فلسطين وإيران الثورة
موقع إنباء الإخباري ـ
جعفر سليم:
بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران وعودة الإمام الخميني (رحمه الله) في 1979-2-1 قام الرئيس ياسر عرفات (رحمه الله) في 17/2/1979 (وكان أول زائر لإيران ) بزيارة تاريخية إلى العاصمة طهران، وتم استقباله بحفاوة بالغة ولخمسة أيام، وتم رفع العلم الفلسطيني على مقر بعثة الكيان الصهيوني، حيث أصبحت مكتباً لمنظمة التحرير الفلسطينية، وعيّن هاني الحسن عضو المجلس الثوري لفتح، أول سفير لفلسطين في إيران.
وأعلن الإمام الخميني شعاره المدوي” اليوم إيران وغداً فلسطين”. وألقى عرفات يومها كلمة لا تُنسى قال فيها: “لأول مرة الطائرات الأميركية بتستقبلنا بدال ما تقصفنا”، في اشارة إلى مرافقة طائرات الفانتوم الحربية الأميركية لطائرته بعد دخولها الأجواء الإيرانية حتى هبوطها في المطار الدولي، وأضاف: “قال مناحيم بيغن رئيس حكومة العدو “لقد بدأ عصر الظلمات لقد بدأ الزلزال وسيصل إلى إسرائيل”، وأنا أقول نعم لقد بدأ الزلزال وسيصل لكل العملاء في المنطقة”.
كانت فرحة “الختيار” وهو اللقب المحبب لياسر عرفات ومنظمة التحرير غامرة بانتصار الثورة الإسلامية في إيران، وعبّرت الرايات والملصقات والصور التي تجمع الإمام الخميني وعرفات وعمّت مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان وسوريا وفلسطين، عن هذه الفرحة، وكتب على الملصقات شعار: “اليوم إيران وغداً فلسطين”.
لم يكن هذا اللقاء العلني هو الأول، بل كان هناك لقاء سري جرى في العام 1968 في العراق، والذي اعتُبر اللقاء التأسيسي لبداية الاتصالات بين منظمة التحرير الفلسطينية وتحديداً بين حركة فتح وأعضاء من الثوار الإيرانيين، وفُتحت معسكرات فتح في لبنان وسوريا والعراق في العام 1973 للتدريب.
في العام 1980 فُرضت الحرب على إيران، وبالرغم من ذلك، وإبان قيام العدو الصهيوني بالعملية العسكرية الواسعة ضد لبنان عام 1982 أرسلت إيران قوات عسكرية لمساندة قوات منظمة التحرير، ووصلت بالفعل إلى البقاع اللبناني، وتمركزت هناك، وشاركت بالتصدي لتقدم قوات العدو، وحافظت على تموضعها بجانب القوى الوطنية اللبنانية والفلسطينية وارتفع منها عدد من الشهداء.
هذه العلاقة الثورية لم تعجب الكثيرين من الشرق والغرب، وبدأت الدسائس والمكائد تحاك لتخريب هذه العلاقة، وأخذت أكثرية الدول العربية قرارات بالاصطفاف خلف صدام حسين، ودفعه لاستمرار الحرب ضد إيران، في محاولة لإخضاعها وكسرها وإفشال ثورة الشعب الإيراني، الذي أذلّ الولايات المتحدة بعد دخول طلاب الثورة إلى مركز التجسس الأول في العالم الثالث، أي السفارة الأميركية في طهران، وقام هؤلاء الطلاب بجهد جبار، استغرق حوالي خمس سنوات، بلصق الوثائق التي قام موظفو السفارة بفرمها، وأصدروها في كتاب وزّع مجاناً. وكان لهذه الوثائق تداعيات مزلزلة على نشاطات المخابرات الاميركيه في قارة آسيا، ولا أبالغ إذا قلت إنها كانت بحجم الانتصار الكبير للثورة الاسلامية، لما فيها من معلومات وخطط لتقسيم العالم العربي والإسلامي وبث الفتنة بين أبناء القوميات المختلفة في إيران والعالم العربي والاسلامي، إضافة إلى خطط بث التفرقة المذهبية بين الأديان السماوية وأبناء الطوائف، والعمل على تخريب العيش المشترك الممتد بجذوره منذ آلاف السنين.
اليوم، وبعد مرور 37 عاماً على الانتصار، نجد أن الأهداف الأساسية التي رفعها الإمام الخميني والثورة الإسلامية والشعب الإيراني ما زالت في أدبيات الجمهورية الإسلامية الإيرانية ويعمل على تحقيقها ليل نهار، وفلسطين حاضرة اليوم كما كانت قبل الانتصار وبعده، والكثير من الأقوال تُرجم إلى أفعال من خلال الدعم القوي لقوى المقاومة الفلسطينية في فلسطين وخارجها، وهذا ما لا يخفيه المسؤولون الإيرانيون ويتفاخرون به.
في شهر شباط الحالي من العام 2016، تحتفل الجمهورية الإسلامية بذكرى انتصارها على الحكم الديكتاتوري والشاه المستبد، الذي كان يعتبر شرطي المنطقة ويشكل فزاعة الولايات المتحدة بوجه الدول العربية والاسلامية. وهي أيضاً تحتفل اليوم بانتزاع حقها الطبيعي بالطاقة النووية السلمية وباعتراف الدول الكبرى التي فرضت حصاراً تحت ذرائع واهية، وكُسر الحصار الذي كان هدفاً من أهداف الاتفاق النووي، وفي الوقت ذاته نجدها تمدّ يد التعاون مع الدول العربية لعلها تستفيق من غيبوبتها وتعود عن القرارات الخاطئة التي أدمنت على اتخاذها، وعن وضع رأسها في التراب والهروب باتجاه فتح علاقات سياسية وغيرها مع الكيان الصهيوني، في محاولة لنجاة حكامها مع كراسيهم من غضب الشعوب الحيّة التي ملّت كذبهم وتضليلهم وحرفهم اتجاه البوصلة الحقيقية عن فلسطين كل فلسطين، وكما قال يوماً الأخ أبو عمار: “الي مش عاجبه يشرب من مية بحر غزة”.
*عضو اتحاد كتاب وصحافيي فلسطين