كسر حاجز الخوف ورفع الصوت ضروريين..!
صحيفة الوفاق الإيرانية-
راسم عبيدات:
من الواضح بأن الحرب الشاملة التي تشن على أبناء شعبنا الفلسطيني المقدسيين من قبل دولة الإحتلال، في مدينة القدس وخاصة في قضايا الطرد والتهجير القسري والإقتلاع والتطهير العرقي، كما يجرى الان في حي الشيخ جراح بقسميه الغربي جورة النقاع “كبانية أم هارون” والحي الشرقي “كرم الجاعوني” والأحياء الستة في سلوان (البستان، بطن الهوى، واد ياصول، واد الربابة، واد حلوة وعين اللوزة).
وكذلك “المجازر” التي ترتكب بحق الحجر المقدسي وتحديداً في جبل المكبر، قد أطلقت وحركت العديد من المبادرات الشعبية للدفاع عن الوجود الفلسطيني في المدينة، ولكي تقول للمحتل كفى هدماً لبيوتنا وطرداً وتهجيراً بحقنا من خلال الإستيلاء على بيوتنا وممتلكاتنا.
مبادرات الحراكات الشعبية من اعتصامات وإحتجاجات ومسيرات ومظاهرات وفعاليات متنوعة واشتباك شعبي سلمي مكثف.. من شأنها ان تجعل الجماهير التي تمس مصالحها واحتياجاتها بشكل مباشر تشارك في مثل هذه الأنشطة والفعاليات.. وهذا يحتاج الى قوى مبادرة تعمل على التحشيد والتأطير لهذه الجماهير، بحيث تكسر حاجز الخوف مع جنود الإحتلال ومستوطنيه.. وكذلك من أجل رفع الصوت عالياً للقول لدولة الإحتلال وبلديتها وزعران مستوطنيها كفى بلطجة وعربدة، وهي أيضاً صرخة في وجه ما يسمى بالمجتمع الدولي ومن يسمون أنفسهم بالعالم الحر.. بأنكم أنتم بإنتقائيتكم وازدواجية معاييركم ودعمكم المستمر لدولة الإحتلال وجعلها فوق القانون الدولي، وعدم فرض عقوبات عليها، هو من يشجعها على مواصلة قمعها وتنكيلها بحق شعبنا الفلسطيني الى حد ارتكاب جرائم حرب بحقه.. واستمرار الضغط يولد الإنفجار.. ولذلك انا أرى بأن ما يحصل من بروفات للتحركات والنشاطات والفعاليات الشعبية والجماهيرية سيخلق المقدمات الضرورية نحو هبات شعبية أكثر اتساعاً وشمولية محلية ومناطقية تختمر في داخلها عوامل التحول الى انتفاضة شعبية شاملة لكل مساحة فلسطين التاريخية عندما تبلغ الذروة.
ومن هنا نستطيع القول بأن الوضع يزداد تعقيدا في مدينة القدس، وتشتد فيه الحرب على المقدسيين، في كل مناحي حياتهم الاقتصادية والإجتماعية، بالإضافة الى السعي لطردهم وتهجيرهم وإقتلاعهم من مدينتهم عبر سياسات التطهير العرقي، وهذا الوضع الخطير بات يستدعي التفكير من خارج الصندوق، بالعمل على إيجاد طرق وآليات لكيفية التصدي لمثل هذه المشاريع والمخططات الإستيطانية التهويدية.. فصحيح بأن الجماهير في أكثر من منطقة مقدسية تقوم بمبادرات لكيفية الدفاع عن حقوقها ووجودها.. ولكن لا يعني هذا أن يعمل المحتل على “كي” وعينا، لكي ننتقل من حالة الدفاع عن الوطن للدفاع عن المدينة ثم القرية ثم البيت، في عملية ممنهجة لتفكيك وعينا ودفعنا للبحث عن الحلول الفردية على حساب الحلول الجماعية، وتقديم المصالح الخاصة على المصالح العليا للوطن.
فهذا الوضع يحتاج الى قراءة معمقة، تمكننا من خلق إطار جامع وموحد وآليات عملية، تمكن من تحصين مجتمعنا المقدسي، ورفع منسوب وعيه، وتزويده بكل مقومات الصمود والبقاء، ورفده بانشطة وفعاليات على المستويات السياسية والحقوقية والقانونية، جنباً الى جنب مع المعارك الشعبية بمختلف مسمياتها وتعبيراتها.
اليوم يزداد خطر المستوطنين وعدوانهم على شعبنا الفلسطيني في الضفة الغربية والقدس والداخل الفلسطيني- 48، سواء لجهة السيطرة على الأرض وإقامة بؤر استيطانية، او لجهة الإستيلاء على البيوت والممتلكات الفلسطينية، تحت حجج وذرائع انها أملاك يهودية أو انه جرى تسريبها لهم من قبل من هم فاقدين لحسهم وإنتمائهم الوطني والديني والمتجردين من كل المعاني والقيم الأخلاقية.. أو عبر ما يسمى باملاك الغائبين، أو فقدان الملكية بسبب ما يعرف بـ “الجيل الثالث”. ويجد هؤلاء المستوطنين المتطرفين وجمعياتهم التلمودية والتوراتية، الدعم والإسناد من قبل قمة الهرمين السياسي والأمني الإحتلالي، وكذلك تعاون وتواطؤ الجهاز القضائي.
هذه الهجمة والحرب الشاملة على المقدسيين، تستدعي التعامل معها من قبل كل المرجعيات الفلسطينية لمدينة القدس منظمة وسلطة وما هو مفروز عنها لمتابعة قضايا القدس من وزارة شؤون القدس ومحافظة القدس والمؤتمر الوطني الشعبي وغيرها من الوزارات، وكذلك القوى الوطنية والإسلامية في المدينة، ان يكون لديها خطة وبرامج شمولية وفق رؤيا واستراتيجية موحدتين، ومجموعة من الآليات التنفيذية، لكي تحول الخطط والبرامج الى فعل على أرض الواقع يعزز صمود المقدسيين ويحمي وجودهم، ويمنع “تغول” و “توحش” الإحتلال عليهم، وكذلك يفشل مخططاته ومشاريعه الإستيطانية التهودية، والعبث بواقع المدينة وهويتها وتاريخها وجغرافيتها وتراثها وآثارها.
أنا أقول بشكل واضح بان تلك المبادرات الشعبية، المتقدمة على الفعل القيادي رسمياً وفصائلياً، يمكن اذا ما توفرت قيادة قادرة على إلتقاط تلك المبادرات والبناء عليها وتطورها، أن نرسي دعائم مقاومة شعبية حقيقية، تشكل عامل قلق وإرباك عند دولة الإحتلال وصناع القرار فيها، وكذلك تسهم في التأثير على جبهته الداخلية، التي لم تعد محصنة وموحدة، وتوسع أيضاً من دائرة التضامن العالمي مع شعبنا، وتعمل على فضح وتعرية الإحتلال كدولة عنصرية تمارس “الأبارتهايد” والتطهير العرقي بحق شعبنا الفلسطيني، ولعل التقرير الأخير الذي أصدرته الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية “امنستي” أنياس كالاميار، والتي وصفت فيه دولة الإحتلال بالدولة العنصرية، يمكن استثماره والبناء عليه، في تجريم قادة الإحتلال وجنوده ومستوطنيه وجلبهم الى المحاكم الدولية، ومحاكمتهم كمجرمي حرب.
كسر حاجز الخوف مع جنود الإحتلال ومستوطنيه واعلاء الصوت اعلامياً وسياسياً وحقوقياً وقانونياً بشأن ما يرتكبونه من انتهاكات خطيرة بحق شعبنا الفلسطيني وكل مكونات وجوده، تصل الى حد ارتكاب جرائم حرب، من شأن ذلك ان يفتح الطريق، نحو حالة نهوض شعبي شاملة، تحمي وجودنا وتمنع طرده وتهجيره وتعزز من صموده ومقاومته لكل مشاريع اقتلاعه.