فرع «داعش» اللبناني: دائرة الاستهداف تشمل الجيش
اتّحدت ثلاثة تنظيمات جهادية تدور في فلك «القاعدة» على حرب لبنان. في يومٍ واحد، شنّت جميعها هجوماً إعلامياً، هدّدت فيه وأرعدت، في ما بدا أقرب إلى توزيع أدوار تديره غرفة عملياتٍ واحدة. في المحصلة، «افتتح» تنظيم «الدولة الإسلامية» فرعاً له في لبنان. ما الفارق بين التنظيمات الثلاثة؟ ومن يكون «أبو سياف الأنصاري» وما هي ملامح المرحلة المقبلة؟
صحيفة الأخبار اللبنانية –
رضوان مرتضى:
لبنان في مرمى استهداف أذرع «تنظيم القاعدة». فقد أعلنت التنظيمات الجهادية الأبرز: «كتائب عبد الله عزام» و«جبهة النصرة في لبنان» و«الدولة الإسلامية في العراق والشام»، الحرب على لبنان. وقّتت التنظيمات الثلاثة حملتها في يومٍ واحد. ظهر السبت، خرج «أبو سياف الأنصاري» في تسجيلٍ صوتي يُعلن مبايعته لـ«الدولة». وخلال خمس دقائق، وجّه رسالتين، إحداهما للمشايخ وخصوصاً «هيئة علماء المسلمين»، محذّرة إياهم من الطعن في الظهر، والثانية «إلى أهل السنّة المنتسبين زوراً إلى جيش الصليب»، مطالبة إياهم بالانشقاق عنه.
رسالة «أبو سياف» تزامنت مع إطلاق صلية صواريخ «غراد» على الهرمل، موقعة باسم «سرايا مروان حديد» التابعة لـ«كتائب عبد الله عزّام» و«جبهة النصرة في لبنان». وأُتبعت ببيان لـ«الكتائب» و«النصرة» في لبنان أعلنتا فيه تحت مسمّى «غزوات دك الأوكار» أن «عملياتنا مستمرة في استهداف المشروع الصفوي وذراعه في سوريا ولبنان، حزب إيران، ليتحقق مطلبان عادلان: خروج الحزب الإيراني من سوريا، وإطلاق سراح أسرى أهل السنة من السجون اللبنانية الظالمة».
هكذا توزّعت التنظيمات الثلاثة الأدوار في ما بينها. ركّزت كل من «النصرة» و«الكتائب» حربها على حزب الله، رابطة وقف هجومها على معاقله وبيئته بانسحابه من القتال في سوريا. أما تنظيم «الدولة» الذي أعلن افتتاح فرع في لبنان بإمارة «أبو سياف الأنصاري»، فقد وسّع هجومه ليطال، إلى حزب الله، كلاً من «عامة الروافض والنصيرية وجيش الصليب وأحفاد آل سلول، قاصداً بهم السعودية». وبعد تمريرة إلى «الإخوة في كتائب عبد الله عزام الذين نكّلوا بالروافض عامة والموالين لإيران خاصة»، أعلن أنّه «بعد تمدّد راية الإسلام من العراق إلى الشام، قررنا إعلان البيعة من طرابلس الشام لنكون باباً من لبنان إلى بيت المقدس». هكذا تجاوز «أبو سيّاف» هدف انسحاب حزب الله من سوريا، ممهداً الأرضية أمام «تحكيم الشريعة» في لبنان، شعار «الدولة» وهدفها اللذين رفعتهما في كل من العراق وسوريا.
وبحسب معلومات خاصة لـ«الأخبار»، لن تقتصر عمليات «الدولة» في لبنان ضد حزب الله على الضاحية الجنوبية، بل ستتجاوزها إلى استهداف مناطق موالية للحزب في البقاع والجنوب أيضاً، إضافة إلى ضرب أهداف عسكرية تابعة للجيش. ونقلت مصادر «جهادية» لـ«الأخبار» أن «أبو عمر المهاجر» الذي ذكر «أبو سياف» في رسالته أنه سيكون المتحدّث الرسمي باسم «الدولة» في لبنان، يتولّى مسؤولية التنسيق الأمني والإعداد لعمليات التفجير المقبلة.
وبالعودة إلى «أبو سياف»، فقد ذكرت معلومات خاصة أنّه لبناني الجنسية، كان أحد الكوادر الرئيسيين في تنظيم «فتح الإسلام»، وشارك في معارك نهر البارد.
وأشارت الى أنّه سجّل بيانه، الذي خضع لعملية مونتاج كما ظهر في التسجيل، في إحدى مناطق الشمال اللبناني، نافية كل ما تردد عن تسجيله في مخيم عين الحلوة. وبحسب مصادر موازية، فقد بدأ الإعداد لهذه البيعة منذ نحو شهرين، حيث جرى التواصل بين الخلايا المنتشرة في الداخل اللبناني عبر منسقين موجودين في الداخل السوري. ومنذ البداية، حُدّد هدف التواصل بتأمين تمدّد تنظيم «الدولة الإسلامية» إلى لبنان. وقد سرّع من العملية إعلان الحرب على «الدولة» من بقية فصائل المعارضة السورية. ورغم ما يتردد عن خلافات بين «الدولة» و«النصرة» و«الكتائب»، تؤكّد المعلومات أن التنسيق قائم بين الفصائل الثلاثة بشأن الساحة اللبنانية، ويظهر ذلك من خلال توزيع الأدوار الذي يظهر جلياً. فـ«النصرة» تُطلق الصواريخ بالتعاون مع «الكتائب»، فيما بيان «الدولة» الذي تلاه «أبو سياف» يوجّه الشكر لـ«الكتائب» الذين أمعنوا بـ«التنكيل بالروافض عامة وروافض حزب الله خاصة»، في إشارة منه إلى تفجير السفارة الإيرانية في بيروت. وفي السياق نفسه، تكشف المعلومات لـ«الأخبار » أنّ التنظيمات الثلاثة تُنسّق في ما بينها بشأن عمليات التفجير التي تضرب لبنان، ولا سيما أنّ الجهة التي تتولّى تفخيخ السيارات في مدينة رنكوس السورية واحدة».
في مقابل هذه المعلومات، تتخوّف الأوساط الأمنية من حجم العمليات التفجيرية التي يُخطط لتنفيذها على الأراضي اللبنانية، ولا سيما أن المجموعات الناشطة في هذا الخصوص تسعى إلى الرفع من وقع هذه التفجيرات، وخصوصاً في ما يتعلّق بالمراكز العسكرية والحواجز التابعة للجيش اللبناني، ولهذه الغاية، جرى استقدام تحصينات اسمنتية الى الحواجز المنتشرة في الضاحية الجنوبية. إضافة إلى اعتماد إجراءات أمنية استثنائية في محيط وزارة الدفاع في اليرزة. ويُعزز من هذه الهواجس، الخبرة العسكرية الاستثنائية في عمليات التفجير لدى هؤلاء. فضلاً عن أن الإعلان عن بيعة وقبولها، يعني وجود فرع رسمي لهذا التنظيم، مع ما يتبع ذلك من عامل جذب واستقطاب لـ«جهاديين مهاجرين» للدخول على ساحة جهاد جديدة، العدو فيها حصراً هو حزب الله الذي يفاخر هؤلاء بالسباق إلى قتاله.