قراءة في مواقف الدول العربية بالقرار الأممي بشأن روسيا
وكالة أنباء آسيا-
شيماء أحمد:
جاءت الأزمة الأوكرانية تزامنا مع حدة التوترات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، حيال ما يراه كثيرون تراجعاً في مكانة الولايات المتحدة التي تطمح إلى حل الأزمات عبر الوسائل الدبلوماسية وتتفادى التدخلات العسكرية (كما تجلى في أفغانستان).
وبحسب تقارير فإن“الدول العربية السنية” يبدو أنها قلقة من الضرر الذي يمكن أن يلحق بصورة الولايات المتحدة بسبب العملية الروسية، والأمر الذي يمكن أن يعزز هذا القلق هو سياسات واشنطن منذ وصول إدارة جو بايدن إلى الحكم كانسحابها من أفغانستان (الذي رآه البعض قرارا متسرعا)، فضلا عن عدم رغبة واشنطن التدخل في أزمات إقليمية، على سبيل المثال الصراع القائم بين دول الخليج وحركة أنصار الله في اليمن.
تجدر الإشارة إلى أنه خلال جلسة طارئة بجامعة الدول العربية لبحث التطورات في أوكرانيا، أدانت الدول الحرب الروسية على أوكرانيا لكن ذلك أعقبه بيانات من تلك الدول في محاولة جديدة لمغازلة موسكو وتبرير موقفها من التصويت.
فعلى سبيل المثال أصدرت وزارة الخارجية المصرية بياناً أشار إلى أن “مصر تتابع، بقلق، تطورات الأمور في أوكرانيا”، وشدد الوزارة ي بيانها على الحاجة إلى الدفع قدماً بالحوار، وإلى خطوات دبلوماسية لحل الأزمة سياسياً، الأمر نفسه فعلته قطر، والكويت، والأردن، وليبيا.
ولهذا يمكن الإشارة إلى أن العالم العربي، باستثناء سوريا التي دعمت روسيا كلياً، يحاول أن يناور ما بين واشنطن وموسكو من دون خوفا من تحمل التبعات التي يمكن أن تنتج من دعم مباشر وصريح لأحد الطرفين.
الجدير بالذكر أن الإمارات والسعودية عززا علاقتيهما مع الصين وروسيا خلال السنوات القليلة الماضية على المستويين الطاقة والأمني، وفي ضوء قراءة الوضع الاستراتيجي، وحاجة كل من الدولتين إلى تنويع الاعتماد على أكثر من مصدر للتعاون، واتخاذ قرارات بشأن إدارة سياسة خارجية مستقلة، حتى لو كانت غير مطابقة للمصالح الأميركية بالإضافة إلى هذا، لا يزال التوتر موجوداً في العلاقات السعودية – الأميركية في أعقاب قتل الصحافي جمال خاشقجي، على الرغم من العلاقة الاستراتيجية بين البلدين. فلا يزال ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للسعودية، شخصية غير مرغوب فيها في البيت الأبيض.
هذا بالإضافة إلى تجميد بيع مقاتلات F-35 للإمارات بسبب التخوف من استخدامها في اليمن وتسريب بياناتها السرية التكنولوجية إلى الصين. والأهم، الاتفاق النووي الذي تنوي الولايات المتحدة توقيعه مع إيران في فيينا، والذي يزعزع استقرار السعودية والإمارات، أدى إلى بلورة سياسة خارجية نفعية، تخدم قبل كل شيء المصالح الخاصة بالأمن القومي الخاص بالرياض وأبو ظبي.
وفي الخلاصة، يبدو أن السعودية والإمارات لن تسارعا إلى تصديع العلاقات الاستراتيجية مع موسكو، والتي تم بناؤها في الأعوام الأخيرة، وبصورة خاصة في ظل الإدراك أن الولايات المتحدة تقوم بتقليص وجودها في الخليج.
في موازاة ذلك، فإن القلق الأساسي في النقاش المؤسساتي والشعبي العربي يتعلق بارتفاع الأسعار الاقتصادية الباهظة التي يمكن أن تنجم عن ارتفاع أسعار الطاقة، والنقص المتوقع في التزود بالقمح، والتدهور إلى أزمة اقتصادية دولية، في ضوء الحرب المستمرة في أوكرانيا، والتي من الممكن أن تنعكس، بالتالي، على استقرار الأنظمة.