لبنانيان متهمان بتمويل “داعش”.. و”النشرة” تتحرّى عنهما
موقع النشرة الإخباري ـ
ماهر الخطيب:
في الأيام الأخيرة، إنتشرت على بعض المواقع الإلكترونية العراقية والعربية بأسماء أكاديميين وناشطين ورجال دين ينتمون إلى 31 دولة تصنّفهم وثائق أميركية بأنّهم من المموّلين للحركات الإرهابية والمجموعات المسلحة في الشرق الأوسط، لا سيما “داعش” في كلّ من سوريا والعراق.
ويعود المصدر الأساسي لهذه اللائحة إلى وكالة “واي نيوز” العراقية التي استندت إلى تقريرٍ أصدرته وزارة الخارجية الأميركية، وتحدّثت فيه عن سبعة أشكال لهذا الدعم، أهمها يتخذ الشكل المالي عن طريق الصدقات والتبرّعات والزكاة بعد إثارة العاطفة والحماسة لدى المسلمين، إضافة إلى تحسين صورة الجهاد المسلح والتجنيد والدعوة له.
وتبيّن الوثائق أنّ أنواع المساندة تشمل كذلك إقامة المؤتمرات والندوات لتوسيع العلاقات بين قيادات الفصائل المسلحة أو من ينوب عنها لتنسيق وتوسيع عملياتهم وسبل تمويلها وتحديد تكاليفها، إضافة إلى رصد مبالغ كافية لتطوير المواقع الإلكترونية الخاصة بالفصائل والحركات الارهابية، ونشر الكتب والرسائل والمطبوعات الاخرى.
وفيما تشير الوثائق إلى أنّ التبرّعات الخاصة من دول الخليج لا تزال تشكّل المصدر الرئيسي لتمويل الجماعات الإرهابية، تكشف أن “التمويل بالدرجة الأساس يذهب لجيش المجاهدين وكتائب ثورة العشرين وحماس العراق والجيش الإسلامي الذي يُعَدّ أكبر فصيل مسلح في العراق”.
واللافت أنّ من بين الأسماء التي وردت في التقرير بوصفها مموّلة لهذه الحركات، وجود لبنانيَّين اثنَين هما مدير “دار النفائس للطباعة والنشر” أحمد راتب عرموش ورجل الأعمال توفيق أنيس البلعة، علمًا أنّ مدير تحرير “واي نيوز” زياد العجيلي يؤكد، في حديث لـ”النشرة”، أن المعلومات الواردة تعود إلى تقرير أمني عراقي، ويوضح أن نشره تم قبل ما يقارب الشهر. وفي حين يتحفظ العجيلي عن ذكر مصدر المعلومات، يلمّح الى أن التسريبات جاءت من جهات أمنية، يصفها بـ”الموثوقة”.
وفي متابعة للموضوع، اتّصلت “النشرة” بعرموش الّذي أكّد أن هذه الإتهامات غير صحيحة، واعتبر أن سبب الزجّ بإسمه في مثل هذه الأمور قد يكون عائداً إلى بعض كتاباته أو ما يصدر عن الدار.
ويشير عرموش إلى أنّها ليست المرة الأولى التي تصدر فيها مثل هذه “الفبركات”، ويُزَجّ باسمه فيها، ويؤكد أن توجهاته الفكرية معروفة لدى الكثيرين، وينفي إتصال أي من الأجهزة الأمنية به للتحقق من هذه المعلومات.
وفي حين تصف بعض المواقع الإلكترونية السورية عرموش بأنه “معارض سوري” خصوصًا أنه من أصول سورية، يوضح عرموش أنه منذ 30 عاماً كان معارضاً لكنه اليوم خارج العمل السياسي، ويستبعد أن يكون النظام السوري وراء هذا الأمر، قائلاً: “لست مع النظام لكن لا أعمل ضده أيضاً”.
ولدى سؤاله عن رأيه بالجماعات المسلحة التي يتم الحديث عن أنه أحد أبرز داعميها، يقول: “هي جماعاتٌ تقف خلفها أجهزة مخابرات هدفها تشويه صورة الإسلام والمسلمين، ولستُ مهتمًّا بما ينشر فأنا ضدّ هذه الجماعات ولا أمارس أي نشاط سياسي ولا أعرف من قد يكون وراءها”.
أما بالنسبة إلى البلعة، الوارد إسمه أيضاً ضمن الأعضاء المؤسسين لـ”الحملة العالمية لمقاومة العدوان”، فقد تبيّن لدى محاولة الإتصال به أنه خارج لبنان، وطلب المجيب محاولة الإتصال لاحقاً حيث من المفترض أن يعود إلى بيروت خلال أيام.
وفي تعريف وارد على الموقع الإلكتروني لـ”الحملة العالمية لمقاومة العدوان”، يعود تاريخ نشره إلى 17-5-2006، يتبين أنها “إطار تتضافر فيه جهود أبناء الأمّة، لتذكيرها بواجب النصرة، وتوعيتها بحقها في الدفاع عن نفسها، ومناهضة المعتدي بالطرق الشرعية الممكنة وبالوسائل المؤثرة، وقد أسست الحملة امتثالاً لأمر الله تعالى وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم بالتعاون على البرّ والتقوى ونصرة المظلومين ودفع المعتدين”(1).
وبعد محاولات عديدة، تمكنت “النشرة” من الإتصال بشقيق البلعة، يوسف البلعة، الذي أكد أن ما يتم الحديث عنه غير صحيح على الإطلاق، وأن شقيقه لا يتعاطى الشأن السياسي ولا ينتمي إلى أي من الأحزاب السياسية اللبنانية، بالرغم من أن لديه نشاطًا خيريًّا.
كما ينفي شقيق البلعة أن يكون لديه أي معلومة حول الموضوع، أو انتماء شقيقه الى الحملة التي يرد إسمه كأحد الأعضاء المؤسسين لها، ويشير إلى أنه لا يوجد أي نشاط له في العراق، وجميع أعماله التجارية محصورة بالسوق اللبنانية، ويكشف أن أخيه موجود حالياً في العاصمة البريطانية لندن لحضور إحدى المناسبات الإجتماعية وسيعود إلى لبنان خلال أيام.
في المحصّلة، ينفي كل من عرموش وشقيق البلعة المعلومات التي تتحدث عن أنهما من أبرز داعمي الجماعات الإرهابية في العراق وسوريا، ويؤكدان أنها غير صحيحة على الإطلاق، في حين يصرّ مدير تحرير “واي نيوز” أن مصدر المعلومات موثوق، ما يشرّع علامات الاستفهام الكثيرة حول الحقيقة التائهة، وعلامات استفهام أكبر حول قول عرموش أنّ الأجهزة الأمنية لم تتواصل معه للتأكد مما نُشِر لا اليوم ولا سابقًا، ليبقى السؤال: ألم تكن مطلعة على هذه المعلومات؟
(1) من بين أهداف “الحملة العالمية لمقاومة العدوان” الإستراتيجية: “العمل على توعية الأمّة بمخططات أعدائها، ودعوتها للحفاظ على هويتها، واستنهاض الروح الإسلامية لدى المسلمين لخدمة دينهم وأمتهم والدفاع عن حقوقهم، والعمل على التنسيق والتكامل بين الجهود الشعبية والرسمية في بلاد المسلمين لخدمة القضايا الإسلامية والإنسانية، والعمل على التواصل الفعال مع الشعوب والمؤسسات والهيئات العالمية الرافضة للظلم والتسلط على الشعوب ومقدراتها، توضيح الصورة الحقيقية للإسلام، وإبراز الجوانب الأخلاقية والإنسانية في تشريعاته، وكشف زيف الحملات المغرضة ضد الإسلام، دفع عدوان المعتدين بالوسائل المشروعة الممكنة”.
وضمن خانة “المبادئ العامة”، يظهر أن “برامجها ونشاطاتها مشروعة وسلمية”، وعملها “يختص بمقاومة العدوان الموجه إلى الإسلام والمسلمين والبلاد الإسلامية من العدو الخارجي، ويسهم في دفع الظلم الواقع على الشعوب غير الإسلامية”، كما تقوم برامج ونشاطات ومواقف الحملة على “الدراسة والمعرفة والمعلومات”، وهي “عالمية شعبية لا تنحصر في بلد ولا تتبع دولة ولا تمثل حزباً”، و”الحملة خيرية غير هادفة للربح”، وتعتمد “مبدأ الشورى في الحملة وتساوي جميع أعضائها المؤسسين”.