كيف سترد موسكو على اسقاط تركيا للطائرة الروسية؟
موقع العهد الإخباري ـ
راغب فقيه:
شكّلت حادثة إسقاط الطائرة الروسية في سوريا من قبل مقاتلات تركية “خضّة” دولية، يكاد يجزم مراقبون أن تداعياتها ستكون وخيمة على صعيد الأمن والإستقرار في العالم ككل.
العلاقات بين موسكو وأنقرة لم تكن منذ إندلاع الأزمة السورية إلا متوترةّ، وهي شهدت منذ بدء العمليات الروسية تصاعداً في حدّتها علماً أن الانقسام قائم أصلا بينهما نظرًا لدعم روسيا للشرعية السورية في حين تقف تركيا إلى جانب المسلحين التكفيريين تمدّهم بالمال والسلاح. فهل يعتبر اسقاط الطائرة الروسية في مثل هذه الظروف صاعقاً لحرب اقليمية أو حتى دولية؟، مع ما قد يترتب على ذلك من نتائج خطيرة؟، أم أنه بدء مواجهة غير مباشرة بين الأطراف الدولية المعنية بالأزمة السورية؟، وأين سيرد بوتين الطعنة التي تلقاها في ظهره؟، في الإقتصاد أم في السياسة أم في العسكر أو في الثلاثة معاً؟.
الخبير في الشؤون الروسية د. اسنكدر كفوري رأى أن إسقاط طائرة “سو-24” الروسية في سوريا هو عمل إستفزازي خطير وواضح عن سابق تصور وتصميم، منبّهاً إلى أن سرعة لجوء الأتراك إلى الأمم المتحدة وقوات حلف شمال الأطلسي “الناتو” يثبت وجود نوايا مبيّتة من تركيا ومن يقف خلفها تجاه موسكو.
وفي حديث لموقع “العهد” الإخباري أكد د. كفوري أن العمليات الروسية في سوريا لن تتوقف وستزداد قوة لأن من يعتقد أن الإساءة إلى الدب الروسي ستوقفه يكون واهناً، بل على العكس ستزيده قسوة وستدفعه للإسراع في إغلاق الحدود السورية مع تركيا وقطع طرق إمداد المسلّحين.
وكشف د. كفوري عن إجراءات اتخذتها القيادة العسكرية الروسية على عجل قوامها إتباع الوسائط القتالية والقاذفات الصاروخية بطائرات تؤمّن لها الحماية الجوية كـ”الميغ” والسوخوي”، كما سيجري تركيب مجمع دفاع جوي (منظومات دفاع جوي متطورة كالـ”أس 300″ أو الـ”أس – 400″ لإسقاط أي طائرة معادية).
وأشار الخبير في الشؤون الروسية إلى أن التوتر بين البلدين ليس الأوّل من نوعه، لافتاً إلى أن الروس كانوا قد أجروا بعد إطلاق عملياتهم العسكرية في سوريا إتفاقات مسبقة مع الأتراك والأميركيين لتفادي سوء التفاهم الناتج عن حوادث مماثلة.
ويأتي إستهداف المقاتلة الروسية في ظلّ قرار روسي حاسم بإغلاق الحدود التركية السورية، عكسته العمليات العسكرية السورية المكثّفة في الشمال السوري والإنجازات المهمة التي تحرزها في منطقة الساحل تحديداً، الأمر الذي لا يروق لأنقرة الداعم والممول الأساسي للإرهاب، التي تستفيد مالياً من الأزمة السورية عبر شراء النفط السوري بأسعار بخسة وسرقة الآثار السورية ومعامل حلب التي تنافس بصناعاتها المنتوجات التركية، فضلاً عن “أطباء الموت” الأتراك الذين يجولون بحثاً عن أعضاء بشرية لبيعها في العالم، على ما أكد د. كفوري.
وعن تداعيات هذه الحادثة، شدد د. كفوري على أنها ستكون كبيرة جداً على العلاقات بين أنقرة وموسكو، لأن بوتين شخصية تبني سياساتها وفق المعيار الأخلاقي وهو لا يساوم على دماء شعبه، وعليه فإن أمامه مروحة إجراءات تمكّنه من الرد بعضها سياسي وآخر ذو أبعاد إقتصادية كوقف الرحلات السياحية إلى تركيا، علماً أن نسبة السياح والتجار الروس في تركيا هي الأعلى بين نظيراتها.
وجزم الخبير في الشؤون الروسية بأن التصرّف التركي الهمجي أثاء غضباً وإستياءً عارماً لدى السياسيين والإعلاميين الروس، واصفاً حدث إسقاط الطائرة الروسية بأنه عملية صدم من “الناتو” لروسيا، المستفيد الأوّل من ورائها مثلّث “إسرائيل” – تركيا – السعودية.
وإستغرب د. كفوري إقدام تركيا على الإتصال بـ”الناتو” والأمم المتحدة لتحريضهم على روسيا، بدل مبادرتها للإعتذار وشرح الموقف، كما تفعل عادة الدول المتحضّرة في مثل تلك الأوضاع.