قضية ما يسمى بـ”أملاك اليهود” العربية
صحيفة الوطن العمانية ـ
د. فايز رشيد:
كشفت مراسلة التلفزيون الإسرائيلي (القناتان 13 و14) دانا فايس, كشفت النقاب نقلا عن مصادر رفيعة في تل أبيب, أن دولة الكيان الإسرائيلي أعدت كشفا رسميا عما أسمته بالأملاك اليهودية المتروكة في كل من ليبيا وتونس, لافتةً إلى أن قسيمة هذه الأملاك وصلت إلى خمسين مليار دولار, وفي القريب العاجِل سيتم نشر قيمة الأملاك في جميع الدول العربية والذي تصل بحسب قيادة الكيان الإسرائيلي إلى مبلغ 250 مليار دولار. وأوضح التلفزيون الإسرائيلي في تقريره الحصري أن دولة الاحتلال الفاشي قامت بإعداد هذا الكشف المالي بصورة سرية, وذلك في إطار الاستعدادات والتحضيرات لخطة السلام الأميركية المعروفة بـ”صفقة القرن”, إذ إن تل أبيب عاقدة العزم على المطالبة بالحصول على تعويضات من الدول العربية التي قامت خلال وبعد إقامة دولة الكيان “بطرد” اليهود من أراضيها وسلبت كل ما كانوا يملكون. وشدد التلفزيون الإسرائيلي في تقريره على أن الحديث يدور عن دولتين من أصل 10 دول عربية, لافتا إلى أن عملية حصر الأملاك اليهودية المتروكة في الدول الأخرى ما زال مستمرا, مُضيفا أنه في السنة والنصف الأخيرة قامت إسرائيل بمسح شامل وكامل وسري للأملاك اليهودية المتروكة في كل من العراق, سوريا, مصر, اليمن وإيران, وبحسب التقديرات, أوضحت المصادر السياسية الرفيعة في تل أبيب, أن أملاك اليهود في جميع هذه الدول العربية وإيران تصل إلى مبلغ 250 مليار دولار وأكثر, لافتة إلى أن أحد مكاتب الحسابات والتدقيق في العالم, والذي يعتبر الأفضل والأكثر مصداقية وشهرة هو الذي قام بهذه الإحصائيات, بناء على طلب من الحكومة الإسرائيلية بقيادة نتنياهو.
القضية قديمة جديدة, فعلى شاكلة اختراع “الشعب اليهودي” وفقا للكاتب اليهودي شلومو ساند في مؤلفه الذي يحمل ذات الاسم, ووفقا للمفاهيم الخداعية الزائفة “شعب الله المختار” و”أرض بلا شعب لشعب بلا أرض” و”الحق التاريخي لليهود في أرض فلسطين” واختراع “أرض إسرائيل”, والتي وصفها المفكر الفرنسي روجيه جارودي بــ”الأساطير المضللة للسياسات الإسرائيلية”, ووفقا لاختراع “صناعة الهولوكوست” للكاتب اليهودي نورمان فلنكشتاين, طلعت علينا إسرائيل والحركة الصهيونية بمصطلح جديد هو: “اللاجئون اليهود”, فقد عقد مؤتمر في القدس المحتلة (2-3 سبتمبر2009) نظمته وزارة الخارجية الإسرائيلية والمؤتمر اليهودي العالمي بدعم من الحكومة الإسرائيلية آنذاك والمستقيلة حاليا بزعامة نتنياهو, بهدف اختلاق قضية ما يسمى بــ”اللاجئين اليهود من الدول العربية” لتكون هذه القضية موازية لقضية اللاجئين الفلسطينيين, وحقهم المشروع في العودة إلى مدنهم وقراهم.
المؤتمر المذكور عقد تحت شعار “العدالة للاجئين اليهود من الدول العربية”. معروف أن هذه القضية تتفاعل في الأوساط الإسرائيلية منذ سنوات عديدة, إلا أن حكومة نتنياهو في منتصف عام 2009 بدأت في طرحها رسميا. لقد أورد نتنياهو هذه القضية وركز عليها في كتابه “مكان تحت الشمس”, لذا فإن طرح هذه القضية من قبل حكومته آنذاك لم تكن مفاجئة. بعد المؤتمر تبنى مجلس الأمن القومي التابع للحكومة حينها: وضع وثيقة سياسية حول هذا الأمر توصي الحكومة القائمة آنذاك والحكومات القادمة بطرح قضية “اللاجئين اليهود” على المستويين الداخلي والخارجي, داخليا بإثارة هذه القضية بشكل دائم, وقد تم إعطاء الأوامر للسفارات الإسرائيلية في الخارج لطرحها في البلدان التي تتواجد فيها هذه السفارات. خارجيا, عقدت الجهتان اللتان نظمتا المؤتمر ندوة عالمية في نيويورك على هامش دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2010, بهدف لفت نظر الرأي العام العالمي لهذه القضية.
الوثيقة الرسمية الإسرائيلية عام 2009 اعتبرت أن اليهود في البلدان العربية هجروا قسرا من بلدانهم, ولم يسمح لهم يأخذ ممتلكاتهم أو بيعها, وتقدّر عددهم بـ856 ألفا منهم 600 ألف هاجروا إلى فلسطين, والباقون انتشروا في أميركا وكندا وأوروبا. من وجهة نظر مجلس الأمن القومي الإسرائيلي: فإن اللاجئين اليهود امتلكوا آنذاك 700 مليون دولار قدرت آنذاك بــ6 مليارات دولار. المجلس يعتبر أن عدد اللاجئين الفلسطينيين هو 600-700 ألف, أملاكهم قدرت آنذاك بــ450 مليون دولار؛ أي ما يوازي الآن 4 مليارات دولار. لذلك فإن التعويض على الطرفين, يجب أن يتم وفقا لنسبة 3:2 لصالح اليهود, من قبل صندوق دولي للتعويض يجري إنشاؤه. كل ذلك على قاعدة رفض إسرائيل المطلق لعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى مدنهم وقراهم. أيضا على قاعدة قانون يتوجب أن تتبناه الأمم المتحدة, بعد أن سنّه الكونجرس الأميركي وطلب من الأونروا تقديم تقرير سنوي عن الأحياء من اللاجئين الفلسطينيين من الذين “هاجروا طوعا “من فلسطين في عام 1948 (فالوثيقة لا تعترف مطلقا بأنه جرى تهجير قسري لهم), دون الأبناء والأحفاد لأولئك فهؤلاء من وجهة نظر إسرائيل والكونجرس لا تنطبق عليهم شروط اللاجئين. الكونجرس ربط تقديم المساعدة الأميركية للأونروا بإعداد التقرير! وفي عهد الرئيس الحالي ترامب تم قطع المساعدات الأميركية للأونروا قطعا تاما ونهائيا. الزيادة الآن هي في ارتفاع قيمة أملاك اليهود من 6 مليارات إلى 250 مليار دولار. بالطبع هذه طريقة إسرائيل الشايلوكية في التقدير!
تصوروا الخطة الهادفة إلى تبديد حقوق اللاجئين الفلسطينيين الذين هجرتهم إسرائيل قسرا وبعد مذابح عديدة, ارتكبتها بحقهم, من مدنهم وقراهم في فلسطين, ولم تعترف بقرار الأمم المتحدة الذي أتاح لهم حق العودة! والذي ربط الاعتراف الدولي بإسرائيل في الأمم المتحدة بقبولها للقرار. الخطة الإسرائيلية تهدف إلى إثارة قضية ما يسمى بـــ”اللاجئين اليهود” دوليا, وبمساعدة الولايات المتحدة والدول الحليفة لها, لتكون قادرة على إثارتها دوليا وتبنيها في الأمم المتحدة، مع العلم أن الموساد الإسرائيلي قام بتفجيرات في الكنس والأحياء اليهودية في المدن العربية في أواخر الأربعينيات وأوائل الخمسينيات, من أجل حث اليهود على الهجرة إلى إسرائيل. كذلك عقدت إسرائيل اتفاقيات سرية مع بعض الأنظمة العربية آنذاك للعمل على تهجير اليهود الفلاشا إلى إسرائيل. كمثل على التفجيرات نورد: (حادث تفجير الكنيس مسعودة في العراق عام 1950, التفجيرات في مصر). هذا ما لا نقوله نحن فقط, بل مصادر وكتابات إسرائيلية منها إسرائيل شاحاك. هذه هي دولة الكيان الإسرائيلي الشايلوكية! وللعلم, العديد من الدول العربية فتحت أبوابها لعودة اليهود الذين هاجروا منها, إلى أراضيها