فزّاعة المثالثة : إفلاس “الامانة العامة”
صحيفة البلد اللبنانية ـ
علي ضاحي:
فيما استسلمت الرئاستان الاولى والثانية الى مرحلة ما بعد 25 ايار، الاولى من باب الشغور والثانية من باب انعكاس الشغور على التشريع، توحي حصيلة المشاورات الداخلية انها عبارة عن طبخة بحص لن تنضج قبل ان يقوم الطباخ الدولي والاقليمي بتحريكها وإضافة التوابل اللازمة عليها، في حين سيقتصر دور اللاعبين المحليين على أكل الطبخة بعد سكبها وتقديمها في صحون.
وبين الشغور الرئاسي الثاني خلال 6 اعوام وسبعة اشهر والاستعداد الى شغور ثالث بعد اتفاق الطائف، تسعى القوى المسيحية السياسية للهروب الى الامام ومحاولة رمي فشل التوصل الماروني الى مرشح رئاسي واحد على عاتق الشريك المسلم الشيعي والسني عبر التهديد تارة بمقاطعة التشريع واخرى بمقاطعة جلسات حكومة المصلحة الوطنية. هذا الهروب المسيحي من تحمل مسؤولية الشغور لا يعفي ايضاً الشريك الاسلامي من المسؤولية نفسها عبر وضع الفيتوات والشروط التي تعطي الوقت والفرص لنضوج التسويات الاقليمية والدولية وفقاً لتوقيت هذه الدول وليس طبقاً للمصلحة الوطنية اللبنانية.
هذا الهروب المسيحي يقابله ايضاً مزيد من التخبط والافلاس في صفوف الامانة العامة لـ14 آذار بـ”صقورها” من طراز ثوار ارز العام 2005 وما فوق.
فلا شيء في مداولاتها واجتماعاتها الا مزيد من محاولة تهميش صورة العماد ميشال عون وحليفه حزب الله والتخويف من مؤتمر تأسيسي يهدف الى تكريس المثالثة ويقضي على “ما تبقى من وجود مسيحي معنوي وسياسي ودستوري في لبنان”.
وليس بريئاً البتة إعادة نبش فكرة طرحها الامين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله في اوائل حزيران من العام 2012 اي قبل عامين الا بضعة ايام وفي مناسبة ذكرى وفاة قائد الثورة الاسلامية في ايران الامام الخميني.
ووفق مصادر قيادية بارزة في حزب الله فإن فكرة او طرح السيد نصرالله عن المؤتمر التأسيسي ناجم عن رؤية الحزب مع حليفه التيار الوطني الحر بضرورة بناء الدولة وإصلاح المؤسسات وإنقاذ لبنان من هاوية الافلاس عبر وضع خطط اقتصادية ناجعة وفاعلة ومعالجة مواطن الخلل ووقف الهدر والفساد وتحديث الادارة وتفعيل المؤسسات بكادر شاب ومتخصص.
وتذكّر المصادر بأن طرح نصرالله أتى في وقت لم يكن فيه اي استحقاق وتوجه بالاقتراح الى راعي الحوار(وقتذاك) الرئيس (المغادر اليوم) ميشال سليمان وطالبه بالدعوة لحوار لمناقشة خيار مؤتمر وطني في لبنان بل مؤتمر تأسيسي وطني في لبنان أي مجلس خبراء جديد.
كما اقترح نصرالله قيام مؤتمر تأسيسي ينتخبه الشعب دون أساس طائفي أو مناطقي بل على أساس الكفاءات ليناقش كل الخيارات فيتكلم عن الطائف أو عقد اجتماعي جديد أو نظام لا طائفي. ونجاح اي طرح من هذا النوع ،حصره نصرالله، يقتضي اولاً الحوار وتوفير اجماع ومظلة وطنية له فلا يمكن لفريق او طائفة او اثنتين السير به من دون المكونات الاخرى.
وتؤكد هذه المصادر ان إعادة نبش هذا الموضوع واستحضاره يومياً في وجه حزب الله والعماد عون ولا سيما ان العماد عون يسعى لان يكون مرشحاً توافقياً وإنقاذياً للجمهورية اللبنانية، لا يهدف الا لتشويه صورته وتحطيمها امام جمهوره وفي عقل الوجدان المسيحي وتصوير ان التفاهم والشراكة السياسية الناجحة منذ 8 اعوام سيتحول الى سيطرة على الدولة والمؤسسات والقضاء على المسيحيين.
في إطلالته عبر قناة “المنار” منذ ايام رد العماد عون في ذكرى التحرير بشكل غير مباشر على كل مفتعلي الحملات الشرسة عليه ومحاولات التشويش على ترطيب العلاقة مع المستقبل والسعودية من باب استكمال روحية التفاهم التي انتجت الحكومة وجعلت منها منتجة وفاعلة خلال شهرين من ولايتها بما يفوق حكم 5 اعوام لثلاث حكومات سبقتها.
وما قاله عون عن شراكة الاقوياء او ثلاثية الاقوياء لم يقصد فيه المثالثة او اللعب بالصيغة اللبنانية لانه يعرف كما حزب الله ثمن قرار كهذا. فهل يعقل ان يطالب فريقان عملا طيلة 8 اعوام على تكريس شراكة حقيقة وتفاهم وطني عابر للطوائف والمذاهب وخضع لاختبارت قاسية ونجح في تجاوزها، بمثالثة تضرب اسس ما بنياه في الاعوام الماضية؟.
فما اراده عون وما يسعى اليه هو تنفيذ ما قاله منذ اليوم الاول لتوقيع تفاهم 6 شباط وهو توسيع مروحة المشاركين في هذا التفاهم ليصبح وطنياً شاملاً.
بعد ان حملت “الامانة العامة” لـ14 آذار السلاح شماعة طيلة 9 اعوام وبالامس القريب تدخل حزب الله في سورية، ترفع اليوم شعار المزايدة على حقوق المسيحيين والتخويف من المثالثة والمؤتمر التأسيسي وهذه كلها لن تنجح في تأليب الشارع المسيحي ضد المرشح الاقوى والاكثر تمثيلاً ولن تضخ دماً في جسد متهالك سينهار، بعد ان يكتشف سمير جعجع ان سعد الحريري لم يراهن عليه للوصول الى بعبدا يوماً وان جل نشاطاته ستعود الى تنظيم اجتماعات الامانة العامة وتعديل بعض مسودات بياناتها هذا اذا لم يطرأ اية مستجدات وارجأت اجتماعاتها.