كيف رممت “الفوالق التركية” “صدع” العلاقات اللبنانية _ السورية
وكالة أنباء آسيا-
زينة أرزوني:
“من اللحم الحي، لن نترك الشعب السوري للموت”، هذا ما أكده وزير النقل والاشغال في حكومة تصريف الاعمال علي حميه، قبيل وصوله مع الوفد الوزاري اللبناني الى سوريا.
خطوة لبنان المُستدركة تجاه سوريا، فاجأت الجميع، فاجأت من هم في الداخل اللبناني قبل الخارج، فالدولة التي لا تكترث لهموم شعبها الذي بات تحت انقاض الديون، سارعت الى تقديم العون الى سوريا المنكوبة اليوم، متخطية عقوبات “قيصر”، عبر فتحها الموانئ اللبنانية، ومطار بيروت امام الطائرات والباخرات التي تنقل المساعدات الى سوريا، في موقف يُحسب لها بحسب اوساط سياسية، مؤكدة انه لم يكن متوقعاً مثل هذا المبادرة من قبل لبنان الذي كان خائفاً من العقوبات الأميركية، ولم يتجرأ على الوقوف بوجهها لاستجرار الغاز المصري، أو القبول بالهبة الإيرانية.
خطوة فتح المعابر اللبنانية أمام كل أشكال الدعم المتوجهة الى سوريا، من شأنها المساعدة على تسهيل تقديم مساعدات كبيرة لسوريا، من قبل أشخاص أو جهات أو مؤسسات لا تريد الخضوع للعقوبات الأميركية.
اما لائحة الاحتياجات المطلوبة، التي قدمها القائم بالأعمال في السفارة السورية في لبنان علي دغمان، لوزراة الخاريجة اللبنانية فقد حملها الوفد الوزاري معه الى سوريا، برئاسة صاحب فكرة تشكيل الوفد وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب، مكلّفاً من رئيس الحكومة ميقاتي، وبمشاركة وزير الاشغال العامة والنقل علي حمية، وزير الشؤون الاجتماعية هكتور الحجار ووزير الزراعة عباس الحاج حسن.
كما بحث الوفد على مدى ساعة تقريباً مع الرئيس السوري بشار الأسد، كيفية تقديم الدعم الانساني لسوريا، بعدما جرى سرد تاريخي كيف وقفت سوريا إلى جانب لبنان، وكيف وقف لبنان إلى جانبها خلال الحرب، واستقبل النازحين من دون شرط أو قيد، بحسب ما أكده الوزير حجار، لافتاً الى انه تم التأكيد على ان لبنان سيستكمل دعمه لسوريا، مشدداً على ان الشرق الأوسط مناطق لقاء، وعلاقتهم كدول تتخطّى المصالح ومبنية على القيم.
وإلتقى أعضاء الوفد وزير الخارجية والمغتربين السوري فيصل المقداد، معلنين “تضامنهم مع الشعب السوري في هذه المحنة بالإمكانات المتاحة للمساعدة في مجالات الاغاثة”.
وعلى الرغم من ان الحكومة حرصت على إعطاء الزيارة طابعاً انسانياً، من باب “التواصل مع الأشقاء في سوريا، ووضع كافة الإمكانات المتاحة لأجل المساعدة الإنسانية في عمليات البحث والانقاذ وغيرها”، إلا أن الزيارة بقيت محط انتقاد واسع، لما اعتبرته أوساط سياسية معارضة للرئيس السوري، فرصةً للتطبيع مع دمشق، بحجة الكارثة الإنسانية.
وكان قد استبق الوفد الوزراي الى سوريا، فرقاً من الجيش والدفاع المدني والصليب الاحمر ومجموعات من كشافة الرسالة التابعة لحركة “أمل” و”حزب ال له”، ومتطوعين من هيئات مختلفة، لتقديم الدعم في عمليات الاغاثة.
فهذه الفرق تعمل من منطلق انساني على الرغم من ان رواتبها في لبنان لم تعد تساوي شيئاً، ووضعهم بات مزرياً، الا ان واجبهم الانساني لم يمنعهم من المشاركة في رفع الانقاض والوقوف الى جانب الشعب السوري المنكوب، بحسب تعبيرهم.
في السياق، ما زالت أعمال البحث والإنقاذ لفوج الهندسة في الجيش اللبناني في تركيا وسوريا، جارية.
ونجحت الجهود المبذولة من قبل رجال فوج الاطفاء والصليب الأحمر والجيش اللبناني بالفعل في إنقاذ إمرأة تركية حامل وطفلتها وانتشالهما أحياء من تحت انقاض أحد المباني المدمرة بالكامل، وإسعافهما إلى إحدى المستشفيات الميدانية لتلقي العلاج اللازم، كما نجحوا أيضاً في إنقاذ إحدى العائلات وعدد من الأطفال الذين كانوا عالقين داخل إحدى الأبنية التي انهار جزءًا منها في إحدى الولايات التركية.
من الواضح اذاً، ان الهزات والارتدادات التي شعر بها لبنان نتيجة زلزال تركيا، حرّكت “الصفائح السياسية” في لبنان، وعملت “الفوالق التركية” الحركة والنشطة على ترميم “صدع” العلاقات اللبنانية السورية، بعدما كانت ولفترة طويلة راكدة على صفيح ساخن من الفوالق.