فلنتعلم من الرئيس الفنزويلي
موقع إنباء الإخباري ـ
أحمد إبراهيم أحمد أبو السباع القيسي:
قال سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ( إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة فإن إستطاع أن لا يقوم حتى يغرسها فليفعل ) رواه البخاري.
تلعب الزراعة دورا أسياسيا في حياة الشعوب وفي المحافظة على سلة الغذاء في أي وطن في العالم, لما لها من دور أساسي في النواحي الغذائية والدوائية والإقتصادية وحتى الإجتماعية, حيث أنها توفر الموارد الطبيعية التي يستخدمها الإنسان في الغذاء والكساء والدواء, وأيضا توفر خامات التصنيع كتصنيع الأخشاب وغيرها, وأيضا تعمل على خلق فرص عمل للعاطلين عن العمل والذين تزداد نسبهم بشكل كبير خصوصا في منطقتنا العربية والإسلامية, والتي تتلقى إملاءات من الخارج بتخفيف الزراعة حتى تبقى تلك الدول تستورد المنتجات الزراعية من العالم الغربي ومستودعاته العفنة, وأيضا تقوي الوضع الإقتصادي الداخلي لأي بلد في العالم.
والزراعة أيضا تحمي التربة من الجفاف وبالتالي التصحر والتي ينتج عنها تدني خصوبة التربة وتحويلها إلى مناطق شبيهة بالمناطق الصحراوية, وهي ظاهرة تؤثر بدورها على البيئة وبالتالي تؤثر على الجوانب الإقتصادية والإجتماعية بشكل عام, ومن أهم العوامل التي تؤدي إلى نجاح الزراعة في أي بلد وفرة المياه والتربة الخصبة والمناخ الملائم, وفرة الأيدي العاملة من أصحاب الخبرات, وإستخدام التقانات الزراعية الحديثة, والأهم من ذلك هو تشجيع ودعم القادة والحكومات في العالم على الزراعة لما لها من أهمية كبرى للدول والشعوب.
بعض البلدان يعاني فيها قطاع الزراعة من نقص في بعض ما ذكر سابقا من عوامل النجاح, والبعض الآخر أصبح ينفذ إملاءات دول أخرى وصندوق النقد الدولي الذي يتحكم في معظم الدول وفي قرارها السيادي والمستقل, ويتدخل في كل صغيرة وكبيرة بإمور تلك الدول حتى تبقى في حاجة مستمرة له, وبعضها يتم وضع حظر زراعي عليه خوفا من أن تسوق منتجاته الزراعية في دول العالم مما يؤثر ذلك على إقتصاد تلك الدول فتقوم بعمل كل جهدها لتدمير ذلك البلد زراعيا وإقتصاديا حتى يرضخ لإملاءاتهم ويترك الزراعة أو أن يزرع ما يكفي حاجة بلاده وشعبه فقط, فلذلك تناقصت مساحة الأراضي الزراعية في بعض البلدان وبالذات في الوطن العربي والإسلامي, وأصبحت الأراضي الزراعية الخصبة يتم الإعتداء عليها وقضمها وإستغلالها من قبل بعض المقاولين لأغراض البناء والعمران والمشاريع المتنوعة.
وفي عالمنا العربي والإسلامي أصبح هناك تراجع رهيب في معدلات الزراعة الصيفية والشتوية, وبالذات بعد أن أصبحت حكوماتنا تعتمد على الإستيراد من الدول الغربية ومن الأراضي الفلسطينية المحتلة والتي تسمى الآن (دولة عصابات إسرائيل), والتي كانت تدخل منتجاتها سابقا على دولنا بأسماء دول غربية, أما الآن فأصبحت منتجاتها تباع وتشترى في دولنا وبشكل علني ولها في دولنا مستوردين ومصدرين ومسوقين ومروجين وبشكل علني, بل إن البعض يدافع عن تلك المنتجات ويمتدحها بأنها منتجات صحية وغذائية, والله أعلم بما يوضع لنا بتلك المنتجات التي نأكلها ونشربها ونحن مستمتعين بمذاقها.
وقبل عدة أيام وبمناسبة عيد العمل والعمال وبحضور أكثر من (60) دبلوماسي إلتقى الرئيس الفنزويلي المقاوم مادورا مع الرئيس الكوبي المقاوم فيدل كاستروا في هافانا, مرحبين ومشجعين لملايين العمال والمزارعين بالذات من بلدان أمريكا اللاتينية بمسيرة حملت شعار (تعيش الثورة) رفضا منهم بأي تدخل خارجي في شؤون دولهم مهما كان وفي أي مستوى, وتأكيدا منهم ودعما للوحدة اللاتينية التي يرغب بها القادة والشعوب في تلك الدول, وتعمل امريكا الشمالية ليلا ونهارا على إفشالها, حيث أنها كانت من أكثر المسيرات عددا بهذه المناسبة التي يقدرها هؤلاء القادة ويقدرون أصحابها لأنهم من تلك الطبقة الكادحة والمظلومة ولم يأتوا من عالم آخر أو من طبقة عليا, أو كانوا فقراء وبعد أن أعطاهم اللـــه المناصب نسوا فقرهم وجوعهم وتكبروا على شعوبهم كما يجري في دولنا العربية والإسلامية للأسف الشديد.
وبعد أن عاد الرئيس مادورا إلى وطنه وشعبه, نبه شعبه من حظر إقتصادي قادم من قبل أمريكا الشمالية وحلفائها في أوروبا, وأكد على أن يكونوا مستعدين لكل التوقعات والإحتمالات القادمة, لذلك يجب أن نؤمن أهم مصدر في حياتنا وهو الأمن الغذائي للمواطنين, بحيث أنهم لا يستطيعون إستيراد إي منتج زراعي إذا تم ذلك الحظر المتوقع, فأعطى توجيهاته إلى الحكومة لتشجيع الأهالي في العاصمة والمدن ليقوموا بالزراعة بكل أنواعها خوفا من تعرض البلاد إلى حصار إقتصادي, وذلك بإقامة تعاونيات زراعية عضوية تصل إلى 34 تعاونية في كل مدينة, يقوم من خلالها سكان العاصمة والمدن الأخرى بعمل مزارع داخل المدن بالتعاون مع طلاب الجامعات والأهالي, وبدعم كلي من قبل الحكومة بكل ما يلزمهم من بذور وتصليح للأراضي الزراعية وغيرها, حتى لا تعتمد المدن على منتجات القرى والأرياف مما يؤدي إلى نقص في المنتجات الزراعية, الأمر الذي يجعلهم يعانون من ذلك الحظر المتوقع والذي عمل الرئيس مادورا بإقتراحه الزراعي لإفشاله أو التخفيف على شعبه من معاناة الحظر الإقتصادي.
فلنتعلم من الرئيس مادورا ونأخذه قدوة لنا, إذا لم يكن في المواقف السياسية المشرفة لشعبه وللعالم الحر وللدفاع عن القضايا العربية والإسلامية, فلنأخذه قدوة لنا في المجال الزراعي ولنأخذ من مقترحاته الزراعية العظيمة, ونطبقها على الأرياف والقرى في دولنا والتي هجر أصحابها الزراعة والفلاحة وليس المدن فقط, وأصبحوا يركضون وراء التغريب والمنتجات الزراعية الجاهزة والوجبات السريعة والتقليد الغربي الأعمى والمركب للأسف الشديد, وعلى قادتنا وحكوماتنا في الدول العربية والإسلامية أن تعمل على تشجيع المواطنين للعمل بالزراعة, وأن تقوم بأنشطة زراعية مماثلة لفنزويلا وقيادتها الرشيدة, وأن تسهم مراكز البحث والإرشاد الزراعي المنتشرة في عالمنا العربي والإسلامي بإقامة بعض المشاريع في حماية الزراعة وبكل محاصيلها ومنتجاتها, وأن نترك ما يملى علينا من الغرب المتصهين ومن صندوق النقد الدولي وأن نتبع أوامر وسنة رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم بدل أن نتبع الغرب المتصهين وإخوانه أصحاب المليارات والتريلونات وغيرها من الأرقام, والذين يقولون بأنهم يدافعون عن السنة النبوية الشريفة, والله ورسوله وسنتهم منهم براء إلى يوم الدين, ولنتقي اللـــه في الشعوب التي أصابها ضنك العيش من السياسات الخاطئة التي إتبعها القادة والحكومات في الشأن الزراعي وغيره من شؤون الأمة العربية والإسلامية, والتي أصبح أبنائها بعد التقليد الأعمى في الغذاء واللباس وغيرها أيضا يقلدون الغرب المتصهين وعصابات الصهاينة في فلسطين المحتلة بإرتكاب الجرائم والمجازر بحق دولهم وجيوشهم وأبناء أمتهم العربية والإسلامية… اللهم إن شعوب الأمة العربية والإسلامية تشهد بأن الرئيس الفنزويلي مادورا عمل بسنة رسولك الكريم (محمد) عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم, وأعطى شعبه الإرشاد لمواجهة شياطين الإنس المتغطرسين من الغرب المتصهين, وحماهم من كل المؤامرات الخارجية وفي كل شؤون حياتهم… فهل نعتبر ونستقيم ونتبع الرئيس الفنزويلي الحكيم والخبير.
* باحـث وكاتـب وعضو في مجلس الاعلام و التضامن الاردني والعربي مع شعب جمهورية فنزويلا البوليفارية