كلام حزب الله “أبرق وأرعد” في سماء “المستقبل” وحلفائه
صحيفة الديار اللبنانية ـ
ابتسام شديد:
قد لا تكون المرة الأولى التي يتحدث فيها رئيس كتلة الوفاء للمقاومة بمثل هذه اللهجة والنبرة السياسية الحادة ، لكنها المرة الأولى التي يرفع فيها الحاج محمد رعد سبابته (على غرار الأمين العام لحزب الله) مهدداً ومحذراً 14 آذار من الانزلاق أكثر في الوحول السياسية وفي الحرب على حزب الله، فكلام النائب محمد رعد نزل كالبرق والرعد على الفريق السيادي الذي استنفر كل قياداته واستدعى رداً عنيفاً من قائد ثورة الأرز في باريس وصل الى ما يشبه الشخصي عندما اعتبر الأخير ان الحزب جنود صغار في ولاية الفقيه وسوريا. فالتصعيد المفاجىء لحزب الله على لسان نائب من الصف الأول في قيادة الحزب شغل الوسط السياسي في تحليل ماهيته واسبابه وتوقيته، فعلى ماذا بنى حزب الله تصعيده الداخلي، والذي جاء بين محطتين: خطاب النصر والإطلالة الأخيرة للأمين العام لحزب الله والتي اعتبر فيها نصرالله «ان تدخل الحزب جعل لبنان لا يتحول الى عراق آخر».
يرى المؤيدون لخطاب رعد ان ممارسات بعض القوى في 14 آذار تخطت الحدود المعقولة وتجاوزت الإطار الداخلي الى ما وراء الخطوط الخلفية، حيث لا يمكن للحزب في هذه المرحلة الحساسة، مع تزايد مخاطر التكفيريين والإرهابيين الذين نقلوا نشاطهم الى الساحة اللبنانية، إلا تنبيه الفريق الآخر ونصحه بالتوقف عن الممارسات القذرة في حق الآخرين.
فالحزب كما يقول العارفون «ذهب برجليه» الى المعركة السورية خوفاً من تمددها الى الساحة اللبنانية ومن اجل القضاء على الارهابيين والتكفيريين قبل ان يروعوا الساحة اللبنانية، وهو كان يقرأ في المستقبل والآتي، ويتوقع الأسوأ وهو الضليع في أحداث المنطقة وما يجري من حوله وخطورة المجموعات التكفيرية وهو الذي يملك أرقاماً دقيقة ومخيفة عن حجم تلك المجموعات كما عن توغلها في الداخل اللبناني، او من خلال سهولة تنقلها وتسللها الى لبنان، فحزب الله سبق وخضع لتجربة أحمد الأسير، وهو الذي حذر من تناميها ومخاطرها قبل ان تقع الواقعة في عبرا…
يروي المدافعون عن وجهة نظر حزب الله، ان الأخير، منذ اندلاع المعركة السورية، كان يتوقع «الأسوأ»، والذي يعني ان تتعرض مناطقه السكنية التي تعج بالناس لمخاطر التفجيرات الارهابية على النحو الذي يحصل في كل المنطقة التي تعج بالحركات الأصولية، وهو كان يضع في حساباته ان الضاحية ستكون في أول استهدافات القاعدة ومتفرعاتها، منذ استهداف الضاحية بالصواريخ ومنذ متفجرة بئر العبد التي شكلت جرس الإنذار المبكر لحدوث عمليات أمنية كبيرة، فكل الإشارات والتقارير والمعلومات كانت تؤشر الى وقوع تفجيرات في عمق مناطقه، ورغم ذلك فان التراجع عن المشاركة في القتال الدائر في سوريا بنظر الحزب كان ولا يزال غير وارد قطعياً مهما اشتدت الضغوط، ففي حسابات حزب المقاومة ان الحملة عليه لن تتراجع فـ «رأسه» لا يزال مطلوباً خارجياً إرضاء للكيان الصهيوني، لكن المطلوب كشف الفريق الداخلي الذي يشارك في حرب إلغاء المقاومة وتحذيره من الاستمرار في نهجه.
الغوص والتعمق في تكتيك الحزب واستراتيجيته يظهران ان حزب الله الذي انغمس في الحرب السورية بمحض إرادته دفاعاً عن النظام أولاً وحتى لا تمتد النيران السورية الى الداخل اللبناني، لن يكون في صدد التراجع عن قراره الآن، وقد جاءت مشاركته مثمرة على الأرض السورية في ترجيح كفة الانتصار لمصلحة النظام، وحيث سيستمر في الحرب على الجهاديين والإرهابيين خوفاً من تمددهم الى ساحاته. اما الرد على الداخل اللبناني فمن اجل القول «كفى» وحذار التورط أكثر لأن مصير لبنان وكيانه مهددان بقوة، ولا علاقة له بكل التجاذبات الداخلية سواء المتعلقة بملف الحكومة المعلق على مشاركة الحزب فيها او غيرها من المعطيات، او على سبيل القول ان الحزب محرج بالتحولات الجارية على الصعيد الإقليمي والتي تصب في غير مصلحته وحساباته الداخلية، فالحزب لا ينزلق في المتاهات والأمور الصغيرة.
خطاب الحزب بدل ان ينبه الفريق الآخر، فانه «ولع» النار الكامدة بين الطرفين، فالتصعيد من وجهة نظر أخصام حزب الله مرده الى عدة معطيات واسباب، فالحزب يشعر، كما يقول هؤلاء، بالعزلة الداخلية حتى عن حلفائه بعد انفتاح المستقبل على التيار الوطني الحر وبعدما اتضح ان النائب وليد جنبلاط لم يذهب الى 8 آذار، كما يشعر الحزب وفق أخصامه بالعزلة الخارجية والاختناق بعد ان ثبت ان التحول الأميركي ليس واقعاً بنتيجة استبعاد إيران عن جنيف 2.