كسر الحصار بالفكرة او بالنار
موقع قناة المنار-
يونس عودة:
لن تتوقف تداعيات انهزام المشروع الاميركي في افغانستان بخططه المتعددة الاتجاهات ، عند الحد الذي يمكن ان يستوعبه الغرب الاستعماري ، على المستوى الجيوسياسي ، تماما، كما لن يتمكن من وقف التحولات في المنطقة المسماة “الشرق الاوسط “، جراء قرار الاجراء الابداعي باستقدام النفط من ايران.
لقد دفع اعلان الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ببدء الاتيان بباخرة اولى تحمل محروقات من ايران ، الولايات المتحدة الى احراق قرار حصارها للبنان وسوريا معا ، قبل ان تمخر الباخرة الاولى عباب البحر ، وتلاحقت الاجتماعات لاستجرار الغاز والكهرباء الى لبنان من الاردن ومصر.
ان قيمة القرار الابداعي، ليس فقط في وصول السفن الى مراسيها آمنة وانها ارض لبنانية تجوب البحار ، وانما في ليّ ذراع الولايات المتحدة والكيان الصهيوني ، دون اطلاق رصاصة واحدة ، بالتوازي مع تأمين سلعة -حاجة- للشعب اللبناني .
عندما اعلن السيد نصرالله القرار سربت قيادات اسرائيلية عبر الاعلام ، انها ستقوم بعملية قرصنة – اي – لن تسمح للسفينة بالوصول الى البحر المتوسط ، ولن تسمح للنفط الايراني بالوصول الى لبنان، لان إمدادات المنتجات النفطية من إيران تخضع للعقوبات الأمريكية، لكنها سرعان ما استدركت فهم رسالة السيد نصرالله بان السفينة ارض لبنانية ، ما يعني ان التعرض لها سيقابل بردّ تفهمه القيادات الاسرائيلية، وجوهر ذلك إن مورس الحصار ، سيكون كسره حتما بالنار، ولذلك سارعت قيادات العدو ولا سيما الامنية منها لتطلق تصريحات علنية وعبر وكالات دولية ، تنفي وتتنصل من التسريبات العنترية ، مع الاصرار بان ليس من مسؤول اسرائيلي هدد بمنع وصول النفط الايراني الى لبنان .
لم ينتج القرار الابداعي دفع الاسرائيلي الى مواجهة الحائط ورفع يديه فقط ، بل انتج ايضا ارباكا للمخطط الاميركي على المستوى الاستراتيجي في المنطقة ، وعرى السياسة الاميركية كاملة بممارسة الوصاية على افرقاء لبنانيين ، وعلى سياسيي الصدفة ، الذين كانوا سارعوا الى رفض النفط من ايران بذريعة ان حل المشكلات الانسانية والاقتصادية عن طريق ايران ، ليس من الثقافة اللبنانية، وكأن الثقافة اللبنانية تكمن في لحس احذية الغرب ولا سيما الاميركي ، حتى ولو ادى الحصار الاميركي الى تجويع الشعب اللبناني واذلاله .
لقد راهن بعض الفرقاء اللبنانيي الهوية على الخروج من الشرنقة التي وضعوا انفسهم بداخلها ، ولو بموقف اميركي يعوض عما اعلنته السفيرة الاميركية الشمطاء عن مساعدة أمريكية في تنفيذ مشروع توريد الغاز المصري إلى محطات الكهرباء اللبنانية عبر الأردن وسوريا. فكانت الصدمة اقوى على لسان السناتور الديمقراطي الأمريكي كريس مورفي، بعد لقائه المسؤولين في بيروت: ان “أي وقود يُنقل عبر سوريا يخضع للعقوبات، وواشنطن تبحث عن طريقة للقيام بذلك بلا عقوبات”. اي ان الولايات المتحدة التي اسقط في يدها ، وكشفت انها وراء حصار لبنان اقتصاديا وماليا وسياسيا ، ومنع السلع الانسانية ، ولكن لم يعد بمقدورها التحدي والنزال مع حزب الله الذي فضح كل عوراتها بضربة السيد الاولى، ودفعها ايضا الى مواجهة الجدار.
طالما ضللت الولايات المتحدة البسطاء ، كما العملاء ، بان ما تنفذه من سياسات شيطانية اخضاعية مستلهم من قيم روحية ، و لذا وضعت العبارة: “نحن نؤمن بالله”، على العملة الاميركية للتلاعب بعقول الناس.
لقد اظهر هذا الفصل من مواجهة المشروع الاميركي ، ان المؤمنيين بالله ، وليس بالعملة الاميركية ، ويعملون بحق، يمكنهم هزيمة الولايات المتحدة ، وان ما نتج عن هذه المرحلة من بداية تكسير الحصار لا يعدو كونه احدى محطات النصر في الصراع القائم ،و هو احد وجوه الحرب الاقليمية – الدولية ،المتعددة الفصول ، ويبدو ان جعبة المفاجآت تختزن الكثير من الابداعات،والمراحل الاتية ستشهد ، سقوط المؤمنين بالعملة الاميركية ،مقابل انتصار المؤمنين حقا بالعبارة الموجودة في سرائرهم.