قراءة في المنتدى الإقتصادي الشرقي السابع
صحيفة البعث السورية-
عناية ناصر:
بعد انتهاء المنتدى الاقتصادي الشرقي السابع الذي عُقد في فلاديفوستوك في روسيا، 5 أيلول الحالي، توضحت الملامح العامة للتوجّه الاقتصادي الجديد، إذ ستعزز الصين التعاون مع روسيا، وستعمل مع الأعضاء الآخرين في المجتمع الدولي لتعزيز تعدّد الأقطاب في العالم.
وبهذا الشأن، قال وانغ يوي، مدير معهد الشؤون الدولية بجامعة رينمين في الصين، إنه في ظل الآثار الهائلة للعقوبات، وإستراتيجية منافسة القوى الكبرى التي أطلقتها الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون، فإن الضرورة تقتضي زيادة التعاون الصيني الروسي، ويتوجّب على البلدين العمل معاً لحماية وإصلاح النظام الدولي بينما تحاول الولايات المتحدة كسره وإعادة تشكيل نظام يخدم هيمنتها.
من الواضح أن الولايات المتحدة غير راضية عن النظام الدولي الحالي والعولمة، حيث تعتقد نخب واشنطن أن النظام الحالي يفيد فقط القوى الصاعدة، وخاصة الصين، بينما يضعف هيمنة الولايات المتحدة، لذا فهي تستخدم المشكلات الإقليمية مثل الأزمة الأوكرانية، وتوتر مضيق تايوان لحشد حلفائها لخدمة استراتيجية الولايات المتحدة لاحتواء الصين وروسيا، لكنها استهانت بمرونة وقوة منافسيها. والأهم من ذلك أنها تجاهلت الضرر الذي تلحقه بالناس في جميع أنحاء العالم، مثل أزمة الطاقة والغذاء القاسية، ما يجعل الكثير من البلدان تدرك خطر نظام تهيمن عليه الولايات المتحدة.
خلال المنتدى، أكد الرئيس فلاديمير بوتين أن روسيا تتخلى عن استخدام الدولار الأمريكي والجنيه الإسترليني، بعدما قوّضت الولايات المتحدة أسس النظام الاقتصادي العالمي، وبالتالي فقدت العملتان مصداقيتهما، وتأكيداً على ذلك ستتحوّل شركة “غازبروم” الروسية المنتجة للغاز الطبيعي، وشركة النفط الصينية الكبرى “سي إن بي سي” إلى المدفوعات بالروبل واليوان لإمدادات الغاز إلى الصين، كما أعلنت ميانمار أنها ستشتري منتجات نفطية روسية بالروبل.
إن الخطوة التي اتخذتها شركات الطاقة الروسية والصينية، عند تنفيذها بالكامل، ستدفع جزءاً كبيراً من تجارة الطاقة الدولية بعيداً عن نظام الدفع الدولي القائم على الدولار، والبيئة الحالية أيضاً، حيث تحاول “مجموعة الدول السبع” الحدّ من أسعار صادرات النفط الروسية، والتحول المؤقت نحو الوقود الأحفوري.
تعتبر الصين أكبر مستثمر وشريك تجاري للشرق الأقصى الروسي، ففي عام 2021، نمت التجارة مع المنطقة بنسبة 28 في المائة لتصل إلى 14 مليار دولار، وتمّ إنشاء 54 مشروعاً باستثمارات صينية بإجمالي استثمارات 14.7 مليار دولار في البنية التحتية والطاقة والزراعة والقطاعات المتعلقة بطرق الشحن في القطب الشمالي.
لقد شهد التعاون المالي الثنائي تقدماً في الأشهر الأخيرة، حيث يستمر استخدام اليوان الصيني في التوسّع في روسيا، فقد أصدرت شركات روسية كبرى، بما في ذلك “بولي يوس” أكبر شركة لتعدين الذهب في روسيا وشركة “روسال” للألمنيوم، سندات مقومة باليوان في السوق الروسية، حيث يتعرف تجار السوق الروس على اليوان كبديل للدولار الأمريكي واليورو.
مؤخراً، أظهرت بيانات من الإدارة العامة للجمارك في الصين أن تجارة الصين مع روسيا ارتفعت بنسبة 31.4 بالمئة على أساس سنوي في الفترة من كانون الثاني إلى آب لتصل إلى 117.2 مليار دولار بالدولار، وزادت واردات الصين من روسيا بنسبة 50.7 في المائة لتصل إلى 72.95 مليار دولار خلال هذه الفترة.
وبهذا الشأن، قال وزير التنمية الاقتصادية الروسي مكسيم ريشيتنيكوف للصحفيين على هامش المنتدى الاقتصادي الأوروبي، إنه من المتوقع أن تصل التجارة بين البلدين إلى أعلى مستوى لها على الإطلاق عند 170 مليار دولار بنهاية العام في مسارها الصحيح، لتحقيق الهدف المعلن المتمثل بزيادة حجم التجارة بين البلدين إلى 200 مليار دولار بحلول عام 2024. وأضاف الوزير الروسي أن هذه الأرقام هي تأكيد على العمل المشترك بين روسيا والصين في العديد من المجالات، بما في ذلك حلّ مشكلات التصدير والاستيراد وضمان الإمداد غير المنقطع للسلع وحركة البضائع دون عوائق عبر نقاط التفتيش الحدودية، على الرغم من قيود كوفيد الحالية.