فاصل ونواصل.. أدبيات علي المسمار في الإعلام
موقع قناة المنار-
أمين أبوراشد:
إرتبطت عبارة “فاصل ونواصل” في ربط نشرات الأخبار بالإعلامي الراحل علي المسمار، وباتت مُستخدمة من أكثر من إعلامي على أكثر من شاشة، لكننا في الذكرى الأولى لرحيله، وبصرف النظر عن أي انتماء سياسي لنا، نقِف بصحوة ضمير أمام أحد أبرز الوجوه الراقية الهادئة المُهذَّبة في الإعلام اللبناني، ونفتقد الأدبيات في الخطاب الإنساني، ونبكي معظم إعلامنا الذي بلغ الحضيض ونكاد نواريه التراب مع كل رحيل لأي إعلاميٍّ نبيل.
ليست المسألة فقدان شخصية إعلامية مُلتزمة واكبت المقاومة والإنتصارات على مدى عقدين من الزمن عبر شاشة المنار، بل افتقاد مدرسة في أصول المخاطبة والتعامل المُرهف بين الناس، بحيث بدا المسمار من عمق معاناته مع المرض الخبيث، المبتسم الدائم والمؤمن الثابت كما الأمل الرافض للهزيمة أو الموت الجسدي، ولطالما غيَّبه ذاك المرض وتأبطه علي المسمار متمرداً بهدوء، ولا يعتبره أكثر من فاصل في حياته ويواصل…
خسارة أمثال علي المسمار جسيمة على الأقربين والأبعدين، لأنه للأقربين خير نموذج، وللأبعدين هو كذلك لو أردنا احترام ذواتنا في الخطاب الإعلامي واحترام الآخر رغم الإختلاف أو حتى الخلاف، وجولة على نشرات الأخبار اللبنانية، نستكملها بأخرى على مواقع التواصل، نعود مُنهكين من انعدام الذوق في التعاطي، عيوننا ملوَّثة، وآذاننا ملوَّثة وعقولنا هاربة من ضوضاء هذا الفلتان الضارب أعماق تربيتنا الرافضة سوق بازار الإنتحار الوطني.
لا حاجة بنا للدخول في دور الهيئات الرقابية على الإعلام، وقد كررنا مراراً أن الرقابة الصادقة هي ذاتية داخل كل مؤسسة، والمُتابع اللبناني مُثقَّف، ويُدرك جيداً خلفية سياسات التحرير لدى كل محطة أو إذاعة أو موقع إخباري، سواء كانت المؤسسة مُلتزمة بقضية وطنية أو كانت تجارية بحتة، وهنا يأتي الدور الشخصي للإعلامي، وهو إما أن يعمل بضمير ويتقاضى أجره، أو يرتضي أن يكون عميلاً مقابل أجر والفارق كبير…
لروح علي المسمار الرحمة والثواب، على مسلكيته وأخلاقه وإيمانه بقضيته، ولنا أن نستنسخ أمثاله ليس فقط في الإعلام والسياسة، بل في كل بيئة مجتمعية تحتاج مدرسة أدبيات في كيفية التعامل الإنساني والخطاب التبادلي الوطني، وحسبنا أننا كلما رَنَت أبصارنا ونصتت آذاننا وحنَّت عقولنا الى منطق الحياة الآدمية، أن نستذكر علي المسمار كأحد أبرز الأوادم الذين عرفتهم شاشات الإعلام اللبناني…