في الصحف: الحكومة اللبنانية بين التشكيل والمعيار
سلطت الصحف اللبنانية الصادرة صباح اليوم الضوء على تأرجح التشكيل الحكومي، مشيرة إلى الأجواء السلبية بسبب تعثر التشكيل لإعتبارات حقائبية. وأوضحت الصحف أنه في حين يرى فريقًا أن العقد لن تعيق التشكيل الحكومي بالوقت السريع، فإن فريقًا أخر يرى أن مشاورات تأليف الحكومة عادت إلى نقطة البداية.
الحريري: واشنطن لن تعترف بحكومة بلا «القوات»!
بداية مع جريدة الأخبار التي ركزت على تعثر مُشاورات الحكومة، حيث قالت أن كل العقد أُحييت من جديد، المسيحية والسنية و«الأشغال»، فيما العقدة الأبرز والأهم تتمثّل في ما يقوله رئيس الحكومة سعد الحريري في مجالسه الخاصة: «أي حكومة من دون القوات ستعتبِرها الولايات المتحدة حكومة حزب الله وربما لن تعترِف بها»
وأضافت أنه بعدَما كانت كل توقعات الأسبوع الماضي تُشير إلى حتمية ولادة الحكومة في نهايته، وإذا بتطوّرات ربع الساعة الأخير تُعيد الجميع الى التشاؤم، رغم أن قلة من المعنيين بتأليف الحكومة يجزمون بأن الأمور لم تعد إلى المربع الأول، وأن العقد لن تحتاج إلى وقت طويل لحلها.
لكن مصادر بارزة مشاركة في المفاوضات أكدت للأخبار «أننا عدنا الى حيثُ بدأنا عند تكليف الرئيس سعد الحريري مهمّة تأليف الحكومة». وإذا كانت تحليلات الساعات الماضية قد حصرت المشكلة بحقيبة «العدلية» العدل، قالت المصادر إن «جميع العقد عادت وأحييت من جديد».
مشكلة الحصّة الدرزية بين رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط والوزير طلال إرسلان أخذت طريقها الى الحلّ، غيرَ أن مسرح تأليف الحكومة أصبح خصباً لتعميق الخلاف بين التيار الوطني الحر ورئيس الجمهورية العماد ميشال عون من جهة، وحزب القوات اللبنانية من جهة أخرى. قبلَ يوم واحٍد فقط من قرب الإعلان عن ولادة الحكومة، تقول المصادر إن «الرئيس الحريري أبلغ جميع المعنيين أن عون وافق على إعطاء القوات حقيبة العدل، ليتبيّن فجأة بأن رئيس الجمهورية عاد ليُطالب بها من دون ذكر سبب واضح». فلَم يعُد سهلاً إيجاد مخرج في الساعات الأخيرة لتعويض معراب ما فقدته، أي حقيبة وازنة أخرى. على أثر هذه التطورات، عُقد اللقاء بين جعجع والحريري في وادي أبو جميل، وجرى التباحث عن البديل من وزارة العدل، فكان الخيار الأول هو التربية. وحتى الآن، لم يُعرف ما إذا كان حلّ هذه العقدة سيكون سهلاً نظراً إلى تمسّك الحزب الاشتراكي بها. هذه النقطة كبّلت حركة الحريري الذي يبدو حريصاً على مشاركة القوات في حكومته.
وأضافت المصادر ذاتها «يُعبّر الحريري في مجالسه الضيقة جدّاً عن تخوّفه من أن حكومة من دون القوات اللبنانية تعني أخذ البلد الى الانهيار». ففضلاً عن «العقوبات المفروضة على حزب الله»، يُشيع رئيس الحكومة بأن «استبعاد القوات عن الحكومة الجديدة سيؤدي بالولايات المتحدة الأميركية الى اعتبارها حكومة حزب الله، وهي حكومة يُمكن أن لا تعترف بها واشنطن. وقد يكون عدم الاعتراف بها هو فقط رأس الجليد لما يُمكن أن ينتج من مثل قرار كهذا بعد ذلك». لذا «يحرص الحريري على دخول القوات في الحكومة، وقد أخذ على عاتقه مهمّة ترويضها كما يقول». ومن غير المعروف ما إذا كان كلام الحريري مبنياً على معلومات أو على قراءة سياسية، أو أنه مجرّد تهديد يرميه في وجه مفاوضيه، وخاصة رئيس الجمهورية.
الحكومة بين الفول والمكيول تتأرجح ولا تترنح
بدورها أشارت البناء إلى الأجواء السلبية حيث قالت أن الحكومة بدت تتأرجح من دون أن تترنح، بين الفول والمكيول، أي التشكيل والمعيار، وفقاً لتوصيف رئيس المجلس النيابي نبيه بري. فالحكومة واقعة بين نية الولادة، والعجز عن حل المشكلات العالقة، والرئيس المكلف لا يريد أن يمنح النواب السنة الذين يسلّم بأحقية تمثيلهم، مقعداً وزارياً من حصة تمثيل طائفتهم، التي يريد احتكارها بل يسعى لإرضائهم من حصة رئيس الجمهورية، بينما إرضاء القوات اللبنانية يشغل باله، وإقصاء القوميين عن المشهد الحكومي يصير مستغرباً، في ظل الحديث عن حكومة وحدة وطنية، قال رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي حنا الناشف إنها لا تمتلك هذه الصفة بدون القوميين، لأن القوميين لا لون طائفي لهم وإقصاؤهم يعني تحويل الحكومة إلى حكومة محاصصات طائفية، آملاً أن لا تتزاحم حصص التمثيل الطائفي لإطاحة تمثيل اللون المختلف الذي يمثله القوميون، ولا سبب موضوعي أو معياري يبرّر استبعادهم كممثلين لتيار لبناني واسع يؤمن بالخيارات اللاطائفية، ولكتلة نيابية لا يجوز تجاهل حضورها.
وأضافت أنه بعد تدهور الحالة الحكومية يوم الجمعة، لاعتبارات حقائبية بات مؤكداً بحسب مصادر مطلعة لـ»البناء» أن اتصالات الساعات الماضية أفضت الى أن وزارة العدل باتت محسومة لرئيس الجمهورية في موقف لا تراجع عنه، وأن سقف التنازل العوني لصالح القوات هو منصب نيابة رئاسة مجلس الوزراء. أما على خط المعارضة السنية، فيبدو أن حزب الله يشترط أن تمثل بوزير في الحكومة.
كما لفتت “البناء” أن رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي حنا الناشف، أكد أن الحزب القومي ليس معنياً بالمنازعات على الأحجام الطائفية، لأنه من لون آخر مختلف، هو لون اللبنانيين المتساوين في الحقوق والواجبات دون النظر إلى الطائفة أو المذهب، وهذا اللون هو الذي يضفي على هذه الوزارة المرتقبة وأية وزارة أخرى صفة الوطنية. مضيفاً “في تصريح له أمس، أن تقف المحاصصات الطائفية والمذهبية عند حدود، فلا تمس بحقنا الطبيعي الذي يضمن تمثيلنا في الحكومة، لأننا حزب عابر للطوائف ولنا كتلة نيابية ونمثل شريحة كبيرة من اللبنانيين اللاطائفيين الذي يطالبون بإلغاء الطائفية واعتماد القوانين المدنية في التشريع، ولأننا حافظنا على وحدة لبنان ووجهه الوطني المنفتح على بيئته الطبيعية وقدّمنا مئات الشهداء والكثير من التضحيات لأجل ذلك”.
وفي سياق متصل، تنتظر البناء ما ستسفر عنه الخلطة الحريرية الجديدة، فلم يشهد يوما السبت والأحد اية لقاءات على المستوى الحكومي باستثناء الحركة على خط بيت الوسط معراب، حيث التقى الرئيس المكلف سعد الحريري يوم السبت رئيس حزب القوات سمير جعجع، ثم التقى مساء أمس الوزير ملحم الرياشي، الذي أكد أنّ الجو إيجابي جداً، واللقاء مع الحريري كان ممتازاً وان شاء الله خير، علماً أنّ أوساط بيت الوسط أشارت لـ«البناء» الى انّ الحريري أجرى اتصالات عدة لتذليل العقد التي عطلت في اللحظة الأخيرة التأليف ولم يتوقف عن تعطيل اندفاعة التأليف رغم ما ألحقه من ارتدادات سلبية، لكنّها نفت أن يكون التشكيل قريباً. وهذا يتطابق مع ما أكده القيادي في تيار المستقبل مصطفى علوش لـ«البناء» أن لا جديد على الصعيد الحكومي وأنّ الأمور تراوح مكانها، قائلاً لو كانت الأمور إيجابية لكنتُ في لبنان. وتجدر الإشارة الى انّ علوش مطروح لتولي حقيبة شؤون النازحين وفق التشكيلة الحكومية الأخيرة التي سرّبت.
مرحلة جديدة من إهتزاز التسوية
ومن جهتها وعلى طريقة ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل، عنونت اللواء أن الطبقة السياسية تمضي ، في ضخ «بعض التفاؤل»، وأن صفحة الحكومة لم تطو، وان الأيام القليلة المقبلة، كفيلة بتجاوز العقبات، سواء عقبة «العدل» أبو عقبة السنة حلفاء «حزب الله»، أو عقبة «المردة» حلفاء 8 آذار، أو عقبة مراكز الرصد، والشيفرة التي تأتي تباعاً بعد التحليل والدراسة (بتعبير وليد جنبلاط على تويتر).
وقالت اللواء أن مصادر «المستقبل» المطلعة توحي أن مربع الخلاف محصور الآن في توزيع الحقائب بين التيار الوطني الحر وحزب «القوات اللبنانية» لكن هذه العقبة، إذا صحت التسمية لا تعني العودة إلى المربع الأوّل، بل إن التقدم بالاتصالات ثابت، وان معالجة الموضوع قائمة على قدم وساق، نافية ان يكون هناك عقد أخرى، لا سيما عقدة تمثيل سنة 8 آذار.. الا ان البيان المقتضب، الذي صدر عمّا أعلن عن نفسه، للمرة الأولى، باسم «اللقاء التشاوري للسنة المستقلين» والذي جاء فيه ان تمثيل هؤلاء النواب لا يكون الا بتمثيلهم بواحد منهم، واي طرح آخر يعود إلى الحائط المسدود، وليس مخرجاً، أضاف، في نظر المراقبين عقبة جديدة – قديمة للتأليف.. الا ان الأوساط العونية تحدثت عن إشكالية عالقة بين حقيبتي العدل والاشغال، وهي، أي الإشكالية، تنتظر ما وصفته الأوساط «بالحل الوسطي».
وفي السياق نفسه رأت “أنه يفترض أن يكون في نظر الأوساط المتابعة لمفاوضات تأليف الحكومة، أسبوع امتحان للنيات، واسبوع الحسم بالنسبة إلى ما إذا كانت الحكومة ستولد حقيقة، ولو بعملية قيصرية، في حال كانت النيّات صافية، وتم التوافق على «الخلطة الوزارية» الجديدة التي يعمل عليها الرئيس المكلف، أو ان ما قاله وزير التربية مروان حمادة، من ان الرئيس سعد الحريري يتعرّض لحصار لمنعه من تشكيل حكومته، على غرار ما حصل مع والده الرئيس الشهيد رفيق الحريري في أيام ولاية الرئيس اميل لحود حقيقة واقعاً يتكرر مع نجله؟
وأضافت اللواء أنه من غير المعقول، ولا المفهوم، ان يجري في اللحظات الأخيرة، وقبل الموعد المتفق عليه لإصدار مراسيم تشكيل الحكومة، أمس الأحد، استيلاد عقد جديد، أو بحسب تعبير رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، في تغريدة له عبر «تويتر» صدور «شيفرة تأتي تباعاً إلى مراكز الرصد، في حين ان الدين العام يزداد من دون رصد».
و«الشيفرة» التي تحدث عنها جنبلاط والتي جاءت عصر الجمعة، تقضي بوجوب القيام بمشاورات حكومية جديدة، لمعالجة العقد المستجدة، مثل عقدة حقيبة «العدل»، وعقدة تمثيل السنة المستقلين، وعقدة تمثيل الأرمن، وربما أيضاً عقدة تمثيل الحزب السوري القومي الاجتماعي، الذي طالب رئيسه حنا الناشف أمس، ان يكون حزبه ممثلاً في الحكومة، معتبراً انه «لا يرى سبباً موضوعياً أو معياراً لتجاهل هذا الحق»، وسط تلميحات عن تطورات خارجية فرضت ما فرضته من أجندات جديدة.
وأشارت إلى أنه بحسب أوساط «بيت الوسط»، فإن الرئيس الحريري لا يرى في عودة أمور التأليف إلى المربع الأوّل، سوى مربع الخلاف على توزيع الحقائب بين «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية»، وان ايحاءات البعض بطرح عقد جديدة، ليس سوى كلام للاستهلاك الإعلامي، وهو لهذا الغرض، لم يوقف محركات التأليف، حتى يوم أمس الأحد، حين زاره مساءً الوزير القواتي ملحم رياشي، ناقلاً جواب رئيس حزب «القوات» سمير جعجع على العرض الذي طرحه عليه، عندما زاره الأخير عصر السبت في «بيت الوسط» برفقة الرياشي، حيث تردّد ان «القوات» وافقت على البحث عن حقيبة غير حقيبة العدل، يمكن ان تكون العمل إلى جانب الثقافة والشؤون الاجتماعية ونائب رئيس الحكومة.
ولم تستبعد مصادر اللواء ان يكون طرح الحريري على «القوات» وزارة التربية، رغم ان جنبلاط يفضل الاحتفاظ بها، ولفت الانتباه، في هذا السياق، اللقاء الذي جمع الرياشي ليلاً بعضو اللقاء الديمقراطي النائب وائل أبو فاعور في أحد مطاعم الجميزة، والذي قد يكون تناول اما تبادل الحقائب بين الحزبين، أو لتنسيق المواقف، خاصة إذا ما اتضح لـ«القوات» ان كل ما يجري بالنسبة للصراع على الحقائب، محاولة لاحراجها واخراجها من الحكومة.
أجواء تفاؤل و”خير” تخفّف الضبابية الحكومية
وتفاءلت النهار بالأيام القادمة، ولفتت أنه رغم الاجواء الضبابية التي سيطر عليها التشاؤم، وسط شكوك في عدم رغبة فريق 8 اذار في المضي بالتأليف الحكومي بمشاركة وازنة لحزبي “القوات” والاشتراكي وأيضاً “المستقبل”، بعد رفض الحقيبة السيادية وكذلك العدل لـ”لقوات”، واصرار “حزب الله” على سنة المعارضة، ومحاولة “التيار الوطني الحر” التضييق على “المردة”، فإن ثمة مؤشرات توحي بامكان اعادة بث الروح في التفاوض الحكومي، لعدم ضياع الفرصة القائمة والدخول في مجهول ينعكس سلباً على انطلاقة العهد، كما على الوضعين السياسي والاقتصادي. وتوقعت مصادر متابعة لـ”النهار” ان يكون الرئيس المكلف سعد الحريري قدم عرضاً جديداً لـ”القوات” في اللقاء الليلي الذي جمعه والوزير ملحم الرياشي الذي قصد “بيت الوسط”. ومن شأن موافقة “القوات” ان تجعل باقي العقد ربما أسهل على الحل، وهو ما قد يفاجئ الجميع بقرب ولادة الحكومة. وسألت “النهار” المصادر عن لقاء “بيت الوسط” فاجابت ” انشالله خير”. وأوضحت مصادر متابعة ان “خلاصة لقاء جعجع والحريري تكمن في ان الاخير لن يسير بحكومة لا يكون للقوات وجود وازن فيها ومتمسك بمشاركتها في الحكومة والاتصالات مستمرة لتحقيق ذلك”.
واكدت مصادر “القوات” لـ”النهار” ان “القوات باقية في الحكومة ولن تتوقف عن النضال في سبيل تأليف حكومة متوازنة لا تكون فيها الغلبة لفريق على آخر. نحن جزء من التسوية السياسية القائمة ولن نكون خارجها، ولن تشكل الحكومة لا تكون فيها حصة توازي التمثيل الحقيقي للقوات بحسب نتيجة الانتخابات، وخروجنا من الحكومة أو احراجنا من أجل اخراجنا غير وارد ولن يتحقق إلاّ في عقل من يريد ذلك، وليس في الواقع”.
من جهة أخرى،قالت الصحيفة إنه فيما أبلغ رئيس مجلس النواب نبيه بري ضيوفه انه لم يتبلغ أي جديد، قال رئيس “كتلة الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد: “يبدو أن الكل شعر بأنه لا بد من تشكيل الحكومة، وأن الانتظار لم يعد مفيداً لأحد، بل ربما أصبح مضراً للبعض إذا ما داوم على الانتظار، ونعتقد أن معطياتنا تفيد أن الحكومة في طور وضع النقاط النهائية على الحروف، ومن المفترض ألا تتأخر عن أيام قليلة لإعلانها”.
كذلك اعتبر امين سر “تكتل لبنان القوي” النائب ابرهيم كنعان “ان وزارة العدل ليست هي المشكلة الأساسية لدى القوات اللبنانية التي تعتبر أن الحقائب المطروحة عليها لا توازي الوزارات المطروحة على الكتل الأخرى، ونحن مع ان لا تشعر القوات بالغبن ولا أحد يريدها خارج الحكومة أما اذا رغبت هي بذلك فأمر آخر”. وأشار الى ان الامكانات متوافرة لبدائل وحلول في الملف الحكومي وان الولادة مرجحة قبل أخر الشهر.