في محضر ’الأضحى’.. أبواق آل سعود تُضحي بالحقيقة
موقع العهد الإخباري ـ
مريم علي زريق:
ما عاد المتغنّون بـ”الضيافة العربية” أهلًا لها. والـ”مؤتمنون” على الأرض المقدسة، حولوها أطباق “أكوام” لضحايا من ضيوف البيت العتيق.
انتفضت السعودية متنصلةً من مسؤوليتها، نفضت آثار الفاجعة عن جلبابها، موجهةً أصابع الاتهام للضحايا أنفسهم، على أنهم هم “الموكل إليهم مهمة التنظيم والسهر على حفظ الأمن وحسن اتباع الإرشادات”.
اجتمع الحجيج يوم منى باللباس الأنقى، نازعين عنهم أثواب العِرق والمذهب والطائفة والانتماء، مرتدين ثوب العبودية والإنسانية، ليقابلوا باللاإنسانية، وليتهموا بالفوضوية والغوغائية، ويعودوا إلى أوطانهم ببِيض الأكفان تحملهم أكف المهنّئين ودموع المنتظرين.
لا حصيلة نهائية لعدد الضحايا، ولا إحصاءات دقيقة، فبعض الجثث لا تزال عالقةً في برادات الموت عند آل سعود، ولا رواية رسمية بعد لملابسات ما جرى الخميس الماضي، أول أيام عيد الأضحى، في منى، إلا أن أحاديث الحجاج ومقاطع الفيديوهات المسربة على وسائل التواصل الاجتماعي أظهرت أن سوء الإدارة والإهمال كانا السبب الرئيس، فضلًا عن احتمال مرور موكب لأمير سعودي ساواه رب البيت بالناس، فنزّه نفسه عنهم، علمًا أن السلطات السعودية صادرت كاميرات المراقبة المزروعة في محيط مكان الحادثة، إخفاءً للحقيقة وتشويهًا لها.
أحد المفجوعين بقريبه
كما أن الرياض منعت وصول البعثات الطبية التي عرضت تقديم العون للحد من آثار النكبة، بالتزامن مع ما نقل عن ممارسة الحجر على المصابين، سعيًا لطمس مجريات الأمور.
“فاجعة الحجيج تزداد غموضًا والسلطات السعودية تزداد تعنتًا، يقول فؤاد ابراهيم في مقال نشرته صحيفة “السفير” اليوم، “هي تتهم الحجاج بالتسبب في مقتل أنفسهم”.
كذلك أكد أن السعودية ترفض الكشف عن المعلومات، وترفض مشاركة أي جهة في التحقيق. “والمفارقة أن هناك مئات المفقودين مجهولو المصير، إلى جانب القتلى والجرحى بالمئات. مطالبات كثيرة بكسر احتكار آل سعود شؤون إدارة الحج. والسبب بديهي: آل سعود يتحملون مسؤولية الفاجعة”.
ودرءًا للتهمة عن نفسها، دفعت العنصرية السياسية السعودية لتوجيه الانتقادات للحجاج الإيرانيين وتحميلهم مسؤولية ما جرى، علمًا أن علامات استفهام تشوب حقيقة أن معظم مفقودي الأثر من جراء الحادثة هو من الجنسية الإيرانية، ومنهم سفير لبنان السابق، الدبلوماسي غضنفر ركن آبادي، الذي ادّعت قناة “العربية” الفضائية عدم دخوله الأراضي السعودية.
أجساد الضحايا موزعة على طرقات منى
وفي هذا السياق، يعلق الكاتب ابراهيم موردًا، “لا يكفّ بعض المفتونين من الكتّاب السعوديين بالتشابك السياسي بخلفية طائفية عن استحضار الصراع الإيراني السعودي، والتشديد على الدور الايراني في سوريا للرد على مطالبة إيران للسعودية بالاعتذار لمصرع الحجاج بفعل خطأ بشري. وإذا كانت مقاربة من هذا القبيل سوف تنتج حلاً، فبإمكان الآخرين استحضار المشهد اليمني بكل الاقترافات الشائنة للنظام السعودي. وفي النتائج، أن مقاربات الإعلام والمفتي والكتّاب السعوديين تزيد في تشويش وتشويه المشهد أكثر من إيضاحه، لأننا أمام قضية تتطلب تحليلاً عميقاً وميدانياً”.
بانتظار عودة الوفد الإيراني برئاسة وزير الثقافة والإرشاد الديني الإيراني من السعودية، لا معلومات مؤكدة عن ملابسات الحادث أو عدد الضحايا أو مصير المفقودين، والواضح فقط أن دولة النفط التي تذبح اليمن كل يوم ألف مرة، ضحّت بالحقيقة على حساب “المضحّين في حضرة الله” يوم منى.