في ذكرى التصحيح.. استمرارٌ في بناء سورية الحديثة.. وتجديدٌ للعهد بزوال الاحتلال
صحيفة البعث السورية-
محمد غالب حسين:
كتبت الحركة التصحيحية المجيدة، التي قادها القائد المؤسس حافظ الأسد، اسم سورية بحروف من نور، وأعلت بناء صرحها الحضاري، وتمسّكت بالهوية الوطنية وعقيدتها وثوابتها الوطنية والقومية، ورسّخت قيم العطاء والعمل وحب الوطن والتضحية من أجل ازدهار سورية وقوتها ومنعتها.
فمنذ انطلاق الحركة، عمل القائد المؤسس حافظ الأسد جاهداً ليجعل سورية دولة لها وزنها ووجودها وثقلها على الساحة العربية الإقليمية والدولية، وهذا ما تحقّق بفضل حكمته واستشرافه للمستقبل، ورؤيته البعيدة المدى.
ولعل قضية التحرير كانت الأساس في عملية تصحيح وتطوير علاقات سورية على الصعيدين القومي والدولي، ووضع الاستراتيجية القائمة على مفهوم حشد الطاقات العربية والدولية.
وفي هذا الإطار، بادرت سورية إلى الانفتاح على الدول العربية، وإنهاء حالة العزلة التي كانت تعاني منها، وذلك في نطاق سعيها الجّاد والمسؤول لبناء التضامن العربي وتعزيزه، وإلى تقوية جبهة الأصدقاء وتطويرها، بهدف تحرير الأراضي العربية المحتلة، واستعادة الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني، وبما يمكّن العرب من ضمان حقوقهم ومصالحهم، والتصدّي للمخططات المعادية.
وعلى هذا الأساس ظلّت سياسة سورية تدعو إلى تحقيق أي خطوة وحدوية ممكنة بين الأقطار المؤهّلة لذلك، وتؤكّد أنه ليس لها شروط من أجل تحقيق أي خطوةٍ وحدوية ممكنة تكون خطوة على طريق الوحدة العربية الشاملة.
كذلك ظلّت سورية تتمسّك بسياسة التضامن العربي، وتدعو إلى تعزيزه وتفعيله، وتؤكّد على ضرورة عدم تغليب الخلافات الهامشية والقضايا الثانوية، على القضايا الأساسية.
وقد أدّت سورية دوراً بارزاً بل طليعياً فيما تحقّق من تضامن وعمل مشترك، وخصوصاً في حرب تشرين التحريرية، وكذلك في العمل من أجل حماية النتائج الإيجابية لهذه الحرب، ومواجهة الآثار السلبية الناجمة عن الحلول المنفردة بدءاً من كامب ديفيد، مروراً بأوسلو، وانتهاء بوادي عربة.
هذه الحلول التي ألحقت أفدح الأضرار بالتضامن العربي، والعمل العربي المشترك، وقضاياه الأساسية، كما شكّلت عقبة كبرى أمام النهوض العربي المنشود، ما حمّل سورية مسؤوليات أكبر في مواجهة التحديات الناشئة.
وكان خيار سورية الثابت والمبدئي في هذا المجال، هو خيار الصمود والمقاومة ومواصلة الالتزام بالقضايا العربية العادلة.
الإنجازات داخلياً
حقّقت الحركة التصحيحية المجيدة إنجازات لا يمكن تعدادها، ولكن سنذكر بعضاً منها، لأنها أغنت الحياة السورية بمجالاتها المتعدّدة، ومن هذه الإنجازات إقامة الجبهة الوطنية التقدمية، وانتخاب مجلس الشعب، ووضع دستور للبلاد، وصدور مرسوم قانون الإدارة المحلية عام 1971، ناهيك عن الإنجازات الاقتصادية والصناعية والزراعية، والحفاظ على الثروات الباطنية، وتأمين الكهرباء للريف السوري، وتحقيق الأمن الغذائي، وزيادة القدرة الاقتصادية اعتماداً على القطاع العام والقطاع الخاص والقطاع المشترك.
وفي مجال التربية والتعليم والثقافة، أولت الحركة التصحيحية قطاع التعليم عنايةً خاصة وجعلته إلزامياً في مرحلته الابتدائية ومجانياً في جميع مراحله، وعملت على تشجيع التعليم الفني، وبناء المدارس حتى في أصغر وأبعد قرية سورية.
وعملت أيضاً على بناء المراكز الثقافية والمكتبات العامة، وشجّعت التأليف والنشر، وكرّمت الأدباء والكتاب والشعراء. وقائمة الإنجازات تبدأ ولا تنتهي، ما ساهم في ازدهار سورية وجعلتها من بين الدول المتقدّمة في جميع المجالات.
ملحمة تشرين التحرير
لقد استطاع قائد التصحيح بجدارة أن يمدّ الفضاءَ العروبي بالدبلوماسية السورية المخلصة إلى المجال القومي، لتستجيب له جماهير الشعب العربي، وتصبح الحكومات العربية أمام صيغة مطلوبة منها شعبياً للتضامن الكفاحي العربي لمواجهة الكيان الصهوني، وبناءً عليه خاض قائد التصحيح الحرب العربية الأولى ضدّ الكيان الصهيوني في السادس من تشرين الأول عام 1973، ليحطّم الغرور الصهيوني، ويكسر أسطورة الجيش الذي لا يقهر.
وتُعتبر حرب تشرين التحريرية، برأي جميع الباحثين والسياسيين والعسكريين، من أهم الإنجازات على جميع الصعد، فقد أولى القائد المؤسّس حافظ الأسد الإعداد لمعركة التحرير الأولوية والأهمية،
ولا سيما في مجال إعداد القوات المسلحة وبناء الجبهة الداخلية المتينة وتعزيز الوحدة الوطنية، وكذلك على صعيد بناء التضامن العربي والتنسيق مع مصر ومع الأصدقاء على الصعيد الدولي.
سورية الحديثة
إنّ الحركة التصحيحية المجيدة أرست أُسس سورية الحديثة داخلياً وعربياً وإقليمياً ودولياً بفضل حكمة القائد المؤسس حافظ الأسد الذي نجح ببناء الدولة الشعبية الدستورية بالمؤسسات الجماهيرية التي تُبرز هيكلية الدولة الحديثة في الدستور والانتخابات التمثيلية والإدارة المحلية والجبهة الوطنية التقدمية واستكمال تنظيم الشعب في منظمات ونقابات تجسّد بنية الديمقراطية الاجتماعية إلى جانب الديمقراطية السياسية والدستورية القائمة على نظام التعدّدية الحزبية والسياسية والاقتصادية، ما جعل سورية مثالاً مشرقاً للدولة الوطنية العربية الحرّة ذات السّيادة والقرار المستقل وحق تقرير المصير بالإرادة الوطنية الخالصة وعبر مؤسسات شعبية وحكومية قوية وجيش وطني وعقائدي، وقد اُختُبرت سورية الحديثة التي بناها القائد المؤسس حافظ الأسد في أكثر من مهمة قومية فأدّتها بكل نجاح، وصمَدَتْ بتجربتها الديمقراطية وخصوصيتها الوطنية القوية.
مسيرة التطوير والتحديث
إنّ ما حققه القائد المؤسس حافظ الأسد من إنجازات استكملها السيد الرئيس بشار الأسد عبر مسيرة البناء والتطوير والتحديث التي حققت في فترة زمنية قصيرة العديد من الإنجازات السياسية والاقتصادية والاجتماعية بفضل قيادة الرئيس بشار الأسد الذي يقف شامخاً أمام كل العالم، يقول ما يؤمن به بكل جرأة و صلابة، مؤكداً أنّ سورية قوية بشعبها وجيشها البطل، ولا يمكن لأي كان أن يفرض عليها حلولاً لا تلبي طموحات الشعب السوري وتحافظ على ثوابته الوطنية وفي مقدمتها السيادة والاستقلال، ووحدة سورية أرضاً وشعباً، وتطهير كل شبرٍ من سورية عبر اجتثاث الإرهاب، وهو ما يترجم في الميدان بالمزيد من الإنجازات والانتصارات على التنظيمات الإرهابية ومشغليها.
وفي الذكرى الثانية والخمسين للحركة التصحيحية المجيدة تواصل سورية العربية مواجهة قوى الشر ودول العدوان والبغي والإرهاب، محقّقة الإنجازات والانتصارات في حربها على الإرهاب والإرهابيين وأسيادهم، وقاطعة الطريق على مخططات الغرب والصهيونية وبعض الأنظمة العربية الرجعية والإقليمية الحالمة بعودة سلطانها عبر دعم التنظيمات الإرهابية، لتدمير الدولة السورية والابتعاد عن تطوير بناها التحتية، وعن دعم القضايا الوطنية والقومية وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، قضية العرب المركزية، ضماناً لأمن الكيان الصهيوني.
إنّ العدوان الدولي الظالم على سورية خلال السنوات الماضية، وصمود الشعب السوري وتمّسكه بقيادته ونهجها السياسي، يُعتبر مؤشراً قوياً على سلامة النهج الذي تنتهجه لحماية ثوابتنا الوطنية.
اهتمام و أولوية
وفي ذكرى الحركة التصحيحية المباركة يَستذكر أبناء محافظة القنيطرة القائد الخالد المؤسس حافظ الأسد الذي حَبَا أبناء القنيطرة كريم محبته وسابغ رعايته، ووجّه بمنح مشاريع محافظة القنيطرة الأولوية والأهمية بالتمويل والتنفيذ ما صاغ نهضة كبرى، شهدتها المحافظة بعد تحرير مدينة القنيطرة وخاصةً في مجال الإعمار، حيث تمّ إعادة إعمار تسع قرى محررة بآلاف الوحدات السكنية، إضافةً لمقرات المحافظة ومؤسساتها و شركاتها ومديرياتها ودوائرها.
وتضمّ كل قرية من القرى النموذجية الحديثة التي تمّ إعمارها منظومة خدمية متكاملة من شبكات مياه الشرب والكهرباء والصرف الصحي والهاتف والمدارس والمراكز الصحية والوحدات الإرشادية الزراعية والريفية، إضافةً لبناء مستشفى الشهيد ممدوح أباظة الذي يُعتبر صرحاً طبياً علاجياً يستقبل مئات المرضى، وترافق ذلك مع توفير مستلزمات النهضة الزراعية، حيث تمّ بناء سدود رويحينة وبريقة والهجة وغدير البستان وكودنة والرقاد، وإنجاز مشاريع التشجير المثمر ومراكز إنتاج الغراس ومراكز أمهات الأشجار في أيوبا وطرنجة وصيدا والمشتل الحراجي ومنشأة دواجن القنيطرة و غيرها.
وصاغ ذلك كله نهضة كبرى بالجزء المحرر من المحافظة دعماً لسكانها بمواجهة الاحتلال الاسرائيلي.
وقد تنامى الاهتمام بمحافظة القنيطرة من قبل السيد الرئيس بشار الأسد الذي منح محبته واهتمامه لمحافظة القنيطرة. وتمّ إحداث الكليات الجامعية والمعاهد المختلف، ناهيك عن الاستصلاح المجاني لأراضي الفلاحين الوعرة، والبدء بإعادة إعمار قريتي القحطانية والعشة، وتوسّعت مدينة البعث عمرانياً ببناء مئات الوحدات السكنية الطابقية، وبناء سد المنطرة وزيادة الاهتمام الخدمي والصحي والتربوي بتجمعات أبناء محافظة القنيطرة بمحافظات دمشق ودرعا وحمص وريف دمشق.
تحرير كامل تراب الجولان
وفي ذكرى الحركة التصحيحية المباركة، تؤكّد قرى مجدل شمس ومسعدة والغجر وعين قنية وبقعاثا رفضها للاحتلال الاسرائيلي وما صدر عنه من قرارات احتلالية زائلة وإجراءات عدوانية باطلة، وتعلن على الدوام الانتماء الراسخ الثابث للوطن الأم سورية، والتمسّك بالهوية العربية السورية والاعتزاز بها، وهي متمسّكة بحقيقة أنّ الاحتلال إلى زوال، وسيعود الجولان لوطنه وشعبه وأهله، وسيقوم السيد الرئيس بشار الأسد برفع علم الوطن فوق كل ذرة من تراب الجولان.