قنوات اﻷكشنة أم الشيطنة؟
موقع إنباء الإخباري ـ
الشيخ أحمد إسماعيل:
كثرت في الآونة الأخيرة البرامج التلفزيونية المنحطة التي لا شغل لها إلا عالم الإثارة والأكشن، وصار التنافس بين المحطات ليس في تقديم الأفضل بل في تقديم الأرذل، دون مراعاة لذوق المشاهد الذي تعكر، واندمجت أغلب المحطات في اللعبة القذرة التي تريد نسف ما تبقى من قيمنا ومبادئنا التي ورثناها عن آبائنا وأجدادنا..
فنجد تظهيراً متعمداً لبعض الوجوه التي لا تشبهنا، وصارت بعض المحطات المصابة بالعجب تتفنن بالأكشنة وإثارة المواضيع الخطيرة والحساسة.
فعلى سبيل المثال لا الحصر، فبرنامج بلا تشفير..وفك الشيفرة.. يطلب من ضيوفه أن يحرق صورة لشخصية معينة وهذا بحد ذاته منحى خطير يؤجج الصراع أكثر مما هو واقع.. وكأن رمز نجاح أي برنامج هو في النيل من الضيف في جرأة غير معهودة، ولست مشغول البال عليه لأنه ارتضى لنفسه أن يغرق في سحر الأضواء والظهور على الشاشة ولو لذمه وتقريعه. ولا أدري بعد هذا أين نضع بلدنا؟ هذا ناهيك عن البرامج السخيفة والنكات الممجوجة التي تخدش الحياء في سابقة هي جد خطيرة ومؤشر ينذر بمستقبل لا يبشر بخير..
أما الدعايات فحدث ولا حرج.. فتارة تكرس مفهوم ان يبقى الجو ولعانا وهو حتما جو الإفراط في المسكر والضياع وليس جو الإنضباط، وتارة تأتيك دعاية أخرى تجعلك تكره طعاما معينا (المجدرة) لتفتح للمحروم من المآكل الأخرى آفاقا تجعله يتمرد على الروتين الممل فتصدمك الموسيقى أمام دهشة ذلك الشاب المصدوم بما لذ وطاب لتأتي العبارة مع إيقاع مؤثر… (صار لازم تجرب شي جديد) وهنا يتفتق خيال المشاهد على كل احتمال مهما كان سيئاً ومسيئاً..
أما عن مسلسلاتنا اللبنانية فهي حتما لا تحكي واقعنا الإجتماعي، هي تشبه المافيات وتكرس الخيانة وهي تحذو حذو الدول الراعية للإرهاب التي شغلت شبابنا بمسلسل هو اسم على مسمى (وادي الذئاب)، وتكمن الخطورة الكبرى من مسلسل كهذا في أن بطله وسيم ولا يظهر عليه بأنه قاتل.. فيقتل بمسدسه الذي لا تنفذ ذخيرته ويصفق له المشاهد بأنه قتل من يجب أن يقتله ثم يغادر مسرح المعركة مع موسيقى مترافقة مع انتصاراته..
كل هذا ولا حسيب أو رقيب، ففضاؤنا وفضائياتنا باتت متفلتة من كل الضوابط، ولا قانون يكبح جماح الفوضى الخلاقة والمتكفلة بخلق فوضى قيمية يختلط فيها حابل الفضائل بنابل الرذائل.. وعندئذ لا ينفع الندم حين تنعدم الأخلاق من مجتمعاتنا، ويكون شبابنا الذين نراهن عليهم ضحية الدعايات، ليتحولوا في حمأة الأكاذيب إلى أدوات لها، بل الى دعاة .