لا بد من وقف السرقة التركية لمياه دجلة والفرات
صحيفة البعث السورية-
د. رحيم هادي الشمخي*:
تعاني الأراضي الزراعية والقوى البشرية في العراق وسورية من شحّ المياه في نهر الفرات نظراً لحجبها من قبل تركيا التي استحوذت على حصة القطرين الشقيقين، مخالفة بذلك أحكام القانون الدولي الذي يحدّد فيه حصة كل دولة من المصبّ إلى شط العرب جنوب العراق، وحدث جراء ذلك هجرة الفلاحين والمزارعين إلى المدن تاركين أرضهم التي تدرّ عليهم محصولات وفيرة، وحدائقهم الغنّاء التي زيّنت شواطئ نهر الفرات العظيم نظراً لما حلّ بهذه الأرض من تصحّر وهلاك للمواشي ونضوب للأهوار التي تقع في وسط وجنوب العراق، إلى جانب حاجة الأراضي الزراعية والتجمعات السكانية في الجانب السوري إلى كميات وفيرة من مياه نهر الفرات الذي كان في يوم من الأيام يفيض بالمياه التي غمرت مساحات واسعة من الأراضي الزراعية في سورية والعراق.
إن ما تقوم به تركيا من أعمال عدوانية بحجب المياه ومنع العراق وسورية من استصلاح أراضيهما الزراعية وإرواء مزروعاتهما لهو دليل آخر على الأطماع الأردوغانية، سواء في منع المياه أو في احتلال الأراضي العراقية والسورية بالقوة، وقد نبّه الجانبان العراقي والسوري إلى خطورة الموقف المتفاقم من جراء هذا التآمر التركي بسرقة مياه الفرات خلافاً لحقوق الشعوب في تنمية مواردها الزراعية والصناعية، والاعتماد على زرع مساحات واسعة في الصحراء والبوادي، وحاجة التجمعات السكانية التي تعيش على شواطئ نهر الفرات إلى سقي مزروعاتهم والشراب اليومي، ومما تجدر الإشارة إليه أن تركيا لديها معاهدات أبرمت في الآونة الأخيرة مع إسرائيل لبيع مياه نهر الفرات لها ومدّ أنابيب للمياه عبر البحر المتوسط، كما أن الأتراك قاموا بتوسيع سد كيوان وملؤوه بالمياه إلى جانب بناء 4 سدود أخرى لحجب المياه المتدفقة من الأنهر الفرعية التي تصبّ في نهر الفرات مثل مراد صو وفرات صو.
هذه المؤامرة التركية- الإسرائيلية يُراد منها تحويل أراضي القطرين الشقيقين العراق وسورية إلى واحات من التصحر وهجرة آلاف الفلاحين والمزارعين من أراضيهم، وتدمير الاقتصاد الوطني وشلّ حركة العمران، ومنع زراعة الرز والقمح والشعير، وموت الأشجار والخضراوات وقتل النخيل في سورية والعراق، إضافة إلى إيقاف الطاقة الكهربائية. ولا ننسى أن لتركيا أطماعاً جمّة في نهر دجلة والفرات، وتحاول بناء السدود عليهما لتحويل الأرض الزراعية إلى صحراء قاحلة.
إن تركيا بتهديد دول الجوار الجغرافي مثل العراق وسورية تمثل التهديد الأكبر للأمن المائي العربي، كما هي أثيوبيا التي تمثل التهديد لمياه النيل وسلب حقوق القطرين العربيين مصر والسودان وبناء السدود على نهر النيل (سد النهضة). وليس الخطر الخارجي بسلب المياه العربية جديداً، بل ينحدر منذ الستينيات، منذ إقدام الكيان الصهيوني على مشروعه لتحويل مياه نهر الأردن وما بعد هذا المشروع من سرقة مياه النيل والليطاني، فالنيل مصدر مياه الشعبين المصري والسوداني، تتحكم في مصيره سبع دول هي: تنزانيا، بوروندي، رواندا، زائير، كينيا، أوغندا وأثيوبيا التي هي أكثر الدول تهديداً للأمن المائي المصري والسوداني.
إن تركيا أصبحت اليوم تتحكم وحدها بمصير المياه في نهري دجلة والفرات، ضاربة كل المواثيق والأعراف والقوانين الدولية بعرض الحائط، ومخالفة أحكام القانون الدولي في تقسيم المياه بين الدول الواقعة على ضفاف نهر الفرات.
من هنا لابد من موقف عراقي- سوري مشترك لإيقاف الاستحواذ التركي على مياه الفرات الذي يهدّد حياة الملايين من العراقيين والسوريين، وينبئ بأكبر كارثة زراعية وبيئية وسكانية تهدّد بلاد وادي الرافدين.
*كاتب عراقي