كلمة سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في احتفال أسبوع الفقيد الشيخ مصطفى قصير 6-6-2014 (كاملة)
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا خاتم النبيين، أبي القاسم محمد بن عبد الله، وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه الأخيار المنتجبين، وعلى جميع الأنبياء والمرسلين.
السادة العلماء، الإخوة والأخوات الكرام، السلام عليكم جميع وحمة الله وبركاته .
قال الله عز وجل في كتابه المجيد: بسم الله الرحمن الرحيم ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسُن أولئك رفيقا.
في هذا اللقاء المبارك، أود في البداية أن أتوجه بالتعزية وبمشاعر المواساة إلى عائلته الكريمة إلى العائلة العزيزة، آل قصير، عائلة العلماء والشهداء والاستشهاديين والمجاهدين والمقاومين، التي قدمت وما زالت، وكذلك إلى العائلة العزيزة، آل الأمين، أيضاً عائلة العلماء والشهداء والمقاومين والمجاهدين، والتي قدمت وما زالت تقدم، وإلى جميع إخواني وأخواتي في حزب الله، وخصوصا في المؤسسة الإسلامية للتربية والتعليم، الذين رافقوا سماحة شيخنا العزيز وعملوا معه وعايشوه عن قرب وفقدوه في ساعة الرحيل.
أنا اليوم أود أن أتحدث ثلاث كلمات كالعادة:
أولاً: في المناسبة
ثانياً: استفادة من فرصة الخطاب كلمة في الشأن اللبناني
وثالثاً: كلمة في الشأن السوري على قاعدة وحدة المصير.
في المناسبة، طبعاً نحن أمام مناسبة كبيرة ومؤلمة بالنسبة إلينا.
إن خسارتنا وألمنا بفقد هذا العالم المجاهد المقاوم العزيز الكبير هو ألم كبير وخسارة كبيرة، والإخوة جميعاً يشاركونني هذا الاحساس، الإخوة العلماء، الإخوة والأخوات، الإخوة القادة والمسؤولين في حزب الله في مختلف المسؤوليات، وكذلك كل الإخوة والأخوات الذين عرفوا سماحة الشيخ عن قرب.
نحن عادةً، في حزب الله، عندنا أننا لا نتحدث عن إخواننا وهم أحياء، الأحياء يتعبون، يسهرون، يجاهدون، يبذلون جهود مضنية جدا، يقومون بإنجازات عظيمة جداً، ولكن لا ننسب الإنجازات إلى الأشخاص وهم أحياء. الآن، ما سبب ذلك؟ هذا بحث آخر.
هذه السيرة الموجودة في حزب الله، وعندما نتحدث عن الإنجاز وعن الانتصار وعن الجهاد أو عن الجهود أو التضحيات، نتحدث عن الجميع، نعمّم دون أن ندخل إلى فلان وفلان وفلانة..
نعم ، من واجبنا ومن حقهم علينا في الحد الأدنى، إذا كان الجزء الأول فيه نقاش أنه صحيح أم خطأ، له علاقة بالإخلاص، بالصدق، بالنية، بالكتمان، مهما كان السبب، لكن بعد أن يرحل هؤلاء الأعزاء وهؤلاء المجاهدون عن هذه الدنيا، وحين لا يعود المديح والكلام والحديث عنهم بفائدة عليهم في الدنيا، وإنما هو شهادة حق وإنصاف تُقدّم بين يدي أرواحهم الزكية، نتحدث عنهم، ننسب إليهم ما يجب أن يُنسب إليهم وأحيانا لا نقول أيضاً كل الحقيقة، وإنما نخفي بعض أجزائها لمصالح تتعلق بمسيرتنا واستمرار المسيرة.
كل ما قاله الإخوة قبلي بحق سماحة العلامة الشيخ مصطفى قصير، الأخ الحبيب والعزيز، هو طبعا دون حقه، وما أقوله أنا كذلك أو ما يمكن أن أقوله، وهو فوق ما قيل وأقول، وهذه هي الحقيقة.
اليوم أنا أريد أن أدخل إلى سماحة الشيخ الفقيد الغالي من زاوية معينة ومحددة بعد رحيله.
يمكن حتى لو كنا في حفل تكريم في حياته ما كنا نتحدث كذلك، من زاوية أن أقدّم وأن نقدّم سماحة الشيخ مصطفى قصير كأسوة ونموذج وقدوة، نحتاجه نحن، نحن نحتاج إلى أنواع من القدوة ومن الأسوة ومن النموذج.
نحن نحتاج إلى هذا النموذج الذي عايشناه عن قرب وشهدنا سيرته وحياته وسلوكه، ونشهد له بذلك بعد رحيله وبعد وفاته، ونقدمه نموذجاً لنا، أنا أقدّمه نموذجاً وأسوة لي، وأدعو كل أخ من إخواني أن يتّخذه مثالاً وقدوة.
هنا نحن لا نتحدث عن العناوين، عن الأسماء، عن الصفات. نتحدث عن الشخص المجسّد للعناوين وللصفات والأسماء، قدوة لنا كعالم طلب العلم طويلاً وحتى آخر لحظات حياته. كان طالب علم وكان باحثاً عن العلم وكان محققاً ودارساً وكان أيضاً معلماً، يدرس ويعلّم ويحقّق ويكتب وينشر ويحدّث في هذا الجانب، وكان ممن طلب العلم لله، وعلّم لله عز وجل، ننظر إليه أيضا كعامل مجاهد لم يعتزل حياة الناس، لم يذهب بعيداً، جاء إلى متن هذه المسيرة منذ البدايات. في الحوزة العلمية كان طالباً وعاملاً، وعندما جاء إلى لبنان كان عالماً وطالباً للعلم وعاملاً ومجاهداً ومقاوماً، وعمل لله. ومن تعلّم لله وعلّم لله وعمل لله نودي في ملكوت السماوات عظيماً، كما يُنقل عن السيد المسيح عليه السلام .
نحن أمام العامِل الجاد، العامِل الدؤوب، صاحب الهمّة العالية، الذي لا يعرف الكلل ولا يقعده لا تعب ولا مرض. في الأشهر الأخيرة من مرضه، كنت أنا أذهب إلى بعض اللقاءات الداخلية وكنت أفاجأ بحضور سماحة الشيخ، عندما كنت اتابع في بعض وسائل الاعلام بعض المناسبات أو بعض الاحتفالات أجد سماحة الشيخ موجوداً، إما حاضراً إما خطيباً، حتى اللحظات الأخيرة التي كان جسده يعينه، وكنت أستغرب من هذه الهمة العالية.
وهذا ما نحتاج إليه نحن الذين نتعب وتحيط بنا أحياناً الهموم والمشكلات والتحديات.
نحن بحاجة إلى القدوة بالعزم والإرادة، في الهمة العالية، في الجدية، في الفعالية.
شيخ مصطفى كان هكذا، كل إخواننا يعرفون أن سماحة الشيخ كان هكذا. وأحيانا أنا كنت أقول له: شيخنا أنت تتعب نفسك، الآن اهتم بصحتك اهتم بعافيتك. هو كان يعتبر أن كل لحظة من عمره يجب أن تبذل في طاعة الله وطاعة رسول الله صلى الله عليه وآله وخدمة دين الله وخدمة عباد الله سبحانه وتعالى.
الصادق المخلص، وكلنا نعرفه صدقه وإخلاصه ونحتاج إلى هذا الإخلاص في العمل، نحتاج إلى هذا الإخلاص وإلى هذا الصدق.
الزاهد في الدنيا، المعرض عن زخارفها وزبارجها وعناوينها، العامل فيها لآخرته، عيناه كانتا دائماً تتطلعان إلى ذلك العالم، يمهد له، يحضر له، الشيخ مصطفى من الإخوة الذين كانوا يعملون بدون توقعات شخصية، بدون طلب امتيازات شخصية، بدون توقعات شخصية.
لم يعتبر في لحظة من اللحظات أن له حقاً في رقبة حزب الله أو المقاومة أو المسيرة أو الإسلام أو الدين. لم يمارس فعل المنّ أو التفضل على هذه المسيرة أو على رفاقه أو على إخوانه أو على الذين يعملون معه.
طبعاً تكفي الإشارة في كل صفة، نحن نحتاج إلى هذا أيضاً. الله سبحانه وتعالى هو الذي يمنّ علينا أن هدانا للإيمان وأن هدانا للجهاد وأن جعلنا من أبناء هذه المسيرة المباركة، والله سبحانه وتعالى هو الذي يجب أن نتوجه إليه دائما بالشكر على كل توفيق لعمل الإنجاز ونستغفره ونعتذر إليه من كل تقصير وقصور.
شيخ مصطفى هكذا، الإنسان الودود، اللطيف، الحنون، محب، خلوق، بشوش، (وأنا) قبل قليل شاهدته في الفلم الوثائقي.
أي جماعة، أي مسيرة، أي شعب، وخصوصاً عندما نتحدث عن جماعة تواجه تحديات وتقدم تضحيات وتتحمل أعباء في علاقاتها الداخلية، هي تحتاج إلى هذا الحنان، إلى هذا الحب، إلى هذا الود، إلى هذه الأخلاق الطيبة والحميدة، لأن هذه من عناصر القوة، من عناصر الاستمرار.
سماحة الشيخ الهادئ الذي لا ينفعل إلا نادراً وبالحق، المتزن، سماحة الشيخ المعلم والمربي، في المدرسة، في المؤسسة، في المسجد، الشيخ مصطفى قصير إمام الصلاة، إمام صلاة الصبح جماعةً في مساجدنا. الإمام المسجدي، العالم المسجدي.
سماحة الشيخ ـ إذا أردت المتابعة يطول الكلام، لكن حقيقة ـ كان الإنسان العابد، وأيضا كان الإنسان صاحب الرأي وصاحب الفكرة، يبدع، يقدم، يخطط، يفكر، يناقش، يحاور، وأيضا كان الإنسان المطيع في هذه المسيرة، الذي لا يقف عند أي اعتبارات مهما كانت هذه الاعتبارات.
في نهاية المطاف، هذه طبعاً من أهم ميزات العاملين في هذه المسيرة، هذه الميزة التي حافظت على وحدة هذه المسيرة، على تماسكها، على صلابتها، على ثباتها، على قوتها، ولذلك أنا سأكتفي بهذه العناوين، لأقول: نحن بحاجة إلى هذه القدوة وهذه الأسوة وأن نقدمه لإخواننا وأخواتنا ولأجيالنا أيضاً، كما نقدم قادتنا الآخرين الذين استشهدوا أو الذين توفوا بما لهم من ميزات، وبما لهم من مواصفات خاصة وجليلة.
الشهيد السيد عباس، رضوان الله عليه، سيد شهداء المقاومة الإسلامية، الشهيد الشيخ راغب رضوان الله عليه، شيخ شهداء المقاومة، الشهيد القائد الحاج عماد مغنية، شهداء قادة كثيرون.
هناك شيء آخر أود أيضاً أن ألفت إليه في المقطع الأول: إن سماحة الشيخ هو منذ البداية اختار العمل في المجال التربوي والتبليغي والتعبوي، وخصوصا المجال التربوي. منذ البداية كان خيارات سماحة الشيخ هي هذه، منذ أن كان في الحوزة العلمية، في النجف الأشرف، في قم المقدسة. لم يكتفِ بأن يتعلم ويعلّم، كان يربي، يهتم بشؤون الطلاب، تربية الطلاب لصنع الإنسان والكادر.
عندما عاد إلى لبنان أيضاً كانت هذه أولويته، مع أنه طبعا كانت آفاق العمل مفتوحة في كل المجالات أمام سماحة الشيخ في أي مجال من مجالات العمل، لكن هو الذي اختار هذا المجال، لأنه كان لديه قناعة، كان لديه رؤية هي صحيحة بطبيعة الحال، ولذلك ذهب إلى الاهتمام بالمؤسسة الإسلامية للتربية والتعليم، بالمدارس، بالمنهجية، بالثقافة، بالجانب التربوي، بالجانب العلمي، بالكمّ، بالكيف، بالنوع، بالإدارة، بالمواكبة، وقام مع إخوانه وأخواته في المؤسسة ومن واكبه من الإخوة المسؤولين بهذه الإنجازات التي نراها اليوم حاضرة أمامنا. المؤسسة أيضاً، كما قال الإخوة قبلي، أعطاها شبابه وعمره ووقته وجهده وليله ونهاره، إيماناً بموقعها وبتأثيرها وبأهميتها في هذه المسيرة الإسلامية الجهادية المباركة، وكان بالفعل خير مسؤول وخير مدير وخير مربٍّ وموجه وأب ووالد. وفي ظل عنايته ورعايته وجهوده نمت وكبرت وتوسعت وترسخت إلى أن أصبحنا أمام مؤسسة حقيقية بكل ما لكلمة مؤسسة من معنى، وخصوصا في المجال التربوي وفي المجال الثقافي وكان الأمين على هذه المؤسسة طوال كل هذه السنين.
بالمناسبة هنا أيضاً نذكر الأحياء دون أن نذكر الأسماء، الكثير من أو كل هذه المؤسسات التي تقوم بالعمل يرعاها مؤتمنون وأمناء، ولذلك بعض الناس يفكر أنه مثلاً في حزب الله أو بقيادة حزب الله ما شاكل الإخوة مشغولون. بعض الناس يأتي ويقول لكم: أنتم كجهة، كمجموعة، كيف تلحقون وتعملون سياسة ومقاومة وأمن وعسكر وثقافة وتربية وخدمات وصحة ووزراء ونواب و.. و.. و.. كيف تلحق على هذا كله؟ تلحق على هذا كله لأن على رأس هذه المؤسسات وهذه الأطر وهذه الملفات وهذه الهياكل أمناء ومخلصون وصادقون وكفوؤون، وبالتالي القيادة المركزية قد لا تحتاج إلى أن تتدخل. أنا أذكر مثلاً في المؤسسة الإسلامية للتربية والتعليم ، ربما بالسنة مرة أو كل عامين قد يحتاج الأمر إلى مراجعة أو مناقشة أو قرار، لأن هناك من هو مؤتمن على هذه المؤسسة أو المؤسسات الأخرى.
أيضاً في غير الجانب التربوي، الجانب الدعوي، سماحة الشيخ كان حاملاً لثقافة المقاومة ولفكر المقاومة ولخطاب المقاومة ولروح المقاومة. كان مستعداً دائماً ان يكون جندياً مقاتلاً في الصفوف الأمامية في هذه المقاومة.
لكن وبطبيعة الحال، تحديد المسؤوليات وتوزيع الأدوار، لا يسمح للكثيرين ممن يحملون هذا الفكر وهذه الثقافة وهذه الروحية أن يتقدموا في الخطوط الأمامية.
هذا كان مولانا سماحة الشيخ، وطبعاً هو عنوان من عناوين الجانب الحقيقي والجوهري في مسيرتنا. هناك ما هو فوق السطح، عادة في لبنان ما الذي يطلع فوق السطح؟ السياسة والمواقف السياسية والخطاب السياسي والأحداث السياسية، الأمنية والعسكرية. ما تحت السطح هو كل هذا الجهد والجهاد والجهود العظيمة والمباركة، على المستوى الثقافي والعلمي والفكري والحوزوي والدراساتي والمؤسساتي والخدماتي والبنية التحتية والعلاقات والتواصل مع الناس، وبناء مجتمع مؤمن وملتزم وواعٍ ومثقف ومضحٍ ومخلص.
هذا عادةً لا يظهر على السطح إلا في حالات نادرة وإستثنائية، وكذلك من يعملون أيضاً في هذا المجال هم غالباً ما يكونون بعيدين عن الواجهات أو عن الشاشات، يعملون بصمت، ولكن هم الذين ـ في الأعم والأغلب ـ يُثمرون ويُنتجون.
إن ثمار وإنجازات سماحة الشيخ مصطفى والإخوة الآخرين أيضاً، هذه الإنجازات تتجمع كماً ونوعاً لتقدم للبنان وللأمة الإنجازات الكبيرة والانتصارات الكبيرة. اليوم عندما نجد أنفسنا أمام مقاومة مستمرة منذ عقود، منذ قبل 82 ومن بعد 82 إلى اليوم، عندما نجد اليوم مقاومة ترابط على الحدود، تمتلك مقدرات القوة لردع العدو، مقاومة أيضاً تحضر في ساحة الصديق في سوريا، لتسقط مشروعاً على مستوى المنطقة، يستهدف المنطقة وقضاياها ومقدساتها، ما كان لهذه المقاومة أن تتقدم وأن تبقى وأن تستمر وأن تتعاظم حضوراً وفعلاً، إلا من خلال هذا الحضور الشعبي والثقافي والعقائدي والإيماني والمؤسساتي والعلمائي، وهذه الجهود الكبيرة التي تُبذل لأنها مقاومة تستند إلى قاعدة شعبية كبيرة وعريضة وقوية ومتينة وراسخة.
ليست حالة حماسية طارئة، وليست حالة إنفعال وليست ردة فعل مؤقتة، وإنما تنتسب وتنتمي إلى جذور راسخة في هذه الأرض، وفي هذا الشعب، وفي هذه الأمة، في تاريخها وفي عقيدتها وفي ثقافتها وفي روحها وفي مبانيها وفي تطلعاتها، وسماحة الشيخ كان واحداً من هؤلاء الكبار، الذين ساهموا في صنع وتطور هذه المسيرة، وسيبقى فعله وستبقى كلماته وكتبه وآثاره وتضحياته مساهماً ما دام الليل والنهار إلى يوم القيامة.
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يتغمده برحمته الواسعة وأن يحشره مع الأنبياء والأولياء والرسل والصديقين والصالحين والشهداء، وهو العبد الصالح المطيع لله ولرسوله، والمضحي والمجاهد في سبيل الله، الذي لم ينثني ولم يضعف ولم يتردد حتى في كل أيام الشدة وأيام الصعوبات وأيام الفتن التي كانت وما زالت تحتاج إلى أصحاب البصائر.
إسمحوا لي في بقية الوقت أن أتحدث قليلاً في الشأن اللبناني، وكلمة أخيرة في الشان السوري.
في الشأن اللبناني طبعاً نحن اليوم لدينا إستحقاقات كبيرة ومهمة جدا أمامنا، وحاضرة الآن في كل لحظة وفي كل ساعة وفي كل يوم، في مقدمتها إستحقاق كنا نقول عنه السلسلة، اليوم لم نعد نقول السلسلة بل نقول السلسلة والامتحانات الرسمية وحصيلة العام الدراسي.
اليوم اللبنانيون جميعاً، لأنه أغلب المناطق والبيوتات والعائلات عدد كبير منها هم موظفون في القطاع العام، وهم أساتذة وأيضاً كثير من هذه العائلات أو كل هذه العائلات أولادها في المدارس وأولادها سيتقدمون للإمتحانات الرسمية، وخصوصاً إمتحانات الشهادات الرسمية، والتي يتوقف عليها التسجيل في الجامعات، و… و..
حسناً يوجد معضلة البلد كلها يعيشها الآن، هي موضوع سلسلة الرتب والرواتب، اللبنانيون كلهم يعرفون هذا الموضوع بالتفصيل، عايشوه لمدة طويلة، وصلنا إلى لحظة حساسة جداً، من الخطأ ـ وبالحقيقة يوجد إحساس أن جزءاً من الطبقة السياسية يتعمد فعل ذلك ـ أن نأتي لنضع موظفي القطاع العام والأساتذة في القطاع العام والأساتذة عموماً، نضعهم وجهاً لوجه مع الطلاب ومع أهالي الطلاب، وأن الدولة ليس لها علاقة بذلك، الدولة “واقفة تتفرج”، وبالتالي من الذي يجب عليه أن يتنازل للآخر؟ أنه إما أن الطلاب والإمتحانات الرسمية يجب أن يذهبوا ضحية المطالبة المحقة للموظفين، أو أن الموظفين يجب أن يتنازلوا عن مطالبهم المحقة وعن حركتهم التصعيدية لمصلحة الطلاب وأهالي الطلاب. يعني إيصال الأمر إلى هذا الحد هو أمر سيء، وغير مسؤول. أنا في ذهني تعابير وصفات توصيف لهذا الوضع، لكن لا أريد أن أستخدمها الآن، لكن أنا أعتقد أن كل واحد يتأمل هذا الموضوع يستطيع أن يكتشف هذا الشيء. بالحد الأدنى هذا غير مسؤول وغير مقبول، أنه نحن الآن في الأيام الأخيرة هذه أمام جلسة مجلس النواب المقبلة وأمام المواعيد المحددة للإمتحانات الرسمية، “العالم هي بوجه بعض”، وأنت عندما تأتي كجهة من الجهات السياسية أو النيابية أو النقابية، أتكلم عن فريقنا أو طرفنا أنه أنت ماذا تعمل؟ يعني إما أن تقول للناس تحملوا الموظفين أو أن تقول للموظفين تنازلوا عن حقوقكم من أجل الطلاب، هذا موقف إنساني صعب وموقف أخلاقي صعب.
لكن من الذي أوصل الأمور إلى هذه المرحلة وإلى هذه اللحظة؟ هي الطبقة السياسية، من الذي يجب أن يعالج هذا الأمر خلال الأيام القليلة المقبلة؟ هي الطبقة السياسية، طبعاً التي لا يحاسبها الناس عادةً، ويفتشون عن البديل ليعتبروه مذنباً. هذه الطبقة السياسية اليوم كلها مسؤولة عن معالجة هذا الموقف خلال الأيام القليلة المقبلة، وعلاجه لا يحتاج إلى الكثير من الفلسفة، ولا يحتاج إلى خطب ولا برامج. الكتل النيابية مطلوب منها جميعاً ـ مع إحترامنا لمقام رئاسة الجمهورية، ولمسألة الشغور ـ لكن كل الكتل النيابية واجبها الأخلاقي وواجبها الإنساني وواجبها الوطني، وليس لأحد عذر على الإطلاق، يجب أن يتوجهوا إلى مجلس النواب ليحسموا هذه المسألة، في جلسة أو أكثر، الآن في جلسة واحدة يكون ذلك أحسن، لكن أن يحسموا هذا الأمر وينصفوا الموظفين وينقذوا الطلاب والإمتحانات الرسمية والعام الدراسي، هذه مسؤوليتهم، ومن يتخلف هو الذي يتحمل المسؤولية، وهذا إستحقاق وطني كبير اليوم. إذا كان هؤلاء المسؤولون أو الكتل النيابية أو السادة النواب لا يشعرون بألم هؤلاء جميعاً، وبحاجة هؤلاء وبحاجات هؤلاء وباضطرار هؤلاء، لكن ماذا نسمي ذلك؟ ماذا نسمي ذلك؟
هذه هي أول نقطة التي لا أريد أن أتكلم فيها أكثر من ذلك، أريد أن أؤكد وأدعو إلى معالجة هذا الأمر، وهذا الأمر ممكن ومتاح، يعني نحن لا نتكلم عن شيء مستحيل أو عن أمر مستحيل.
لذلك فيما يعني الجامعة اللبنانية، وأساتذة الجامعة اللبنانية، الآن نحن رأينا في هذين اليومين كأن هناك من يريد أن يضع أساتذة الجامعة مقابل طلاب الجامعة، ويصبح المشكل بين الأساتذة والطلاب، والذي لا يجوز أن يكون ضحية، لا الأساتذة ولا الطلاب ولا الجامعة. الدولة هي من تتحمل المسؤولية، وهنا مجلس الوزراء بالتحديد، هذا لا يحتاج مجلس نواب، هذا موضوع مجلس الوزراء يستطيع أن يعالجه، لماذا لا يعالجه، لماذا لا يحله، ما هي الإعتبارات؟ هي طائفية، هي حزبية، هي محاصصة، هي أي شيء، يجب أن يعالج هذا الأمر ويجب أن يتنازل وأن يضحي وأن يترفع الكل أيضاً لمعالجة هذا الأمر الحيوي والكبير والخطير.
الأمر الآخر في الشأن اللبناني، للأسف الشديد في الآونة الأخيرة، حُكي كثيراً عن موضوع اتهام فريقنا، وخصوصاً اتهام الثنائي الشيعي ـ بتعبيرهم ـ بالسعي للمثالثة.
الآن ليس جديداً هذا الاتهام، لكن وصل الأمر في الأيام والأسابيع الأخيرة، أنه هناك من يحاول أن يقول إننا نحن نريد الفراغ الرئاسي أو إننا نعطل الانتخابات الرئاسية لأننا نريد الوصول إلى المثالثة، يعني عادوا إلى موضوع المثالثة، الاتهام الذي مضى عليه عدة سنين، رغم أننا كلنا نفينا هذا الأمر، ليدخلوه في معركة إنتخاب الرئاسة وللضغط على هذا الفريق، على الثنائي الشيعي بالتحديد، أنه أنتم إذا لم تمشوا مثل ما نريد، إذا لم تخضعوا، إذا ما كذا… إذاً أنتم متهمون، تريدون أن تغيّروا النظام وتريدون أن تعملوا مثالثة وتريدون أن تنسفوا المناصفة وما شاكل، هذا الذي الآن من جديد يُشتغل عليه.
طبعاً، يوجد أيضاً تعليق هادئ ومختصر. يعني أنتم مصرون على هذا الاتهام، هذا الاتهام لا أساس له، وأنتم تدّعون وعليكم الدليل وعليكم البينة، أين دليلكم؟
اجلبوا واحداً من الثنائي الشيعي أو من الشيعة في لبنان،علمائهم، أساتذتهم، نخبهم، ناسهم، أي أحد قال نحن نريد مثالثة في لبنان، الآن وقبل وقبل وقبل.. تفضلوا اجلبوا دليلاً واحداً، شاهداً واحداً، حتى نعتذر منكم ونقول إن هذا الأخ مخطئ، هذا لم يحصل، لا أحد تكلم عن هذا الموضوع، لا أحد قارب هذا الموضوع، لا من قريب ولا من بعيد. بل أكثر من ذلك، أنتم تعرفون، وتكلمنا سابقاً وأنا أستطيع أن أدعي أنها لم تخطر في بالنا، الآن في الحد الأدنى أنا وأخواني الذين نتكلم مع بعضنا ونفكر مع بعضنا لم تخطر في بالنا قبل أن يتكلموا هم بها، حتى في البال لم يكن أحد في باله أو في أوهامه أو في خياله صيغة نظام قائمة على قاعدة المثالثة، أول من طرح ـ وأنا أعود وأؤكد على هذه النقطة حتى لا تنجر بعض المرجعيات الدينية خصوصاً والوطنية إلى هذا الخطأ في الفهم أو التقدير ـ أول من طرح هذا الأمر قبل سنوات ـ أي المثالثة ـ هم الفرنسيون: وفد فرنسي جاء إلى طهران وتكلم مع الايرانيين بفكرة أن اتفاق الطائف لم يعد قادراً، لم يعد مناسباً، تجاوزه الزمن في لبنان، ما رأيكم بأن نصيغ صيغة جديدة على قاعدة المثالثة؟ أصلاً الايرانيون لم يطرحوا هذا الموضوع ولم يفكروا به ولم يخطر ببالهم، إذا نحن لم يخطر ببالنا، والأخوة الايرانيون هم أجابوا من عند أنفسهم ومع ذلك سألونا وقلنا لهم هذا غير وارد على الإطلاق. نحن لا نفكر بهذا ولا نطلب هذا ولا نريد هذا. وهؤلاء الفرنسيون أصدقاؤكم، إذهبوا واسألوهم، وهذا موجود في محاضر الجلسات.
الآن إذا كان أحد مصراً أن يبقى يتهمنا بموضوع المثالثة “يصطفل”، لأنه نحن لا ننضغط بالاتهام، يعني أنا لا أقول ذلك لأننا مضغوطون، أبداً، أبداً، أبداً.. على مهلكم لتقتنعوا أن هذا ليس صحيحاً، إذا كان هناك أحد في لبنان “حابب هو أن يركّب وهم وأن يركّب مشروع” باعتقاده خطر ويريد أن يعمل معركة مع هذا الوهم ومع هذا المشروع الخطر “يصطفل”، يقاتل حتى يشبع، نحن خارج هذا الأمر ولا يعنينا هذا الأمر، لم نفكر فيه ولم نطالب به ولا نسعى إليه، وانتهينا وأيضاً نقطة على أول السطر.
حسناً، إذا كنتم تعتقدون أنه نحن كما تتهموننا أننا نسعى إلى فراغ رئاسي من أجل فرض المثالثة، حسناً، تريدون أن تقطعوا الطريق على المثالثة. تعالوا لننتخب وننهي الفراغ الرئاسي أو الشغور، تعالوا وتفضلوا، اقبلوا بالرئيس، بالشخصية القوية التي لها حيثية وطنية ومسيحية واتفضلوا الليلة، كلنا نناشد دولة الرئيس مجلس النواب ونقيم جلسة وننتخب رئيساً، وبذلك تقطعون الطريق على المثالثة، نحن جاهزون. لكن من يمنع صاحب الحق من الحصول على حقه معروف في البلد.
من هنا أدخل على الاستحقاق الرئاسي أيضاً بكلمتين، لأقول إننا نحن ندعو إلى سعي جدي، إلى فعالية داخلية، طبعاً في 25 أيار أنا قلت إنه يوجد حوار بين التيار الوطني الحر وبين تيار المستقبل وما زلنا نترقب نتائج هذا الحوار، لكن نحن اليوم ندعو إلى أكثر من ذلك، إلى جهود متعددة الأطراف للوصول بهذا الاستحقاق إلى النهاية المطلوبة، جهود داخلية.
حسناً، تقولون إن البعض ـ نحن لسنا كذلك ـ ينتظر الخارج.
ـ أولاً، هذا الخارج ليس لديه وقت للبنان، ” يعني ما حدا فاضيلنا” لا للرئاسة ولا لغير الرئاسة.
ـ ثانياً، هذا الخارج كل يوم يقولون لكم علناً وغير علناً نحن لا نريد أن نتدخل، لماذا تنتظرون الخارج؟
اسمحوا لي، باعتبار أننا نحن علاقتنا مميزة مع إيران مع الجمهورية الاسلامية في ايران، اسمحوا لي أن أقول لكم: لا تنتظروا العلاقات الإيرانية السعودية ولا المفاوضات الايرانية السعودية، لا تنتظروا. حتى عملياً يعني، أولاً، حتى الآن لا يوجد موعد. يعني للأناس الذين يعدّون الأيام والساعات أنه نحن اللبنانيين “مريّحين حالنا” ولا نبذل أي جهد و لا نقوم بأي تواصل ولا بأي مباحثات، “قاعدين منتظرين”، ماذا ننتظر؟ اللقاء الايراني السعودية والمفاوضات الايرانية السعودية.
ـ أولاً، حتى الآن لا يوجد موعد.
ـ ثانياً، ليس من المعلوم أنه سيحصل موعد قريب.
ـ ثالثاً، إذا حصل موعد والعالم التقت، غير معلوم حول ماذا سيتفاوضون.
ـ رابعاً، إذا حددوا حول ماذا سيتفاوضون، من قال إن الملف الرئاسي سيكون موضع تفاوض إيراني ـ سعودي.
ـ خامساً وسادساً، من آخر الخط والكل يعرف بالنسبة للجمهورية الاسلامية في إيران أنها لا تفرض شيئاً على حلفائها ولا على أصدقائها، لا في لبنان ولا في سوريا ولا في العراق ولا في أي مكان، لأنها تحترم حلفاءها وأصدقاءها في كل مكان.
وبالتالي، أنا بكل صدق وإخلاص، كلبناني وكجزء من اللبنانيين الحريصين على أن لا يكون هناك شغور، أن ينجز هذا الاستحقاق في أسرع وقت ممكن، أقول إنه تفضلوا، ليُعمل جهد داخلي حقيقي، يوجد قادة في البلد قادرون على أن يتخذوا مبادرات، ونحن اللبنانيين ننجز استحقاقنا، حسناً حتى الذين ينتظرون السعودية، السعوديون يقولون في العلن في الحد الأدنى إنه نحن لا نريد أن نتدخل، دعونا نأخذ على العلن في الحد الأدنى، لا أحد يريد أن يتدخل، لا أحد يريد أن يقوم بمسعى، لا إقليمياً ولا دولياً، وكل الدول التي كانت تساعد في الماضي الآن مشغولة، بدءاً من سورية إلى آخر دولة في العالم.
أنا أدعو هنا إلى الجهد الداخلي لإنجاز هذا الاستحقاق.
النقطة الأخيرة في الشأن اللبناني، هي الدعوات المتكررة من قبل اللبنانيين، أيضاً القيادات اللبنانية، وهذه هي رغبة الشعب اللبناني، الجديد أنه يبدو أن هناك إجماعاً دولياً وإقليمياً على أن يكون لبنان هادىئاً ومستقراً وآمناً.
الحمد لله رب العالمين، واقعاً هذه نعمة، بأن يكون العالم كله في هذه المرحلة يريد هذا الأمر، انه نحن نريد للبنان الأمن والاستقرار والسلام والهدوء.
حسناً، هذا أيضاً يحتاج إلى تعاون اللبنانيين، هذا لا يكفي فيه التمنيات الدولية والإقليمية ولا الإرادة الدولية والإقليمية. طبعاً الارادة الدولية والإقليمية مهمة ومؤثرة، لأنه باستطاعة أي أحد أن يشغّل مخابراته في لبنان، يشغّل جماعات تتصل به، يموّلها، يحرّكها، يحرضها كي تخرّب الوضع الأمني. هذا ممكن، لكن يتوقف بالدرجة الأولى على ارادة اللبنانيين أنفسهم، وهذا أيضاً ما أدعو له اليوم، وأؤكد من جهتنا نحن، رغم كل ما يجري في المنطقة وكل ما يجري من حولنا، نحن حريصون جداً على الأمن والسلم والهدوء والاستقرار، وأن هذه الأيام وهذه الأسابيع وهذه الشهور، واذا فينا كل السنوات، أن تمر بسلامة وعافية على لبنان وعلى الشعب اللبناني، وبما للأمن والسلم والاستقرار من بركات وآثار سياسية ونفسية واقتصادية واجتماعية ووو، هي مسؤوليتنا جميعاً أن نعمل على تعزيز هذا السلم وهذا الاستقرار، إنجاح الخطط الامنية، تواصل، تعاون في أي مستوى من المستويات.
الأمن والاستقرار لا يحتاج إلى حل سياسي جذري. طبعاً إذا وصلنا إلى حل سياسي جذري لكل القضايا العالقة بين القوى السياسية في لبنان (أمر جيد)، لكنه لا يحتاج الى هذا، يحتاج إلى إرادة في الحفاظ على السلم والأمن والاستقرار في لبنان.
ومن أهم العوامل التي هي من مؤشرات الحد الادنى، هو مثل ما هو موجود بالبلد منذ عدة اشهر، هو هدوء الخطاب السياسي، يعني عندما يقف التحريض، وخصوصاً التحريض الذي له طابع طائفي، الذي لديه طابع مذهبي، هذا يوثر بشكل كبير جداً على تحقيق السلم والأمن والاستقرار في هذا البلد. طبعاً وإن كان يوجد جهات سياسية ووسائل اعلام، هي تتجاهل هذه الحقائق وتعتدي وتهاجم وتتهم وتكذب وتنشر معلومات كاذبة فيما يعنينا ويعني غيرنا، ولكن مع ذلك هذا لا يغيّر شيئاً من الوقائع، المهم انكفاء وتراجع الخطاب الطائفي والمذهبي، هو من أهم العوامل المساعدة والمؤثرة على حفظ الاستقرار والهدوء والعافية والسلامة العامة في لبنان، وهذا ما يجب أن نحرص عليه جميعاً.
في الشأن السوري كلمتان:
أهم حدث حصل في الآونة الأخيرة هو حدث الانتخابات الرئاسية في سورية، وهذا الإقبال الشعبي الجماهيري الكبير والذي يعتبر بحق انجازاً تاريخياً وانتصاراً عظيماً لسورية وشعبها وقيادتها.
فيما مضى والغرب وعدد من الدول الاقليمية بذلوا كل ما يستطيعون، فعلوا كل شيء من أجل منع حصول انتخابات رئاسية في سورية، يبدأ من التهديد، من البدايات هددوا بأنه إذا قامت سورية بانتخابات رئاسية وتحدد موعد وذهب الناس إلى الانتخابات فإن المجتمع الدولي سيفعل كذا وكذا وكذا.
طبعا الآن لا يمكنهم أن يتحدثوا باسم المجتمع الدولي، عندما يكون هناك دول بمستوى روسيا، دول بمستوى الصين والبرازيل وجنوب افريقيا ودول البريكس، هي خارج هذا المشروع، عندها لا يمكنهم أن يتحدثوا أن هذه هي إرادة المجتمع الدولي أو هذه هي الإرادة الدولية. الأميركيون والغرب وحلفاؤهم الإقليميون هددوا وتوعدوا بأنه إذا حصل انتخابات سوف نقوم ونفعل، ويمكنكم الرجوع إلى سيل التهديدات الذي أُطلق، لكن في الحقيقة هذه التهديدات، وهذه الضغوط أيضاً، وأنا أعرف ضغوطاً تمت ممارستها على القيادة السورية لعدم اجراء انتخابات وتم توسيط أصدقاء لسورية أيضاً لنقل رسائل أو تمنيات من هذا النوع، ولكن الموقف السوري كان حاسما في مبدأ إجراء الانتخابات في الموعد المحدد.
ثانياً، الضغط الذي صار حتى على الشعب السوري، أو في نفس الانتخابات حين أتوا مسبقاً واعتبروها مهزلة ومسخرة وليس لديها قيمة وفاقدة للشرعية ووو، ولا تعذّبوا أنفسكم بان تقوموا بانتخابات، ولن نعترف بها وهذا مصادرة، حسنا لتتمهل قليلا أنت، هذا الشعب السوري، هل سوف يأتي إلى صناديق الاقتراع أو لن يأتي؟ سوف يكون هناك إقبال أو سوف يكون هناك مقاطعة؟ في النهاية كل الذين رفضوا الانتخابات الرئاسية في سورية ووصفوها قبل اجرائها وقبل أن تبدو معالمها وملامحها، وصفوها بأنها مهزلة ومسخرة وبأنها غير شرعية وأنها لا تعبّر عن الإرادة الشعبية، يعني هم يصادرون إرادة الشعب السوري، هم يصادرون الوقائع، وهم يفترضون وقائع غير موجودة.
حسناً، أتوا للضغط على الشعب السوري نفسه في كل مكان، في داخل سورية وفي خارجها.
في الخارج كلنا يعرف أن عدداً كبيراً من الدول منعت السوريين من أن يقترعوا ومن أن ينتخبوا، وهذه الدول تدعي أنها تريد الديمقراطية وتريد للناس أن يعبّروا عن آرائهم.
حسناً، لو سمحتم للسفارات السورية في العالم بأن تفتح أبوابها، حينها سوف يظهر السوريون المغتربون أو الموجودون في الخارج، هل سيقاطعون؟
حينها سوف يظهر أن هذا النظام لا يمتلك شعبية، حسناً، لماذا لم تسمحوا، حتى هذه كانت فرصة للمعارضة، إذا كنا نريد أن نتكلم بالسلمية السياسية، كان يوجد فرصة أن تُفتح صناديق الاقتراع في كل السفارات السورية في العالم، ويظهر حينها أن السوريين يقاطعون الانتخابات، لكن لم يسمحوا لهذه الفرصة، لأن لديهم معطيات ومعلومات أعود إليها لاحقا، معطياتهم ومعلوماتهم بأن السوريين سيأتون في كل مكان يفتح فيه صندوق انتخاب وسيشاركون بكثافة، هذه معلومات المخابرات العالمية كلها، ولذلك هم كانوا يعملون لمنع هذا الاستحقاق. لو كان حقيقة لا يوجد شعبية ولا احتضان للانتخابات الرئاسية والناس لن تلبي، ما كان يفترض أن يقلقوا منها إلى هذا الحد، ولا أن يحاربوها هكذا ولا أن يعملوا على تعطيلها إلى هذا الحد، وصولاً إلى إصدار فتاوى التكفير في حق من يذهب وينتخب، حتى لو كان لا ينتخب الرئيس بشار الاسد، هذا كافر مرتد ومباح الدم، وصولاً إلى عشية الانتخابات التهديد بتحويل كل المناطق إلى ساحات دم، وصولاً إلى ما هو أسوأ من ذلك وهو طبعا دليل ضعف، بأنه ظهر بما يسمى رئيس الائتلاف السوري المعارض، ليوجه خطاباً إلى الشعب السوري ويقول لهم: الزموا بيوتكم غداً لأن معلوماتنا كمعارضة سورية “شوفوا العظمة” معلوماتنا أن النظام سوف يرسل غداً سيارات مفخخة على مراكز الاقتراع، فحرصاً على سلامتكم ابقوا في بيوتكم. أليس هذا الكلام مضحكاً ؟ أليس هذا دليل فشل؟ أليس هذا دليل هزال؟
أي أنه بدل أن يقول لهم: لا تذهبوا إلى الانتخابات لأن هذه الانتخابات كذا وكذا وكذا، لا، ذهب ليهددهم بحياتهم وأرواحهم، ثم ينسب ذلك ويقول: النظام يريد أن يرسل سيارات مفخخة على مراكز الاقتراع. لا يوجد أسخف من هذا، لا في حرب نفسية ولا في حرب سياسية.
طبعا هذا النظام من مصلحته أن يأتي الناس إلى مراكز الاقتراع، ومن مصلحته هو أن يأتي الناس ليقفوا في الطوابير، ومن مصلحته أن يكون هناك انتخابات شعبية وجماهيرية عارمة، هو الذي تتهمه أنه يرسل سيارات مفخخة، يعني من يتكلم مع من؟
حسنا، حصلت الانتخابات رغم كل هذه الموانع والعوائق والجهود، والتهديدات وفتاوى التكفير والضغوط، ورأينا ما حصل في الانتخابات، ليس أن الامر حصل في قاعة مغلقة، حتى نأتي ونقدم معلومات عنه، فكل الناس رأوا، هنا من يريد أن يكابر فهذا شأنه، الذي يقول إن هذا مهزلة فهذا شأنه، في النهاية أريد أن أقول إن توصيف الواقع بغير الواقع لا يبدّل هذا الواقع.
هناك مشهد كل الناس شاهدوه بدءاً من لبنان، مشهد أمام السفارة السورية في اليوم الأول وأيضاً في اليوم الثاني، وخصوصا في اليوم الأول، فاجأ الجميع نعم، أنا احب أن اقول لكم بصراحة، لم يفاجئ فقط قوى 14 آذار. أصدقاء سوريا فوجئوا في لبنان، نحن تفاجأنا.
طبعا التخفيف من الموضوع ان هناك جهات حزبية، وحزب الله ضغط على الناس وحكى مع الناس وعمل (دعم) لوجستي وعمل نقليات، هذا كله غير صحيح .
لم يحصل شيء من هذا. السوريون هم بأنفسهم جاؤوا من كل المناطق من كل المحافظات، ذهبوا إلى السفارة وانتخبوا، لا أحد حكى معهم ولا ضغط عليهم ولا “لوجستية” ولا ماكينة انتخابية. وكم هو العقل الذي يواجهك أصلا يدعك تزداد قناعة بصوابية موقفك وقوتك وتفاؤلك بالمستقبل لما ترى الطرف الثاني يلجأ إلى الأكاذيب والأكاذيب والأكاذيب كدليل أنه مفلس “ما عنده شيء”، وهذا ما صدر عنهم، فضلاً عن أن يقول البعض إن الذين انتخبوا في السفارة السورية هم عناصر من حزب الله. عال، اليوم الداخلية بإيدكم، الدولة ووزاراتها الأساسية معكم، وهذه الأفلام مصوّرة، بيّنوا لنا من هم عناصر حزب الله الذين انتخبوا في السفارة السورية، هذا سخف.
على كلٍّ، شاهدنا في لبنان وفي العديد من العواصم في العالم، والأهم ما جرى في داخل سوريا، هذا الحشد الكبير الذي لا يستطيع أن يتنكر له أحد. ممكن لأحد أن يناقش بالنسبة المئوية، يقول أكثر أقل، لكن لا يستطيع أحد أن يناقش بأن الملايين نزلت في مختلف المحافظات ومختلف المدن ـ إلا الخارجة عن سيطرة الدولة ـ ووقفوا في صفوف طويلة ولساعات طويلة وانتخبوا، فهذا لا يمكن لأحد أن يتنكر له. حصلت هذه الانتخابات، طبعاً سمعنا بعد ذلك ردود أفعال . هذا يقول الانتخابات صفر، هذا صفرك إنت، لكن من يقول هذه الانتخابات صفر؟
هذه انتخابات ملايين، أو في أناس أصدروا بيانات، وأنا قلت لأحد الإخوان أنا تصورت أن شخصاً أتى بقاموس الشتائم وأخذ ينقل منه. هذا ليس بياناً سياسياً. يعني ما في شتيمة إلا ووضعها في البيان، هذا ليس بياناً سياسياً، ولكن على كل حال هذا يعبر عن الفشل والإحساس بالهزيمة والخيبة، وهم كانوا يتوقعون أن تبقى الصنايق خالية، ولا أحد يذهب إلى السفارة، ولا في أي مكان في العالم، وحتى داخل سوريا، أن تحصل مقاطعة شعبية واسعة للانتخابات، وهم كانوا ينتظرون يوم فضيحة النظام ، فانقلب السحر على الساحر وكانت الانتخابات.
عمليا ما هي النتائج السياسية التي ثبّتها الشعب السوري بهذه الانتخابات، ومن خلال هذه المشاركة الكثيفة بالانتخابات؟
سأختصرها لأختم في الشأن السوري، ولا أريد أن أتكلم أكثر من الانتخابات:
أولاً: وحدة سوريا. لكل الذين كانوا يخططون لتقسيم وحدة سوريا على أساس طائفي أو على أساس مذهبي أو على أساس عرقي، جاءت هذه الانتخابات لتثبت أن سوريا واحدة وستبقى واحدة.
ثانياً: بقاء الدولة، انه لا.. هناك دولة، وهذه الدولة متماسكة وقادرة أن تدير انتخابات في الداخل والخارج، وقادرة أن تستوعب ناخبين بالملايين، في الوقت الذي شاهدنا المشاريع بأكثر من بلد كانت تستهدف نسف بنية الدولة ومؤسسات الدولة. في أكثر من بلد هذا حصل.
ثالثاً: أكد إرادة الصمود عند السوريين، والحضور في صنع المستقبل السياسي. عدم الياس وعدم الاحباط وعدم التخلي عن مستقبلهم لتصنعه دول العالم”من تسمي نفسها بأصدقاء سوريا”.
السوريون بالانتخابات قالوا: نحن من يصنع مستقبل سوريا. لا أميركا ولا جنيف واحد ولا جنيف 2 ولا أي عاصمة في العالم، لا دولية ولا إقليمية .
السوريون هم الذين يصنعون مستقبلهم ويقومون ببناء دولتهم وبناء وطنهم وبناء نظامهم السياسي أو إصلاح نظامهم السياسي وما شاكل.
رابعاً: قالت الملايين إن المعركة ليست بين النظام وبين الشعب، كما قلتم خلال كل السنوات الماضية من خلال إعلامكم . المعركة ليست بين النظام وبين الشعب ، لو كانت المعركة بين النظام وبين الشعب لوجدنا فقط بضعة مئات أو آلاف تتوجه إلى صناديق الاقتراع. عندما يتوجه الملايين يعني بالحد الأدنى أن هذا النظام وهذه القيادة تتمتع بحاضنة شعبية كبيرة جداً عبّرت عن نفسها من خلال المشاركة في الانتخابات.
وهذه مقولة إن المعركة مع النظام، مع الشعب، وإذا أخذ أحد موقفاً سياسياً إلى جانب النظام، أو أكثر من موقف سياسي مثلما نفعل نحن، لا أحد يقدر أن يقول له أنت تقاتل الشعب السوري دفاعاً عن النظام السوري، وإنما أنت تقاتل دفاعاً وإلى جانب ومع هذه الملايين التي نزلت في يوم الانتخابات وانتخبت، ولا أحد يقدر أن ينزع عنها الصفة. “بيقدروا بلبنان” أن ينزعوا عن المواطن السوري صفة نازح، ولكن لا يقدروا أن ينزعوا عنه صفة مواطن سوري يحق له أن ينتخب وأن يختار، لا يقدرون، لا أميركا ولا الغرب ولا دول الإقليم ولا أحد يقدر، السوريين قدموا هذه الرسالة ..
خامساً: إن الحرب العسكرية والتدميرية على سوريا قد فشلت ، الانتخابات هي إعلان سياسي وشعبي بفشل الحرب.
سادساً: وهي النتيجة، الثمرة الكبيرة التي تترتب على هذه الانتخابات، هي التالية:
الآن الذين يريدون أن يحكوا بالحل السياسي أو يريدون من يساعدهم على الحل السياسي، أنا أقول لهم: الذي يريد أن يتوصل لحل سياسي في سوريا لا يستطيع أن يتجاهل الانتخابات الرئاسية التي حصلت. وهذه الانتخابات التي انتخبت الدكتور بشار الاسد رئيساً لولاية رئاسية جديدة في سوريا ماذا تقول بالسياسة؟
الوقائع والمنطق يقولان إنه غير صحيح أن الحل يستند إلى جنيف1 ولا إلى جنيف2 ، غير صحيح أن الحل يستند إلى صيغة (مثلما يقولون في المعارضة) استقالة الرئيس بشار الأسد وتسليمه السلطة. بعدما اعاد الشعب انتخابه هذا لا يصح، أو كما كما يقول بعض الذين يسمّون أنفسهم معتدلين في المعارضة انه يجب إجراء مفاوضات تُفضي إلى استقالة الرئيس بشار الاسد.
“لا بعد فيكم تضعوا شرط مسبق انه مسبقا يستقيل الرئيس ولا فيكم ان تضعوا شرط ان المفاوضات او الحل السياسي يفضي الى استقالة الرئيس”. الانتخابات هذه تقول لكل المعارضة وللدول العالمية والإقليمية وللمعارضة السورية التي هي الجزء الوطني منها ـ التكفيريون خارج الحساب ـ تقول لهؤلاء جميعاً: الحل السياسي في سوريا يبدأ وينتهي مع الرئيس الدكتور بشار الأسد. هذه الانتخابات تقول هكذا.
هناك رئيس منتخب لولاية جديدة عمرها سبع سنوات، انتخبته الملايين، والذي يريد أن يتوصل إلى حل سياسي يجب أن يحكي معه وأن يتفاوض معه ويتناقش معه ويصل إلى حل معه . الآن ما هو الحل وكيف يكون؟ هذا شأن السوريين، نحن كأصدقاء ونعتبر أنفسنا جزءاً من هذه المعركة، يمكن أن نقدّم أفكاراً واقتراحات بعيدة عن الإعلام، كما أن كل الأصدقاء الحريصين على سوريا يمكن يساعدوا ، لكن في نهاية المطاف الحل هو شأن سوري وقرار سوري وهو إرادة سورية ..
هذه الوقائع تؤدي الى هذه النتيجة: الحل السياسي الآن يقوم على دعامتين، يعني على شرطين على مقدمتين أساسيتين :
المقدمة الأولى: هي الأخذ بنتائج الانتخابات والتعاطي مع أن الحل السياسي طرفه الرئيس بشار الأسد .
وثانياً: وقف دعم الجماعات التكفيرية في سوريا، بما يساعد على وقف الحرب والقتال في سوريا.
واسمحوا لي أن أقول أيضاً: لا يكفي أن تقوم بعض الدول الإقليمية أو بعض الدول العالمية بوضع هذه الجماعات على لائحة الارهاب، لا يكفي بأننا وضعنا على لائحة الارهاب داعش والنصرة.. هذا لا يكفي، لأنه يوجد دول في المنطقة، في الاقليم، قد تضع بعض هذه الجماعات على لائحة الارهاب ولكنها ما زالت تقدم لها الدعم المالي، والتسليحي، واللوجستي..
من يريد الحل السياسي في سوريا يجب أن يوقف هذا الدعم لتقف هذه الحرب. ونحن منذ الساعات الأولى للأحداث في سوريا، نحن من دعاة الحل السياسي، ونؤمن بالحل السياسي، ونناشد الجميع العمل على الحل السياسي، ونناشد كل الجماعات المقاتلة الآن في سوريا مجدداً كما حصل في مدينة حمص، وكما حصل في أماكن أخرى، أقول لهم بصراحة ومن خلال الوقائع والمعطيات الميدانية والوطنية في سوريا، والإقليمية والدولية وقراءة كاملة تأخذ جميع العناصر والعوامل بعين الاعتبار: لا أفق لقتالكم، لا أفق لهذا القتال سوى المزيد من تدمير بلدكم، وسوى المزيد من سفك الدماء.
الجميع يجب أن يسلّم وأن يعتقد وأن يعترف بأن لا أفق للحرب العسكرية في سوريا، لن تؤدي إلى احتلال سوريا، ولا إلى سيطرة الآخرين عليها، وأن الحفاظ على ما تبقى ومن تبقى في سوريا، من أهلها الطيبين، من شعبها المقاوم، والرافض للاستسلام، من عمرانها وبنائها وحقولها وزراعتها وصناعتها واستعادة عافيتها، يتوقف بأن يذهب الجميع إلى المصالحة وإلى الحوار وإلى البحث عن مخارج سياسية ووقف نزف الدم والقتال المتواصل والذي في الجقيقة لم يعد يخدم أي أهداف سورية وطنية داخلية. أبداً، لم يعد يخدم أي أهداف سورية وطنية داخلية.
في هذه المناسبة، من واجبنا أن نبارك للشعب السوري. نحن في طبيعة الحال، اللبنانيون مختلفون، كل فئة لديها نظرة مختلفة للانتخابات. نحن نتكلم عن نظرتنا، وبناءً على نظرتنا وتقييمنا، نبارك للشعب السوري هذا الانجاز السياسي المصيري، وللرئيس الاسد هذه الثقة المتجددة بقيادته لسوريا مجدداً نحو السلام والبناء والوحدة الوطنية والموقع القومي المتميز، ونسأل الله تعالى أن يوفّق السوريين جميعاً، بأن يتلاقوا وأن يتصالحوا، ويتسالموا ويتعايشوا ويعملوا سوياً على إقرار إصلاحات، أو تنفيذ إصلاحات تم إقرارها، وإعادة بناء سوريا من جديد، وإعادة سوريا إلى موقعها الإقليمي والقومي المتميز حاضراً وماضياً، والذي يجب أن يبقى متميز مستقبلاً.
وأقول للبنانيين ـ الذين طبعاً يقلقهم شيء من هذا في سوريا ـ أقول لهم كما قلت في مناسبات ماضية، لأننا نحن أمام انتصار جديد، هذه الانتخابات هي ثمرة ثمار الانتصارات العسكرية ودماء الشهداء والتضحيات.. أقول لهم أمام هذا الانتصار الجديد: لا تقلقوا إذا انتصرت سوريا، لا تقلقوا إذا لم تهزم، اذا لم تقسّم.. بل اقلقوا إذا قُسّمت، إذا هُزمت، إذا سيطرت عليها تلك الجماعات المسلحة، يجب أن تقلقوا، لا تقلقوا إذا انتصرت سوريا وإذا تعافت سوريا، فإن انتصارها وعافيتها ستكون بركاته عليها، على لبنان، وعلى كل المنطقة.
أعود إلى مولانا سماحة الشيخ، لأعاهد روحه الطاهرة وأقول له، لأخينا الكبير، والعزيز والحبيب، والقدوة، والأسوة، والنموذج، لسماحة العلامة الشيخ مصطفى قصير: نحن إخوانك يا أخي سنواصل دربك وطريقك، سنكون الأمناء إن شاء الله على إنجازاتك، على جهودك، على مؤسستك، على تضحياتك.
سنواصل هذا الطريق ونحمل نفس الفكر الذي كنت تحمله، نضحي من أجل نفس الأهداف التي عشت من أجلها، وشابت لحيتك من أجلها، ومرض جسدك من أجلها، وتعبت وسهرت من أجلها، حتى يختم الله سبحانه وتعالى لنا بالعاقبة الحسنة كما ختم لك.
رحم الله فقيدنا الغالي الكبير والعزيز، رحم الله أباه العلامة الشيخ أحمد قصير (رضوان الله عليه) وأرحامه وأقاربه وأموات الحاضرين وجميع الشهداء وإلى أرواحهم مجدداً ثواب الفاتحة مع الصلوات، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.