قلقٌ أمني من سيناريو فوضى على وقع العدوان الأمــيركي
صحيفة الأخبار اللبنانية ـ
رضوان مرتضى :
يعيش اللبنانيون حال ترقّب للعدوان الأميركي المحتمل على سوريا، ولا سيما انعكاساته الأمنية في الداخل اللبناني. المعلومات الأمنية تكشف عن استنفار مجموعات مسلّحة وتحضيرات أمنية في عدد من المناطق لمواكبة العدوان.
هنا معالم سيناريو فوضى أمنية منظّمة. الترقب والانتظار يُخيمان على الأطراف كافة، ترقّباً للعدوان الأميركي المحتمل على سوريا. لا يناقش أحدٌ في حتمية العدوان. لكن البحث جار لتكهّن مداه وارتداداته. وفي هذا السياق، تجزم أوساط دبلوماسية سورية لـ«الأخبار» بأنّ «العدوان لن يكون محدوداً»، كاشفة عن «معلومات لديها عن بنك أهداف سيُضرب لإنهاك الجيش السوري، تمهيداً لقلب الموازين لمصلحة مسلّحي المعارضة».
في مقابل ذلك، تؤكد أوساط جهادية أن «الضربة الأميركية على سوريا لن تقتصر على أهداف تابعة للنظام السوري فحسب، بل ستتعداها لتطال أهدافاً استراتيجية تُسيطر عليها المجموعات الجهادية أيضاً». وتنبع تلك القناعة من عدم تصديق هذه المجموعات بأن الولايات المتحدة قد تُسقط النظام بهذه السهولة كي تفسح المجال أمام قيام دولة إسلامية، لكنّ هذه المجموعات في الوقت نفسه تسعى إلى الاستفادة من هذه الأجواء الطارئة لقلب الموازين لصالحها، أو على الأقل تحقيق مكاسب على الأرض.
وسط هذه المعلومة وتلك، ترصد الأجهزة الأمنية تحركات مشبوهة. فالمؤيدون والمعارضون يتربّصون ببعضهم بعضاً وقد استنفروا قواهم لمواكبة العدوان في عدد من المناطق. التنسيق بين الداخل السوري والداخل اللبناني أشبه بخلية نحل.
إذ تكشف المعلومات الأمنية لـ«الأخبار» عن وجود مخطط للهجوم على المعابر الحدودية في منطقتي العبودية والعريضة وعدد من حواجز الجيش، مشيرة إلى أن أمير مجموعة «جند الشام» اللبناني الشيخ خالد المحمود الملقّب بـ«أبو سليمان المهاجر» الذي كان موجوداً في قلعة الحصن السورية، جهّز مجموعة لبنانية يُعدّ مسلّحوها بالعشرات لتنفيذ عمليات أمنية. وتشير المعلومات إلى أن المحمود موجودٌ حالياً في بلدة مشتى حسن في وادي خالد، كاشفةً أنّه تمكن من تجنيد عدد كبير من شبّان البلدة. وتوضح أنّ المحمود على تنسيق كبير مع المدعو محمد ك. الذي يحصل على دعم مالي كبير من عدد من المموّلين، أحدهم يدعى مجد د. يقيم في دولة قطر، وآخر يُدعى مصطفى د. موجود حالياً في أوستراليا.
العدوان الأميركي على سوريا لم يحصل بعد، لكنّه أصبح، بالنسبة الى هذه المجموعات بحُكم الواقع. وتكشف المعلومات أن تحرّكاتها الأمنية لن تقتصر على هذين المحورين فحسب، مشيرة إلى أنها تهدف إلى محاولة رسم مشهد ميداني جديد. وذلك يحصل، بحسب المعلومات المتوافرة، إذا تمكّن «مسلّحو المعارضة السورية» والمسلّحون اللبنانيون الذين يدورون في فلكهم من عرقلة تحرّك مجموعات حزب الله في الداخل اللبناني عبر زرع عبوات ناسفة تستهدف مواكبه، أو إشغاله بتوترات أمنية داخلية. وتشير المعلومات الأمنية إلى رصد «انتقال مجموعات مسلحة إلى لبنان»، الأمر الذي سينعكس سلباً على أمن بعض المناطق. كما تشير المعلومات إلى وجود تحركات أمنية تشهدها بعض قرى وادي خالد ومحيط أكروم، كاشفة عن مخطط لدى بعض المجموعات لتنفيذ هجوم على بلدة قرحة، كونها القرية الوحيدة في عكّار التي ينتمي أبناؤها إلى الطائفة الشيعية. كذلك تكشف المعلومات عن تجهيز مسلّحين ذوي ميول متشددة لضرب طرق الإمداد التي يسلكها موالون لحزب الله، ولا سيما في البقاعين الغربي والأوسط، بالإضافة الى طريق المصنع ـــ شتورا، وصولًا إلى بيروت. وتشير المعلومات إلى أنّ طريق الناعمة ستُقطع كالمعتاد بين بيروت والجنوب لعرقلة تحرّك أنصار حزب الله. أما في طرابلس، فتكشف المعلومات عن استعداد المجموعات المسلّحة التابعة لقادة المحاور في باب التبّانة لتنفيذ انتشار مسلّح في كل طرابلس فور بدء العدوان، مشيرة إلى أنّ هؤلاء سيهاجمون عدداً من مراكز المجموعات التي يتهمونها بـ«التبعية للنظام السوري».
وتوضح مصادر شمالية لـ«الأخبار» عن وجود مخطط لـ«هجوم استباقي على المجموعات الموالية للنظام السوري في طرابلس لإطاحتها، مثل حركة التوحيد الإسلامي والقوميين ومجموعة الشيخ عبد الكريم النشّار». وتضع هذه المصادر «المخطط الهجومي في إطارٍ وقائي»، استناداً إلى توافر معطيات لديها عن «مخطط للمجموعات الموالية لحزب الله للتحرّك وتنفيذ اغتيالات». كما تشير المعلومات الى أن هجوماً سيُشنّ على منطقة جبل محسن.
إن صدقت معلومات التقارير الأمنية، فلن تكون المعركة المرتقبة بين الموالين والمعارضين للنظام السوري فحسب، بل ستُشن هجمات ضد مواقع للجيش اللبناني أيضاً في الشمال والبقاع. ورغم أن المصادر الأمنية تؤكد أن أجواء مخيم عين الحلوة ستكون هادئة، إلا أنها تتخوّف من احتمال أن يلجأ هؤلاء إلى تنفيذ عمليات أمنية على شكل سيارات مفخخة أيضاً، ولا سيّما أن العدوان الأميركي يُرجّح أن يتزامن مع بدء الجيش السوري معركة عسكرية، قد يُعاونه فيها «حزب الله»، في كل من الزبداني وقارا ويبرود وجبال القلمون. وبحسب المصدر نفسه، فإن انتصار الجيش السوري في هذه المناطق يعني انسداد جميع المنافذ في وجه مسلّحي المعارضة. وبالتالي، قد يلجأ هؤلاء إلى عمليات أمنية في الداخل اللبناني لتنفيس الضغط عليهم في سوريا، فيصبّ ذلك، وفق المنهج نفسه، في اعتقاد هذه المجموعات بأن إرباك حزب الله داخلياً بضغوط وأحداث أمنية داخلية، يُشتِّت تركيزه القتالي في سوريا على حساب انشغاله في تأمين تحركات كوادره في بيئته الداخلية.
وفي سياق استمرار انتقال شبّان لبنانيين للقتال إلى جانب مجموعات المعارضة المسلّحة، علمت «الأخبار» أنّ ع. ش. الملقب بـ«أبو محمود» (21 عاماً)، أحد سكان منطقة باب الرمل في طرابلس والذي يعمل في مجال بيع المجوهرات في سوق الصاغة، غادر إلى سوريا عبر بلدة عرسال للقتال إلى جانب تنظيم «جبهة النصرة لأهل الشام» ضد الجيش السوري.