فصل الأحياء الفلسطينية عن مدينة القدس.. هل يضرّ بالعمليات البطولية؟
موقع العهد الإخباري-
زهراء جوني:
“لن تنتهي الحرب ما دامت الأرض فينا تدور على نفسها”..
لا شكّ أن الاحتلال يدرك اليوم أكثر من أي وقت مضى عمق هذه العبارة وما تشكله بالنسبة للشعب الفلسطيني الذي لا يتوقف عن محاولات التقدم في أساليب المواجهة وعدّة القتال ضد العدو الإسرائيلي، جازماً أن الحرب مع الاحتلال لا يمكن أن تتوقف قبل استعادة الأرض بالكامل.
ولا تشكّل العمليتان الأخيرتان في القدس المحتلة سوى نموذج واضح ومصغّر لشكل الحرب القائمة ونتائجها المتوقّعة لا سيما في ظل الحديث عن الوضع الحالي لحكومة الاحتلال وما تعانيه من انقسامات وأزمات على مستويات متعددة على رأسها الوضع الاقتصادي الذي يُنذر بأزمة لا يمكن تقدير حدودها النهائية من الآن، من شأنها بحسب خبراء في الشأن الإسرائيلي أن “تنقل الدولة العبرية (الكيان المؤقت) من موضع إلى آخر، وقد تفقد ميزتها في جذب الأموال والاستثمارات”. ولا يمكن فصل المشهد السياسي والاقتصادي داخل كيان الاحتلال عن مشهد العمليات الفلسطينية التي ترخي بظلالها على المشهد الإسرائيلي العام وتترك تداعياتها وضغوطها على حكومة العدو ورئيسها.
من هنا، خرج بعض الخبراء الإسرائيليين بعد العملية الفلسطينية البطولية التي نفذها خيري علقم بدعوات تقضي بفصل العديد من القرى والأحياء الفلسطينية عن مدينة القدس المحتلة، وقطع التواصل معها، في محاولة للتخفيف من فرص دخول شباب فلسطينيين وتنفيذ المزيد من العمليات ضد الاحتلال، لأن عملية الفصل من شأنها أن تساهم في طرد 350 ألف فلسطيني بحسب الخبراء.
وتنقل صحيفة “معاريف” في هذا السياق عن الخبير في الشؤون الأمنية والعسكرية أفرايم غانور قوله إن “العمليتين الأخيرتين في القدس المحتلة هزتا بشكل واضح الحياة والأمن الشخصي للإسرائيليين في القدس، وأن الحديث يدور عمليًا عن التجمع الفلسطيني المدني الأكبر في مناطق الضفة الغربية، فيما معظم هؤلاء السكان معادون لـ”إسرائيل”، والكثير من منفذي العمليات على مدى السنين خرجوا من تلك القرى، وبالتالي فإن من الصعب على “إسرائيل” التحكم فيما يجري في هذه القرى بسبب الاكتظاظ السكاني، كما توجد صعوبة في خلق فاصل بين تلك القرى والمستوطنات اليهودية”.
هذا الكلام يأتي بعد سنوات وجهود قام بها العدو الإسرائيلي لما أسماه “بأسرلة الفلسطينيين”، أي محاولة دمج الشعب الفلسطيني بالمجتمع الإسرائيلي، لكن محاولاته انفجرت في وجهه حين خرج الفلسطينيون الذين يعيشون ضمن ما يسمى بأراضي 48، في معركة سيف القدس ليلقنوا الاحتلال درساً في الانتماء إلى الوطن والهوية الحقيقية “فلسطين”. ثم انطلقت العمليات الفردية وأظهرت عدداً كبيراً من الشباب الذين يحملون هويات إسرائيلية ويقومون بتنفيذ عمليات بطولية ضد كيان العدو، وهو ما دفع شخصيات داخل الكنيست وخبراء إسرائيليين للبحث جدياً في ضرورة الفصل بين الأحياء الفلسطينية ومدينة القدس والعمل على سحب الهويات الإسرائيلية منعاً للمزيد من العمليات الفلسطينية في الأراضي المحتلة. كما نصح البعض داخل الكيان باستكمال عملية التهجير وسحب الإقامة في القدس والتي بدأها الاحتلال بشكل فعلي في شهر كانون الثاني من العام 1995 واستمر بها بزخم حتى العام 2000، ولم يتوقف عن سياسة التهجير حتى اليوم ولكن بمعدلات مختلفة.
ويبقى السؤال الفعلي: هل يستطيع الاحتلال عبر هذا القرار أو غيره أن يخفف من حجم العمليات البطولية أمام شباب يحملون هذه الروحية وهذا الإبداع في شكل العمليات؟