قطاع العقارات يدفع ثمن الأزمة الإقتصادية في لبنان
وكالة أنباء آسيا-
شيماء أحمد:
ألقت الأزمة الاقتصادية التي يمر بها لبنان بظلالها على لبنان ما أثر على كافة القطاعات في البلاد، ومن بين تلك القطاعات التي تأثرت بالسلب قطاع العقارات الذي شهد حالة ركود كبير بعكس السنوات الماضية.
وتأتي حالة الركود نتيجة لعدة عوامل من بينها انهيار القدرة الشرائية للمواطنين بسبب انهيار الليرة اللبنانية أمام تقلبات سعر صرف الدولار بالإضافة إلى توقف المؤسسة العامة للإسكان عن منح القروض ولا سيما للفئات الشبابية، فضلاً عن توقف استبدال شيكات الودائع المصرفية بعقارات سكنية والمطالبة “بالفريش” دولار.
وأدت هذه العوامل مجتمعة إلى جمود في حركة بيع وشراء الشقق السكنية، ما دفع العديد من أصحاب العقارات إلى تخفيض أسعار شققهم من أجل الحصول على الدولار لتأمين مستلزماتهم اليومية.
ومع الارتفاع الجنوني لسعر صرف الدولار قياسا لليرة اللبنانية، هبطت الأسعار في سوق العقارات وتراجع معها سعر الشقق السكنية، ففي العاصمة بيروت على سبيل المثال تراجع سعر العقار الصغير في المناطق الشعبية من 150 ألف دولار إلى نحو 60 ألفا.
وسط جمود في حركة تأجير الشقق السكانية بسبب الأزمة المستفحلة بين المالكين والمستأجرين، في ظل غياب تطبيق القوانين التي تراعي التوازن العادل بينهما.
وفي محاولة لإعادة تحريك القروض السكنية، أعلن المدير العام لمصرف الإسكان انطوان حبيب عن خطوة قد تفتح الباب ولو بشكل محدود أمام الشباب للاستفادة من قرض تصل قيمته إلى مليار ليرة أي ما يوازي حوالى 37 ألف دولار لشراء شقة أو بناء منزل أو الاستفادة من قرض 400 مليون ليرة لترميم مسكن بفائدة تبلغ 4.9 في المئة.
وأوضح حبيب في تصريحات صحفية “أن مصادر التمويل منها داخلي ومنها خارجي ونسعى لتحويل القرض العربي للتنمية الاجتماعية والاقتصادية بما يُعرف بالقرض الكويتي بقيمة 165 مليون دولار من أجل القروض السكنية”.
من جانبه أشار أستاذ استراتيجيات الاستثمار في الأسواق العقارية في الجامعة اللبنانية الأميركية جهاد الحكيّم في تصريحات صحفية إلى أن “سوق القطاع العقاري انخفض في الفترة الأخيرة أكثر من 60 بالمئة، في حين ارتفع سوق الذهب بنحو 70 بالمئة”.
ولفت إلى أن “سعر الشقق يختلف من منطقة إلى أخرى، فشقة مساحتها 90 متراً خارج بيروت أصبحت تُباع بأقل من 20 ألف دولار”.
وأوضح”ان المغتربين اللبنانيين هم من يقومون بشراء العقارات وباتوا حالياً يفضلون شراء شقة على بناء مسكن لأن بناء شقة على سبيل المثال قد يحتاج إلى 80 ألف دولار في حين أن الشراء يكلف 40 ألف دولار كاش، أي أصبحت الشقة تُباع بأقل من كلفتها أو ما يسمى بـ Replacement cost.
واعتبر الحكيّم ان “خطوة مصرف الإسكان لا تحرك قطاع العقارات لأنها مخصصة للشراء أو الترميم في قرى الريف والمناطق وليس في بيروت وضواحيها وعلى المُقترض أن يدفع دفعة مسبقة بنسبة 20% أي يتوجب عليه أن يدفع 10 آلاف دولار كدفعة أولى والا يقل راتبه عن 15 مليون ليرة وبالتالي هذه الشروط غير متوافرة عند أبناء الريف والمناطق ولا تناسب أصحاب الدخل المحدود”.
ولفت إلى أن “الرواتب الحالية لأغلبية الموظفين لا تتجاوز الـ 5 أو 7 ملايين ليرة، وبالتالي لا تكفي لدفع الحاجات الأساسية كفاتورة مولد الكهرباء وصفائح البنزين والأدوية والفاتورة الصحية ولن يكون بمقدوره الاقتراض على الرغم من انخفاض أسعار الشقق.”
مؤمجا على “أن الأزمة الاقتصادية والمالية وما رافقها من تبخّر للودائع والمدخرات وانهيار للقطاع المصرفي، وتوقف القروض السكنية، وتدهور سعر صرف الليرة والقدرة الشرائية للمواطنين في لبنان كما في الاغتراب، كل هذه العوامل ساهمت بتسريع عملية انهيار القطاع العقاري”.
الجدير بالذكر أنه في بداية الأزمة، لجأ بعض المودعين إلى تهريب مدخراتهم وأموالهم من المصارف عبر شيكات مصرفية استثمروا من خلالها في سوق العقارات، وشهد عام 2020 هجمة كبيرة في عملية البيع والشراء، وبحسب دراسة أجرتها لـ«الشركة الدولية للمعلومات»، سجّلت 82 ألف عملية بيع وشراء بقيمة 14.4 مليار دولار.
ويقول الحكيّم، وهو مستشار مالي ومن أول الأشخاص الذين توقعوا الانهيار العقاري والمالي في لبنان في العام 2016، «المودعون الذين استثمروا في العقار خسروا نحو ثلثي ودائعهم، وهم معرّضون لخسائر أكبر في المستقبل».
وفي حين شجع بعض الخبراء المتمولين في العامين 2019 و2020 على الاستثمار في قطاع العقارات، يؤكد الحكيّم أن تلك النصائح المغلوطة ضلّلت المواطنين وكبّدت المودعين خسائر جمّة، مشدداً على أن أي استثمار، مثل شراء سبائك ذهبية أو الاستثمار بالعملات الرقمية أو شراء أسهم أو عقارات خارج لبنان، هو أفضل حل.