كلية الحقوق في الجامعة اللبنانية: لا سلطة للمحكمة الدولية على اللبنانيين
صحيفة الأخبار اللبنانية:
دفاعاً عن «وجود القضاء اللبناني برمّته»، رأت كلية الحقوق والعلوم السياسية والإدارية في الجامعة اللبنانية، في مطالعة قانونية، أن لا لسلطة للمحكمة الدولية الخاصة بلبنان على المواطنين اللبنانيين. واعتبرت أن أي هيئة لا بدّ أن تنشأ بقانون لتكتسب الصفة القضائية، وإلا فإنها لا تملك صلاحية إصدار قرارات مقيّدة للحرية. ولفتت إلى ثغرات في تأسيس المحكمة وفي تمويلها، داعية مجلس النواب إلى إقرار القوانين الناظمة لعمل المحكمة وتحديد اختصاصها
العدالة والحرية فضيلتان تسعى الدولة بكافة سلطاتها إلى تحقيقهما، وكلاهما لا يمكن تقييدهما إلا بالقانون، فالمحاكم لا تعمل إلا وفق ما يقتضيه القانون، والحرية لا تقيّد إلا بقانون. أما لناحية المفاضلة بين العدالة والحرية، فهما في مرتبةٍ سواء. ولقد جاء في البند (ج) من مقدمة الدستور أن «لبنان جمهورية ديمقراطية تقوم على احترام الحريات العامة وفي طليعتها حرية الرأي». كما تنص المادة 13 منه على أن «حرية إبداء الرأي قولاً وكتابة وحرية الطباعة وحرية الاجتماع وحرية تأليف الجمعيات كلها مكفولة ضمن دائرة القانون».
وقضى مجلس شورى الدولة بأن هذين النصيِّن حددا المبدأ العام الذي يرتكز عليه نظام الدولة وهو حرية الرأي، وأحال أمر تنظيمها إلى السلطة التشريعية. وأن حرية الإعلام تدخل ضمن حرية إبداء الرأي وبالتالي ضمن الحريات الأساسية المكفولة بموجب القانون، الذي يعدّ المرجع الوحيد والصالح لتنظيمها بوضع القواعد والأصول لتحديد نطاق ممارستها وحدود الرقابة عليها، بحيث أن كل تقييد لممارسة هذه الحرية لا يمكن أن يتم إلاّ بنص تشريعي يجيزه. (للمزيد مراجعة: مجلس شورى الدولة قرار رقم 438 تاريخ 19 نيسان 2001/ المؤسسة اللبنانية للإرسال إنترناسيونال ش.م.ل./الدولة – وزارة الإعلام)
أما لناحية القضاء، فلقد نصّت المادة 20 من الدستور: «أن السلطة القضائية تتولاها المحاكم على اختلاف درجاتها واختصاصاتها ضمن نظام ينص عليه القانون ويحفظ بموجبه للقضاة وللمتقاضين الضمانات اللازمة». وبحسب هذا النص، حتى نقرَّ لهيئةٍ ما بالصفة القضائية لا بدّ أن تنشأ بقانون، أمّا إذا لم يصدر هذا القانون المنشئ لهذه الجهة القضائية، فلا يكون لها أية صفة قضائية ولا تملك صلاحية إصدار قرارات مقيّدة للحرية أو مانعة لها.
تمويل المحكمة مخالف للأصول ووحده مجلس النواب صاحب الصلاحية
من هذا المنطلق، حتى تستطيع المحكمة الخاصة بلبنان ممارسة وظيفتها القضائية، يقتضي أن يوافق مجلس النواب على نظامها الأساسي ويقرّ إنشاءها. لكن ما نلاحظه أنه حتى تاريخه، لم يصدر قانون إنشاء هذه المحكمة، لأن هذا الإنشاء لا يمكن أن يتمّ إلا وفق الصيغ المقررة في الدستور، وذلك بموجب اتفاقية يوافق عليها مجلس النواب عملاً بالمادة 52 من الدستور التي تنصّ على ما يأتي: «أما المعاهدات التي تنطوي على شروط تتعلق بمالية الدولة… فلا يمكن ابرامها إلا بعد موافقة مجلس النواب».
كما أن تمويل الدولة اللبنانية للمحكمة الخاصة بلبنان، لا يزال يتمّ خلافاً للأصول الدستورية. فمجلس النواب صاحب الصلاحية بالتمويل، عملاً بالمادة 88 من الدستور التي تنص: «لا يجوز عقد… ولا تعهد يترتب عليه انفاق من مال الخزانة إلا بموجب قانون».
إلا أنه منذ إنشاء المحكمة الخاصة بلبنان، ولغاية تاريخه، لم يعمد المجلس النيابي إلى إقرار أي قانون لتمويل هذه المحكمة، كما لم تصدر أية موازنة متضمنة بنداً خاصاً بهذا التمويل.
لذا، وفي غياب القانون المنشئ للمحكمة الخاصة بلبنان، يكون من حقّ الإعلامييَن اللذين جرى استدعاؤهما للمثول أمام هذه المحكمة، أن يمتنعا عن المثول أمامها، لأن الحرية المصونة بالدستور والقانون، أقوى من هيئة تتخّذ صفة هيئة قضائية لم تنشأ وفق ما يقتضيه الدستور.
وعلى مجلس النواب الإسراع بإقرار قانون المحكمة الخاصة بلبنان، وبيان اختصاصها بشكلٍ واضح ودقيق، لكي يتمّ معرفة حدود سلطانها في إطار السلطة القضائية وبيان علاقتها بغيرها من المحاكم اللبنانية، وكذلك علاقتها ببقية السلطات اللبنانية بصورة تؤمّن احترام مبدأ الفصل بين السلطات وتوازنها وتعاونها، فلا يكون متاحاً لهذه المحكمة أن تصدر القواعد التنظيمية التي هي من اختصاص القانون حصراً عملاً بمبدأ شرعية الجرائم والعقوبات المنصوص عنه في المادة 8 من الدستور: «الحرية الشخصية مصونة وفي حمى القانون ولا يمكن أن يقبض على أحد أو يحبس أو يوقف إلا وفاقاً لأحكام القانون ولا يمكن تحديد جرم أو تعيين عقوبة إلا بمقتضى القانون».
وهذه المادة خالفتها وتجاوزتها المحكمة الخاصة بلبنان عندما وضعت قواعد الإجراءات والإثبات، وحددت الجرائم وفرضت العقوبات على مخالفتها، لا سيما في المادة 60 مكرر، أي المادة التي على أساسها وُجّهت التهم إلى كرمى الخياط من تلفزيون «الجديد» وشركة تلفزيون الجديد ش.م.ل، وابراهيم الأمين من صحيفة «الأخبار»، وكذلك شركة أخبار بيروت ش.م.ل، لارتكابهم، بحسب ادعاء المحكمة، جريمة التحقير وعرقلة سير العدالة. (راجع الكادر)
غاية المحكمة محدّدة حصراً
كما أن مجلس النواب مدعوّ إلى إقرار القانون الذي يلزم المحكمة الخاصة بلبنان بأن لا تتجاوز حدود اختصاصها، فهي محكمة استثنائية، أنشئت لغاية محددة حصراً. وقد جاء في المادة الأولى من النظام الأساسي لهذه المحكمة: «يكون للمحكمة الخاصة اختصاص على الأشخاص المسؤولين عن الهجوم الذي وقع في ١٤ شباط ٢٠٠٥ وأدى إلى مقتل رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري وإلى مقتل أو إصابة أشخاص آخرين. وإذا رأت المحكمة أن هجمات أخرى وقعت في لبنان في الفترة بين ١ تشرين الأول ٢٠٠٤ و١٢ كانون الأول ٢٠٠٥، أو في أي تاريخ لاحق آخر يقرره الطرفان ويوافق عليه مجلس الأمن، هي هجمات متلازمة وفقا لمبادئ العدالة الجنائية، وأن طبيعتها وخطورﺗﻬا مماثلتان لطبيعة وخطورة الهجوم الذي وقع في 14 شباط ٢٠٠٥، فإن المحكمة يكون لها اختصاص على الأشخاص المسؤولين عن تلك الهجمات…».
ومن المعروف في علم القانون أن المحكمة الاستئنائية تكون صلاحياتها محددة حصراً في نطاق الاستثناء، وأن السماح لهذه المحكمة وبقرارٍ منها توسيع نطاق صلاحياتها لتشمل قضايا لم يؤتَ على تحديدها في نظامها الأساسي، إنما تكون قد خالفت مبدأ تفسير الاستثناء بصورة حصرية، بحيث لا يحقُّ لها إلا رؤية قضايا معينة عددتها التشريعات الخاصة على وجه الحصر، فصلاحيتها هي الاستثناء أي أنها لا تنظر إلا بفئة محددة من الجرائم ووفقاً لأصولٍ خاصة. (عاطف النقيب، أصول المحاكمات الجزائية، دار المنشورات الحقوقية الطبعة الجديدة 1993 ص277). والمحاكم الاستثنائية تتولى اختصاصاً حصرياً غير شامل لا يجوز التوسع في تفسيره. (محكمة استئناف بيروت القرار رقم 744 تاريخ 12/7/1995، الدولة اللبنانية/ ورثة ابراهيم غرارة).
ولهذا، فإن ما أقدمت عليه المحكمة الخاصة بلبنان، بتوسيع نطاق اختصاصها، لتستدعي وتتهم كلاً من كرمى خياط وابراهيم الأمين وشركة الجديد وشركة أخبار بيروت، لمحاكمتهم بجرم تحقير المحكمة وعرقلة العدالة، وهو جرم غير منصوص عليه في المادة الأولى من النظام الأساسي للمحكمة، فإنها تكون قد خالفت مبدأ عدم جواز توسيع اختصاص المحاكم الاستثنائية الخاصة، وتعدّت على صلاحية مقررة لمحكمة المطبوعات. ومن الممكن إذا تغاضينا عن هذه التوسعة، أن توسّع صلاحياتها مجدداً لتحلّ محل المجلس الدستوري ومجلس شورى الدولة والمحاكم العسكرية.
الأولوية للقوانين اللبنانية
لهذا كان موقف كلية الحقوق والعلوم السياسية والإدارية في الجامعة اللبنانية، من الدفاع عن المتهمين (خياط والأمين والشركتين الإعلاميتين)، إنما هو دفاع عن وجود القضاء اللبناني برمّته، من خلال المطالبة باحترام اختصاص محكمة المطبوعات المقرّر بموجب المرسوم الاشتراعي رقم 104 تاريخ 30/6/1977، (والمعطوف عليه بالمادة 35 من القانون رقم 382 تاريخ 4/11/1994) الذي حصر جميع الدعاوى المتعلقة بالمطبوعات بمحكمة خاصة هي محكمة الاستئناف التي تنظر في قضايا المطبوعات مهما كان نوعها. وكذلك من خلال إعطاء الأولوية في التطبيق للقوانين اللبنانية على مشروع اتفاقية دولية غير مبرمة وفق الأصول المحددة في المواد 52 و56 و88 من الدستور، بحيث يجب أن يطبّق حصراً نص القانون اللبناني، إلى حين تصحيح هذا الواقع غير الدستوري وإقرار وإنفاذ الاتفاقية المذكورة وفق الأصول.
الحرية المصونة بالقانون أقوى من هيئة قضائية لم تنشأ وفق الدستور
وحتى ذلك الحين، لا يجوز إخضاع الإعلاميين كرمى خياط وابراهيم الأمين والشركتين الاعلاميتين)، لعقوبات مقررة في المادة 60 مكرر الفقرة ياء من قواعد الإجراءات والاثبات التي تقضي بأن تكون: «العقوبة القصوى التي يجوز فرضها على شخص ثبت تحقيره للمحكمة السجن لفترة لا تتجاوز السبع سنوات، أو دفع غرامة لا تتجاوز 100.000 يورو، أو كليهما».
والسبب هو التعارض الكلي لهذه المادة مع أحكام المادة 12 من المرسوم الاشتراعي رقم 104/1977 وتعديلاتها، وكذلك لتعارضها أيضاً مع المادة 383 من قانون العقوبات اللبناني، بالإضافة إلى ما ذكرناه سابقاً من عدم نفاذ هذه النصوص في الاقليم اللبناني.
إن التهم الموجّهة ضد الإعلاميين كرمى خياط وابراهيم الأمين ووسيلتين إعلاميتين هما جريدة «الأخبار» وقناة «الجديد»، يناقض الحرية الإعلامية المكفولة بالمواثيق الدولية التي تعتبر ذات قيمة دستورية وفقاً للفقرة ب من مقدمة الدستور التي تنصّ: «لبنان… عضو مؤسس وعامل في جامعة الدول العربية وملتزم مواثيقها، كما هو عضو مؤسس وعامل في منظمة الأمم المتحدة وملتزم مواثيقها والاعلان العالمي لحقوق الإنسان. وتجسد الدولة هذه المبادئ في جميع الحقول والمجالات دون استثناء».
إن هذه الاعلانات والاتفاقيات والمواثيق المعطوف عليها صراحة في مقدمة الدستور تؤلف مع هذه المقدمة والدستور جزءاً لا يتجزأ وتتمتّع معاً بالقوة الدستورية. (المجلس الدستوري: قرار رقم2/2001 تاريخ10/5/2001 الصادر في الطعن بالقانون رقم296 تاريخ 2/4/2001 المتعلق بتعديل قانون اكتساب غير اللبنانيين الحقوق العينية العقارية في لبنان).
ونذكر من هذه الاتفاقيات، ما يأتي:
■ المادة 32 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان: «يضمن هذا الميثاق الحق في الإعلام وحرية الرأي والتعبير، وكذلك الحق في استقاء الأنباء والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين بأي وسيلة، ودونما اعتبار للحدود الجغرافية».
■ المادة 19من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان: «لكل شخص حق التمتع بحرية الرأي والتعبير، ويشمل هذا الحق حريته في اعتناق الآراء دون مضايقة، وفي التماس الأنباء والأفكار وتلقيها ونقلها إلى الآخرين، بأية وسيلة ودونما اعتبار للحدود».
■ المادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية:
1 ـــ يكون لكل إنسان حق في اعتناق الآراء دون أن يناله أي تعرض بسببها.
2 ـــ يكون لكل إنسان حق في حرية التعبير يوليه حرية في طلب جميع أنواع المعلومات والأفكار وتلقيها وإذاعتها، دون أي اعتبار للحدود بالقول أو الكتابة أو الطباعة أو الفن أو بأية وسيلة أخرى يختارها.
■ عدة مواد في الإعلان بشأن المبادئ الأساسية الخاصة بإسهام وسائل الإعلام في دعم السلام والتفاهم الدولي، وتعزيز حقوق الإنسان، تاريخ 28 تشرين الثاني1978:
المادة 2:
1ـــ إن ممارسة حرية الرأي وحرية التعبير وحرية الإعلام، المعترف بها كجزء لا يتجزأ من حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، هي عامل جوهري في دعم السلام والتفاهم الدولي.
2 ـــ يجب ضمان حصول الجمهور على المعلومات عن طريق تنوع مصادر ووسائل الإعلام المهيأة له، مما يتيح لكل فرد التأكد من صحة الوقائع وتكوين رأيه بصورة موضوعية في الأحداث. ولهذا الغرض يجب أن يتمتع الصحفيون بحرية الإعلام وأن تتوافر لديهم أكبر التسهيلات الممكنة للحصول على المعلومات. وكذلك ينبغي أن تستجيب وسائل الإعلام لاهتمامات الشعوب والأفراد، مهيئة بذلك مشاركة الجمهور في تشكيل الإعلام.
3 ـــ ولكي تتمكن وسائل الإعلام من تعزيز مبادئ هذا الإعلان في ممارسة أنشطتها، لا بد أن يتمتع الصحفيون وغيرهم من العاملين في وسائل الإعلام الذين يمارسون أنشطتهم في بلادهم أو في خارجها بحماية تكفل لهم أفضل الظروف لممارسة مهنتهم.
المادة 9:
يقع على عاتق المجتمع الدولي، وفقا لروح هذا الإعلان، الإسهام في تهيئة الظروف التي تكفل تداول المعلومات تداولا حرا ونشرها على نطاق أوسع وبصورة أكثر توازناً، وتهيئة الظروف التي تكفل حماية الصحفيين وغيرهم من العاملين في الإعلام أثناء تأدية مهامهم…
الحريات تسمو على العقوبات
يعتبر الاجتهاد، أن مواد الاتفاقيات الدولية الضامنة للحرية الإعلامية، تسمو على نصوص قوانين العقوبات التي تجرّم عملاً إعلامياً غير محظور بموجب هذه الاتفاقيات، وهذا الموقف أخذت به محكمة النقض الفرنسية في حكمٍ لها جاء فيه:
«حيث أن المادة 2 من قانون 2 تموز (يوليو) 1931 بالمنع العام والمطلق الذي تفرضه، تفرض قيداً على حرية التعبير والتي ليست ضرورية لحماية المصالح الشرعية المنصوص عليها في المادة 10ــــ2 من المعاهدة الأوروبية لحماية حقوق الإنسان والحريات العامة، والتي لا تتناسب مع نصوص المعاهدات، فلا تكون قابلة للاستناد عليها من أجل الحكم جزائياً على فعل ما».
Mais attendu que l›article 2 de la loi du 2 juillet 1931, par l›interdiction générale et absolue qu›il édicte, instaure une restriction à la liberté d›expression qui n›est pas nécessaire à la protection des intérêts légitimes énumérés par l›article 10.2 de la Convention susvisée ; qu›étant incompatible avec ces dispositions conventionnelles, il ne saurait servir de fondement à une condamnation pénale ;
Cour de Cassation Chambre criminelle, 16 janvier 2001, n° de pourvoi : 00-83608.
واستئناساً بهذا الاجتهاد، نقول إن الحرية الإعلامية، وضماناتها الدستوية والدولية، تجعل من غير المناسب إخضاع إعلاميين للمقاضاة أمام جهةٍ قضائية غير مختّصة بالنظر في جرائم المطبوعات، كما أنه من غير الدستوري إلزام إعلاميين بقيود غير مقرّرة بالاتفاقيات الدولية والقوانين والأنظمة اللبنانية المرعية الإجراء.
إن كلية الحقوق والعلوم السياسية والإدارية، ومن باب حرصها على توأمي العدالة والحرية، تطالب مجلس النواب اللبناني، بالعمل فوراً على إقرار القوانين الناظمة لعمل المحكمة الخاصة بلبنان، وتحديد اختصاصها، والتشديد على صون الحرية الإعلامية ضمن إطار القوانين، والتأكيد على تسمية الجهة القضائية التي يحقّ لها مساءلة الإعلاميين عند مخالفتهم القوانين والأنظمة المرعية الإجراء.
عميد كلية الحقوق والعلوم السياسية والإدارية د. كميل حبيب
مدير الفرع الأول د. غالب فرحات
د. خالد الخير
د. عصام إسماعيل
المعاهدات الدولية التي لم تنشر داخلياً لا تسري في واجهة الافراد
بموجب المادة 60 مكرر من نظام الحكمة الدولية، تكون المحكمة قد تعدّت للمرّة الثانية على صلاحية المشترع اللبناني عندما جرّمت فعلاً وفرضت عقوبة عند ارتكابه. ولا يمكن التذرع بقرارات مجلس الأمن الدولي، وتحديداً القرار رقم 1757 تاريخ 30 آذار 2007. فهذا القرار ملزم للدولة اللبنانية، إلا أن هذا الالزام لا ينتقل إلى الأفراد، إلا وفق الصيغ المقررة في الدستور، أي بموجب اتفاقية يوافق عليها مجلس النواب عملاً بالمادة 52 من الدستور المذكورة، ثمّ بعد ذلك يجب نشر هذه الاتفاقية مع قانون إجازة إبرامها في الجريدة الرسمية، عملاً بالمادة 56 من الدستور، والمرسوم الاشتراعي رقم 9/ET تاريخ 21/11/1939، ولا يقصد بالنشر مجرد إعلام الأفراد بها للالتزام بأحكامها، وإنما هو إجراء لازم لكي تكتسب المعاهدة قوة القانون، حيث جاء في الاجتهاد اللبناني:
«حيث أنه لكي يعمل بالمعاهدة، يجب أن تنشر بنصوصها كافة في الجريدة الرسمية بحيث لا يكفي نشر المرسوم الذي أجاز ابرامها وإنما يجب نشر الاتفاقية بعد تصديقها لتصبح نافذة.
«حيث أنه وإن كانت الدولة اللبنانية قد طبقت بعضاً من بنود الإتفاقية إلا ان ذلك لا يجعل من تلك الاتفاقية قاعدة داخلية يلتزم بها مواطنو تلك الدولة إذا لم يتمّ نشرها طبقاً للنظام القانوني الداخلي للدولة،
«وحيث انّ ما اثارته الجهة المدعى عليها حول نظرية العلم المكتسب التي من شأنها اصلاح عدم النشر يكون مستوجباً الرد، ذلك ان المعاهدات الدولية التي لم تنشر داخلياً لا تسري في مواجهة الافراد لانها تخالف بالنسبة لها شرطاً ضرورياً لكي تكون لها قوة القانون اضافة الى عدم علمهم بها بالوسيلة التي بيّنها الدستور لهذا العلم في المادة 56 منه وهي النشر، ولهذا يعدّ الدفع بعدم نشر المعاهدة الدولية من الدفوع الجوهرية التي تتعلق بالنظام العام التي يجوز ابداؤها في اية مرحلة من مراحل الدعوى.
«وحيث بالتالي، وتكراراً، فإن المعاهدات الدولية عندما تكتمل لها قوة القانون في المجال الداخلي ولا تلزم الافراد إلا من وقت علمهم بها بالوسيلة التي بيّنها الدستور لهذا العلم وهي النشر، وبالتالي يمتنع على المحاكم الوطنية تطبيق تلك المعاهدات التي لم تنشر داخلياً لانها تخالف بالنسبة لها شرطاً ضرورياً لكي تكون لها قوة القانون.
(قاضي منفرد مدني: القرار رقم 1233 تاريخ 28/10/2004، حنا أبو شقرا وهدى عواد/ المركز الدولي للبحوث الزراعية في المناطق الجافة).