فتحي الشقاقي.. في ذكرى استشهاده
موقع إنباء الإخباري ـ
جعفر سليم*:
عند ولادة فتحي إبراهيم الشقاقي في مخيم رفح بمدينة غزة 4-1- 1951، لم يكن يعلم انه اصبح لاجئا في غزة، حيث هجرت أسرته الفقيرة في عام النكبة 1948، من قرية زرنوقة بقضاء الرملة مدينة يافا، وبعد خمس سنوات من ولادته عاش يتم الأم بعد يتم قريته التي دفن فيها اجداده، بالتالي ادرج بين الأسماء على سجلات الأمم المتحدة التي أصدرت قرارا يحمل الرقم 194 في 11-12-1948 وفيه “تقرر وجوب السماح بالعودة، في أقرب وقت ممكن للاجئين الراغبين في العودة إلى ديارهم والعيش بسلام مع جيرانهم، ووجوب دفع تعويضات عن ممتلكات للذين يقررون عدم العودة إلى ديارهم وكذلك عن كل فقدان أو خسارة أو ضرر للممتلكات بحيث يعود الشيء إلى أصله وفقاً لمبادئ القانون الدولي والعدالة، بحيث يعوّض عن ذلك الفقدان أو الخسارة أو الضرر من قبل الحكومات أو السلطات المسؤولة” .
بعد دراسة المراحل التعليمية الأولى في قطاع غزة، وصل إلى الجامعة حيث التحق في كلية طب جامعة الزقازيق عام 1974 وتخرج منها طبيبا في العام 1979. في العام السادس من عمره عاش الشقاقي يوميات ما سمي حينها نكسة العام 1967، أي الحرب التي شنها الكيان الصهيوني على اربع دول هي مصر سوريا والأردن ولبنان، واحتل منها أجزاء ،أضافة إلى ما تبقى من فلسطين في الضفة الغربية وغزة لتسقط فلسطين التاريخية 27 ألف كيلو متر مربع بأيدي الصهاينة، ماترك أثرا كبيرا على شخصيته المتمردة أصلا على كافة أنواع الظلم ،وهو الذي عاش نازحا ولاجئا ثم أصبح محتلا بشكل مباشر من العدو الذي اغتصب أرضه عام 1948 ،وبات وجها لوجه مع عدوه، وبدأ سرا الإعداد لتشكيل خلايا فدائية مهمتها مواجهة المحتل باللغة الوحيدة التي يفهمها، وهي لغة السلاح .
في العام 1979 تأثر بالثورة الإسلامية في إيران وكان أبرز الفلسطينيين الذين دعوا إلى تبنيها كنموذج، حيث ألف كتابا أسماه “الخميني الحل الإسلامي والبديل ” واعتقل في العام نفسه بمصر إبان دراسته بسبب تأليفه لهذا الكتاب، وبعد اطلاق سراحه عاد إلي غزة لمواصلة رحلته الجهادية من داخل وخارج سجون الإحتلال وعاملا على تأسيس نواه تنظيمية سميت فيما بعد بحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين وصولا إلى شهر آب من العام 1988 حيث قامت السلطات العسكرية للإحتلال بإبعاده من السجن مباشرة إلى خارج فلسطين المحتلة باتجاه الأراضي اللبنانية في بلدة مرج الزهور، واستقر لمدة ثلاث سنوات في بيروت ، بعدها انتقل مع عائلته إلى دمشق لممارسة نشاطه الجهادي وأصبح للحركه شبه هيكلية تنظيمية و أعلنت عن تسميته أمينا عاما لها .
يوم الخميس في 26 – 10- من العام 1995 تم اغتياله على يد جهاز الموساد الصهيوني في مدينة سليما في مالطا، وهو في طريق عودته من ليبيا إلى دمشق، بعد جهود قام بها لدى الرئيس الليبي معمر القذافي بخصوص أوضاع الفلسطينيين الذين طردهم ظلما باتجاه الحدود المصرية .
أبرز المحطات الجهادية الكثيرة للدكتور الشقاقي والتي شكلت مفصلا مهما في حياته ووضعته على رأس قائمة المطلوبين للتصفية الجسدية في الكيان الصهيوني، هي عملية بيت ليد الإستشهادية المزدوجة بتاريخ 22- 1-1995 للاستشهاديَين صلاح شاكر وانور سكران، حيث أسفرت عن مقتل 22 عسكريا صهيونيا وسقوط أكثر من 108 جرحى، ليعلن بعدها العدو أن الشقاقي هو المسؤول الأول عن العمليتين ،وأن عليه دفع الثمن شخصيا ،وبدأت المخابرات الصهيونية العمل ليل نهار للوصول إليه، وأرسلت العملاء، وبعضهم كان من نزلاء زنزانة الشقاقي، وتشارك معه الخبز والملح، إلى دمشق لتتبعه ورصد حركته حتى اقتنصت الفرصة، وأطلقت النار عليه أمام فندق ديبلوماتيك في مالطا حيث كان ينزل.
ما أعرفه خلال السنوات الثلاث التي رافقته فيها أن الدكتور أبو إبراهيم كان شخصا لا يتعب إلا قليلا ولا ينام إلا ساعات ما بعد آذان الفجر، دائم التفكير بالغد ، يسأل من بجانبه عن عمله وأحواله ورأيه بالأحداث الجارية، ولا يتردد بإبداء الإعجاب أو التصويب لفكرة ما أو مشروع، لايطلق موقفا قبل دراسة متأنية ومعمقة لمختلف جوانب الحدث ،ولهذا كان حريص كل الحرص على قراءة أي كتاب أو دراسة ممكن الوصول إليهما عن الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد قبل اللقاء الشهير معه برفقة مجموعة من المبعدين من حركة حماس في مرج الزهور، وعلى رأسهم محمود الزهار وعبد العزيز الرنتيسي عامي 1992- 1993.
*عضو اتحاد كتاب وصحافيي فلسطين