الممثل في الحكومة.
وأبرز المقاطعين هم رؤساء الحكومات السابقين ورئيس “كتلة المستقبل” سعد الحريري وهم من القوى الأساسية على الساحة السنية ،إضافة إلى رؤساء كتل أحزاب “القوات اللبنانية” و”الكتائب” المسيحية.
وتعددت أسباب المتغيبين بين من أعلن “عدم المشاركة في اجتماع بلا أفق” مثلما ذكر رؤساء الحكومات السابقون وبين من أعلن عدم المشاركة مع التمني للحاضرين التوفيق في مسيرتهم مثلما فعل رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية، وبين من أعلن مقاطعة اللقاء لأنه لا يتعدى محاولة تحميل الآخرين فشل السلطة مثلما فعل رئيس “حزب القوات اللبنانية” سمير جعجع.
وأكد الرئيس اللبناني أن “اللقاء الوطني” يحمل عنوان “حماية الاستقرار والسلم الأهلي”، مشيرا إلى أنه “كان يأمل أن “يضم جميع الأطراف والقوى السياسية لأن السلم الأهلي خط أحمر”.
ولفت إلى أن ما جرى في الشارع في الأسابيع الأخيرة في بيروت وطرابلس كبرى مدن الشمال وضاحية بيروت الجنوبية في عين الرمانة من مواجهات بين المحتجين والقوى الأمنية وتوترات مذهبية وطائفية “يجب أن يكون إنذارا لتحسس الأخطار الأمنية التي قرعت أبواب الفتنة من باب المطالب الاجتماعية”.
ونبه إلى أن “هناك من يستغل مطالب الناس المشروعة من أجل توليد العنف والفوضى لتحقيق أجندات خارجية مشبوهة بالتقاطع مع مكاسب سياسية لأطراف في الداخل”.
وقال “لقد لامسنا أجواء الحرب الأهلية بشكل مقلق، وأطلقت بشكل مشبوه تحركات مشبعة بالنعرات الطائفية والمذهبية، وإبراز العنف والتعدي على الأملاك العامة والخاصة وتحقير الأديان والشتم، كحق مشروع للمرتكبين”.
وأكد أنه “إزاء التفلت غير المسبوق وشحن النفوس … كان لابد من عقد اللقاء الوطني الجامع لوضع حد نهائي لهذا الانزلاق الأمني الخطير”.
ولفت إلى أن لبنان يمر بأسوأ أزمة مالية واقتصادية، ويعيش شعبنا معاناة يومية خوفا على لقمة العيش.
وحذر من أن “الانقاذ ليس ممكنا إن ظل البعض مستسهلا العبث بالأمن والشارع، وتجييش العواطف الطائفية والمذهبية ..والتناغم مع بعض الأطراف الخارجية الساعية إلى جعل لبنان ساحة لتصفية الحسابات، وتحقيق المكاسب، عبر تجويع الناس، وترويعهم، وخنقهم اقتصاديا”.
وقال “نحن غافلون عن دروس الماضي القريب، كما عن دروس المنطقة والجوار”، داعيا أمام التحديات والغليان الإقليمي والمخاطر التي قد تنشأ عما يعرف ب”قانون قيصر” إلى “الوحدة حول الخيارات المصيرية”.
وشدد على الوقوف “يدا واحدة في مواجهة الفتنة وتحصين السلم الأهلي كي لا ندخل في نفق لا خروج منه”، مؤكدا أن “هذا هو الخط الأحمر الحقيقي والذي لن يكون هناك أي تساهل مع من يحاول تجاوزه”.
بدوره شدد رئيس الوزراء حسان دياب على “الدفع نحو التقاء اللبنانيين في حوار يعطل صواعق الفتن ويفتش عن مخارج للأزمات العميقة التي يعيشها لبنان”.
ولفت إلى أن اللبنانيين يتطلعون بقلق إلى المستقبل بسبب الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والمعيشية المؤلمة، وقال “كيف يمكن أن يكون الوطن بخير وهناك مواطن يجوع”.
ورأى أن “العلاج هو مسؤولية وطنية وليس فقط مسؤولية حكومة جاءت على أنقاض الأزمة”، داعيا الجميع إلى المساهمة في الإنقاذ ومحذرا أنه “لن يبقى شيء في البلد للتنافس عليه إذا استمر هذا الشقاق والقطيعة والمعارك المجانية”.
ودعا إلى “تقديم مصلحة البلد، وتغليب منطق الدولة، كي نتمكن من تخفيف حجم الأضرار التي قد تكون كارثية”.
وقال إن “اللبنانيين لا يتوقعون من هذا اللقاء نتائج مثمرة..وانهم لا يهتمون اليوم سوى بأمر واحد هو كم بلغ سعر الدولار”.
ودعا إلى “أفعال تخفف عن اللبنانيين أعباء وأثقال يومياتهم وحمايتهم من الغلاء الفاحش وتأمين الكهرباء، وحفظ الأمان والاستقرار وتحرك القضاء ضد الفاسدين وضبط سعر صرف الدولار أمام الليرة اللبنانية وحفظ قيمة رواتبهم ومدخراتهم”.
وطالب دياب بأن يكون اللقاء بداية عمل وطني واسع تنبثق عنه لجنة اتصالات تعمل مع القوى السياسية والحراك المطلبي وهيئات المجتمع المدني على رفع توصيات إلى اللقاء مجددا .
ويشهد لبنان منذ 17 أكتوبر الماضي احتجاجات شعبية ترفع مطالب اقتصادية وسياسية أجبرت حكومة سعد الحريري على الاستقالة في 29 من الشهر ذاته لتشكل في 11 فبراير الماضي حكومة برئاسة دياب تحاول وقف التدهور وحل المشاكل المالية والاجتماعية.
ويعاني لبنان من أزمة مالية واقتصادية وتدهور معيشي متصاعد وشح في السيولة وقيود مصرفية على سحب الودائع، ما دفع الحكومة إلى التوقف عن سداد الدين الخارجي في إطار إعادة هيكلة شاملة للدين، الذي تجاوز 90 مليار دولار.
وتفاقمت الأزمة المالية بفعل تداعيات مرض فيروس كورونا الجديد (كوفيد-19) وتجسدت في تراجع سعر صرف الليرة اللبنانية الذي تجاوز في السوق السوداء حدود 5 آلاف ليرة لبنانية لكل دولار مع تصاعد البطالة والفقر وتراجع قدرات اللبنانيين الشرائية مع ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية بنسبة 60 في المئة.
وتأمل حكومة دياب في تنشيط القطاعات المختلفة في البلاد لإنعاش الاقتصاد اللبناني بعدما أقرت في 29 أبريل الماضي خطة إصلاح وإنقاذ اقتصادي تستمر 5 سنوات، وشرعت في التفاوض مع صندوق النقد الدولي للحصول على مساعدات مالية.