كرسي بعبدا والرئيس المُطابق للمواصفات !
موقع قناة المنار-
أمين أبوراشد:
كي نكون مُنصِفين في تقييمٍ مختصر لعهد الرئيس ميشال عون، يجب أن نعترف أن لا أحد أنصف الرجُل أكثر من الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، حين أجاب في إحدى إطلالاته الأخيرة عن تقييمه لهذا العهد بأكثر معايير الصدق صراحة. بإشارةٍ من يده، رفع السُبابة فوق الإبهام وقال: تقييم عهد الرئيس عون هو بهذا المقدار من الصلاحيات التي يتمتع بها موقع الرئاسة بعد الطائف.
انتهى الكلام بالنسبة للغالبية الساحقة من اللبنانيين عند هذا المنطق العادل في الحُكمِ على الأمور، خاصة متى كان قائله صاحب مدرسة أدبياتٍ إنسانية وأخلاقية ووطنية، واختصر ببضع كلماتٍ صائبة صادقة وصريحة، آلافاً مؤلفة من التصريحات والبيانات التي دأبت على الهجوم الظالم غالب الأحيان، ليس بالضرورة على شخص الرئيس عون، بل على موقعٍ رئاسيٍّ هذه هي صلاحياته، كائناً مَن كان الرئيس، ولو أن عون دفع ثمن مبادىء وطنية يتمسَّك بها ومعه قاعدته الشعبية، ودخل بعبدا حاملاً لواء مواقف شريفة، ويُغادر بعبدا بالمواقف ذاتها.
وبنفس الأسلوب المُحبَّب الذي اعتمده سماحة السيد، نحصر الحديث عن معركة الرئاسة الأولى، بين السُبابة والإبهام، كي نتفادى أي جعجعة من غير طحين، سيما وأن الميثاق الذي يسمح لأيٍّ كان أن يعتبر نفسه مرشحاً طبيعياً لرئاسة الجمهورية لمجرَّد أنه من الطائفة المسيحية المارونية، يسمح أيضاً لأبناء هذه الطائفة – وأنا منها – أن يكون لهم حق إبداء الرأي أسوةً بكل اللبنانيين.
نعم، نحصر بين السُبابة والإبهام مواصفات الرئيس الذي يستحق خلافة ميشال عون، بعيداً عن “الحق الطبيعي”، وعبارة “لبناني منذ أكثر من عشر سنوات” وصولاً الى السيرة الذاتية والمسيرة التاريخية، إنطلاقاً من أن لكل شخصٍ تاريخه، والشعب اللبناني وإن فشِل لغاية الآن في التوافق على كتاب تاريخ موحَّد في المدارس، فإن هذا الشعب قارىء جيد للتاريخ، لا بل هو الأجدر على المساهمة في كتابة الآتي من صفحات التاريخ، ما دام رسَّم وما زال يُرسِّم حدوده السيادية بدماء الشهادة.
نبقى حصراً ضمن عبارة “مُرشَّح طبيعي”، ونحتكم الى المنطق في السرد المُختصر ونقول: مَن يمنعه تاريخه أن يكون مُرشحاً واقعياً، يُستحسن أن لا ينسج من خيالاته مواصفات الرئيس، ويقف كالتلميذ أمام سفيرٍ من هنا وسفيرة من هناك بهدف “تسميع الدرس” حول مواصفات الرئيس التي يراها مناسبة من منظوره هو، رغم إداركه أنها مرفوضة من سواه، ولن نُطيل السرد أكثر في تاريخ أوهام جماعة السفارات، ولن نرفع لهم إشارة “ممنوع المرور” طالما الشعب اللبناني يرفعها لهم، لكن الطروحات للإتيان برئيس غير مُطابق للمواصفات، تبقى صالحة لأن تكون مادة “تسميع” في حضرة سفيرٍ أو سفيرة، ولن تكون مناسبة لِمَن يحلم بالنجاح والوصول الى بعبدا، والمعايير الوطنية والمواصفات السياسية لأي مرشَّح رئاسي يُدرك اللبنانيون أنها بين سُبابة وإبهام شخصيات قيادية موثوقة دون سواها…