غياب الحلول قرار لبناني
موقع العهد الإخباري-
د. زكريا حمودان:
منذ تحركات ١٧ تشرين الأول من العام ٢٠١٩ الى يومنا هذا، غابت ارادة المسؤولين في البحث عن حلول بشكل كبير عن الداخل اللبناني، وركب البعض موجة التدمير الممنهج للمؤسسات سواء عن قصد أو عن غير قصد. فهل كان قرار عدم اجتراح حلول أمرًا مدبرًا؟
لكي لا أسيء الظن كثيرًا بالحكومات وبعض اللجان النيابية كما بعض الكتل النيابية، فإنَّ من الواضح أنَّ الجميع يعتبر نفسه غير مسؤول، وهنا السؤال الأكثر تعقيدًا، لماذا يتمسك أي مسؤول بما لا يستطيع تحمل مسؤوليته فيه؟
في لبنان يوجد الكثير من مقومات العمل للنهوض بالبلد في حال كانت بعض النوايا صادقة، لكن الأمر يتعلق بحجم الفساد وصدق العمل وغياب المشروع المشترك لدى القوى الفاعلة.
غابت الدولة عن تنفيذ مهامها الروتينية في الإدارات العامة لأسباب متعددة ومتنوعة، لكن الغريب بالأمر أنَّ حاجة المواطن في بعض المؤسسات قد يمكن تنفيذها في حال دَفَعَ مبلغًا اضافيًا من المال. على سبيل المثال، عجزت حكومات ووزراء عن تأمين طوابع مالية لتيسير معاملات المواطنين، لكن الطوابع كانت توزّع في سوق سوداء أمام أعين الوزراء والمسؤولين، دون حسيب أو رقيب.
وفي مفارقة أخرى، اعتكف القضاة لعدة أشهر، لكن الغريب بالأمر أن بعضهم حضر الى عمله ويسّر أمور بعض الملفات الخاصة وذلك مقابل بعض الدولارات التي أصبحت اليوم تأتي على شكل “بدل نقل”.
واذا ما أردنا الغوص في كل إدارة عامة لوجدنا فيها من الفساد ما فيها، ولكن اللافت أنَّ الحركة التي عادت إلى بعض القطاعات المشهورة بالفساد بعد عودة موارد الدولة على أساس منصة صيرفة، هي التي تثير الخوف من مافيا الفساد بالرغم من الانهيار، وهنا يمكننا ذكر قطاعين مهمين في لبنان، قطاع الكهرباء وقطاع الاتصالات.
تغيب السلطة التنفيذية والإدارات العامة والوزراء بشكل عام عن تقديم حلول حقيقية للأزمات التي تواجه المواطنين، رغم توفّر إمكانيات عديدة يُستند اليها في تعزيز قدرة المواطن على الصمود والاستمرار في ظل الحصار المفروض على لبنان. والمؤسف أنَّ الوزراء بشكل عام والمسؤولين، لم يقدموا حلولًا مؤقتة للمواطنين، بل ساهموا في تعزيز الأزمة، على سبيل المثال لا الحصر:
١- لم يعمدوا الى حماية المواطنين من احتكار اشتراكات الكهرباء وتقديم خطة استثمارية في قطاع الكهرباء مبنية على الشراكة بين القطاع العام والخاص.
٢- لم يعمدوا الى حماية المواطنين صحيًا من خلال خطة استشفاء شاملة تتشارك فيها الحاجة الى القطاع الخاص مع دور القطاع العام عبر صندوق واحد يتركز على عمل الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وتحويل اسمه الى الصندوق الوطني للضمان الصحي، ومكننته ليصبح كل مواطن يمتلك بطاقة خاصة وضمن آلية محددة.
الأمثلة المطروحة هي عبارة عن عناوين بسيطة لكن مُهمة، وهي طروحات سهلة لكن يبدو أن البعض ممنوع أن يُنَفِّذ الحلول وهو شريك في الحصار على البلد، ويمكن في اطار تقديم الدليل الاشارة الى العمل الذي يقدمه وزيرا الاشغال علي حمية والعمل مصطفى بيرم في نطاق وزارتيهما، وذلك لانهما لا ينصاعان لأي جهة تملي عليهما المساهمة في الحصار على لبنان.
في التركيبة اللبنانية يوجد العديد من المشاريع المتداخلة، وفي ظل التداخل الكبير بين هذه المشاريع تحضر اشكالية كبيرة بحيث تحول البلد إلى جيفة في ظل غياب المشروع واستحكام الحصار.
من الواضح أنَّ غياب الحلول في لبنان هو قرار مشكوك بأمره، فالفساد المستشري والقرار لدى البعض بعدم تقديم حلول حقيقية يؤدي بشكل أو بآخر الى وضع الداخل اللبناني في وضع اجتماعي واقتصادي مُحرج، ويساهم أن يكون مدخلًا الى فوضى.