لا دم دافق من العنق ولا صيحات تكبير ولا خوف من القتل. شكوك تحوم حول فيديو ذبح الصحافي الأميركي
ثارت حول فيديو ذبح الصحافي الأميركي جيمس فولي شكوك منطقية، خصوصًا أنه بدا متعافيًا ومتماسكًا أمام سكين النحر، بينما غاب الدم الذي ينفر من النحر، وصيحات التكبير التي ترافق عمليات النحر في العادة.
شاهد العالم مذهولًا شريط فيديو ذبح أحد عناصر تنظيم الدولة الاسلامية المصور الصحافي الأميركي جيمس فولي، فصدق الأمر فورًا، خصوصًا أن صيت هذا التنظيم في النحر يسبقه إلى كل أرجاء العالم، بعدما نشر غير مرة مقاطع فيديو لعناصره وهم يتبارون في فصل الرؤوس عن الأجسام.
سمات الناحر
ما أن نشر مقطع نحر فولي، حتى انكبت أجهزة مخابرات عديدة، على رأسها الأميركية والبريطانية، لتحليل محتواه، والتأكد من صحته، والتعرف على هوية الناحر، خصوصًا أنه تكلم في المقطع بلهجة لندنية.
وهذا الناحر طويل القامة، يستخدم يده اليسرى، تسعى المخابرات البريطانية إلى فك لغز هويته، اعتمادًا على ميزات عدة، كلون عينيه وبصمة صوته وطوله واستخدامه يده اليسرى، من أجل تصنيف بيانات أكثر من 400 بريطاني، هجروا عائلاتهم والتحقوا بصفوف تنظيم الدولة الاسلامية للقتال في سوريا والعراق خلال السنوات الخمس الأخيرة.
بدا متعافيًا
فسمات الناحر واضحة إذًا. لكن ثمة تشكيك في عملية النحر نفسها، أو في عملية تصوير النحر، انطلاقًا من تفاصيل تنبه إليها العددي من الخبراء في علم الجريمة، والمختصين في تحليل سلوك عناصر المنظمات الجهادية، كتنظيم الدولة الاسلامية.
فقد لفت أحد خبراء التصوير النظر إلى أمر لافت، وهو أن فولي ظهر في الشريط وكانه تمثال من شمع، أي لا حياة فيه، ولا أثر خوف أو انهيار على وجهه، وهو ينتظر لحظة يحز السكين عنقه. بل حتى أنه تكلم رسالته ببرود لافت لا يمكن تصديقه، وكأنه عارف في قرارة نفسه أنه لن يموت، وأن الأمر مجرد “تمثيل دور” لا أكثر، بل حتى بدا متعافيًا جدًا، وهو من أمضر 635 يومًا في معتقل أعتى التنظيمات الجهادية وأقساها على الاطلاق.
أين صيحات التكبير؟
كما لفت خبير في التصوير السنمائي إلى أن الصوت في المقطع المصور كان جيدًا جدًا، وهذا ليس منطقيًا، ما دام التصوير يتم خارجيًا في منطقة صحراوية، متسائلًا: “أين صوت الهواء مثلًا؟”.
ويعقب عارف بأسلوب عناصر التنظيم في النحر سائلًا: “أين صيحات التكبير التي ترافق في العادة عمليات النحر؟ وأين العناصر الآخرين الذين يحضرون النحر؟ ولماذا يغطي الناحر وجهه وهذا ليس من عادات عناصر التنظيم، بل يذبحون ويتباهون علنًا بما يفعلون؟ لماذا يحمل الناحر على كتفه الأيسر رشاشًا، وليس من عادة الناحرين أن يكونوا مسلحين عند الذبح؟”
الدم قليل
أسئلة منطقية لا جواب عنها. ويضاف إليها سؤال لا يحتاج أن يطرحه خبير. لماذا لم ينفر من عنق فولي حين ذبحه دم غزير، كما يحصل في حالات الذبح الأخرى؟ فبقع الدم التي ظهرت بجانب الجثة قليلة، لا تضاهى بكمية الدماء التي تظهر متدفقة في مقاطع فيديو أخرى منشورة.
حتى أن الدم لم يلوث يد الناحر، بعدما ذبح فولي وفصل رأسه عن جسمه، ثم أمسك بعنق الصحافي الأميركي ستيفن ستولوف متوعدًا بقطع رأسه أيضًا لو استمرت الغارات الأميركية على مواقع التنظيم في العراق.
وغياب الدم يلفت إلى غياب لقطة حز العنق نفسها. ولماذا تغيب هذه اللقطة الثمينة؟ لأن تزويرها صعب جدًا. فقد حاول الناحر في الفيديو أن يغطي بيديه عنق فولي، لذلك يقول خبير بريطاني إن الناحر قد لا يكون هو نفسه من ظهر في الفيديو.
غير سكين وغير ناحر
نقلت تايمز الأميركية عن خبير أمني قوله: “حين تقترب السكين من العنق، تتراخى الضحية وتنهار، وتتحول إلى لعبة من قماش، بينما بقي الصحافي متماسكًا جالسًا على ركبتيه في وضع مستقيم، ومن الممكن أن تلك السكين لم تستخدم في قتله، بل لتمثيل المشهد فقط”.
ويعتقد الخبير بأن الناحر استخدم سكينًا مختلفة لأنها صغيرة، على افتراض أن الناحر كان هو نفسه من ظهر في الفيديو.
كما نقلت تايمز عن بول كيرسويل، الخبير بالإنجليزية ولهجاتها من كلية العلوم اللغوية بجامعة يورك، قوله: “اللهجة اللندنية التي تحدث بها الناحرلا تدل عليه، فلهجة لندن من ثقافات المتنوعة، وقد يكون من يتكلمها عربيًا أو صوماليًا أو باكستانيًا، أو تعلمها من مدرّس خارج بريطانيا”.
مروان شلالا – ايلاف