غسان الرحباني لـ’العهد’: لا هواجس مسيحية بعد تفاهم ’مار مخايل’
على الرغم من ابتعاده في الآونة الأخيرة عن الشأن السياسي، لا يزال الفنان غسان الرحباني مواكبًا لحال البلد. بعد عام 2006، حسابات ابن انطلياس تبدّلت، للتفاهم بين حزب الله والتيار الوطني الحرّ دور أساس في هذا التغيّر. لم يكن الاتفاق عابرًا، وفق ما يرى الرحباني، ولأنه كذلك، استطاع تبديد هواجسه المسيحية بعدما تمكّن من تقريب المسافات وبثّ الألفة بين القواعد الجماهيرية للطرفين. برأيه، لن تتكرّر التجربة بين فرقاء آخرين في ظلّ تعذّر وجود قائدين كالسيد حسن نصر الله والعماد ميشال عون يملكان من الوعي ما لا يمكن إيجاده لدى أي زعيم آخر.
عند حديثه عن السيد والجنرال، يسارع الرحباني إلى توجيه رسالة “صحية” لهما، باله مشغول على صحتهما، وعليه يتمنّى عليهما الحذر جيّدًا. لرئيس التيار يقول “ما إلنا غيرك”، وللأمين العام لحزب الله جملة بسيطة ومعبّرة: “ما قمتَ به يتعدّى منطقنا”. في كلام الرحباني حصّة للمرابطين على الثغور: “لولاهم نحن غير موجودين.. هم وجداننا وضميرنا وهم في قلوبنا”.
موقع “العهد الإخباري” أجرى مقابلة مع الفنان غسان الرحباني وهنا نصّها:
س: اليوم، يصادف مرور 10 سنوات على توقيع ورقة التفاهم بين حزب الله والتيار الوطني الحر، من موقعك كفنان تتعاطى الشأن السياسي ماذا تعني لك هذه الذكرى؟
ج: هذه الذكرى هي كلّ الموضوع وأهمّ حدث حصل لراحة لبنان والوئام واللقاء و”التنفيس” بين المناطق اللبنانية المحاذية لبعضها التي تأثّرت مباشرةً بهذا الهدوء، الأمر الذي انعكس إيجابًا على مكوّنات الشعب اللبناني.. أنا أرى أن الداعمين والمعترضين للتفاهم استفادوا من نتائج هذا التحالف على حدّ سواء، لأنه فرض الهدوء والاستقرار على الساحة اللبنانية، وهو ما سمح لنا بالتفكير بمشاريع عمل.. منذ اللحظة الأولى لإعلان التفاهم في كنيسة مار مخايل، شعرتُ بالاسترخاء وقلتُ للمحتجّين على اللقاء إنهم سيتأكدون لاحقًا أن نتيجته ليست آنية بل ستمتدّ الى المستقبل. بعد توقيع الاتفاق، لم يعد لديّ هواجس مسيحية بل أصبحت لديّ هواجس جرّاء أزمة النفايات المستفحلة التي “مرّغت رؤوسنا في التراب”..
س: برأيك لماذا لم يحصل هكذا لقاءات بهذا المستوى بين المكوّنات السياسية في لبنان من قبل؟
ج: لأن هؤلاء الزعماء يحتاجون الى “مخ” وعقل كبير.
غسان الرحباني
للسيد نصر الله:
تعديتَ حدود منطقنا
|
س: قبل إبرام هذا التفاهم، كيف كنتَ تنظر إلى حزب الله والضاحية؟
قبل 6 شباط 2006، كنتُ أزور الضاحية دائمًا لترتيب بعض الأمور الحياتية والخاصة بعملي، حتى أن تصميمات أغلفة الأشرطة الموسيقية الخاصة بي كانت تُنجز في مطابع الضاحية الجنوبية التي في الوقت نفسه كانت تُصدر صورًا كبيرة للسيد حسن نصر الله.
التفاهم جرى التمهيد له من خلال اللقاءات المسبقة التي كانت تحصل بين الجانبين.. وجاء انسحاب الجيش السوري من لبنان الذي كنّا نعارضه وانتهت الخصومة بمجرد خروج السوري من أراضينا.. (يستطرد هنا): لا يمكن مهاجمة السوريين بعدما غادروا بلدنا، ولا يمكن أن يكون البعض بطلًا في مناهضة السوريين وهم أصلًا باتوا خارج لبنان.. وبالمناسبة بشار الأسد لم يكن له علاقة بالحرب اللبنانية، وأنا اجتمعتُ به في إحدى المرات عقب الفراغ الرئاسي وانتهاء ولاية رئيس الجمهورية السابق ميشال سليمان.. وأنا مُعجب به لأنه كان يعارض وجود الجيش السوري في لبنان على الرغم من أنه كان صغيرًا بالعمر وقتها..
س: بعد هذا الكلام ستُتّهم بأنك والرحابنة عمومًا مع النظام السوري..
ج: “ما بهمني.. شو بدي كون مع هوديك”! قد أكون قابلتُ الأسد لكن لم أكن أؤيّده أثناء الحرب.. المرحلتان مختلفتان.
س: كفنان ملتزم بالسياسة، ما الصورة التي كنتَ تكوّنها عن الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله والمقاومة الإسلامية قبل الاتفاق مع التيار وما بعده؟ هل انتظرتَ توقيع التفاهم لتغيّر وجهة نظرك تجاه المقاومة وقائدها؟
ج: لا.. نحن كعائلة نفكّر بعمق أكثر.. لا ننتظر أحدًا لنبني رأينا.. نحن لدينا وطن الرحبانة والآخرون يلحقون بنا.. هناك زعماء كثر يحلمون ببناء لبنان كما يصوّره الرحابنة.. نحن قادة بالتفكير ولسنا ملحقين أو تابعين لأحد.. والدي كان يقول لي دائمًا هذا الرجل (السيد نصر الله) لديه صدق وقدرة على الإقناع ويقدّر الصداقة.. وهذا تجلّى أكثر مع توقيع التفاهم بين التيار وحزب الله..
غسان الرحباني
للعماد عون:
ما إلنا غيرك
|
س: الصورة التي كان يرسمها الرحابنة للبنان، وطن العيش المشترك ونبذ التفرقة المذهبية والمحبة والألفة، هل تعتقد أن التفاهم بين الحزب والتيار يستطيع أن يجسّدها؟
ج: نحن بعيدون كثيرًا عن وطن الرحابنة على الرغم من المحاولات التي يقوم بها الحزب والتيار، لأن من يعارض التفاهم بين الأفرقاء والزعماء أكثر ممّن يدعمونه، ومعظمهم من باب الكيدية، وبالتالي العناد والنكايات السياسية تدمّر البلد ولا تبينه..
نحن كرحبانة تربّينا على العيش مع إخواننا المسلمين في جميع المناطق والمدارس وأينما حلَلْنا.. لكن ما يمكن تأكيده أن 70% من المسيحيين في لبنان تغيّر وضعهم مع المسلمين بعد التفاهم.
س: هل تستبعد اذًا أن تُعمّم تجربة حزب الله والتيار الوطني الحر على باقي المكوّنات السياسية؟
ج: يمكن ولكن بمستويات مختلفة.. اليوم هناك اتفاق بين القوات والتيار وهو في الحدّ الأدنى يهدّئ الشارع المسيحي بمعزل عن النوايا وصدقها.
س: لماذا تجربة الحزب والتيار نجحت دون سواها من محاولات التقريب بين المكوّنات السياسية؟
ج: بسبب وجود قائدين يمتلكان القدرة على الترفّع عن كثير من الأمور التي لا قيمة لها..
س: ماذا تقول للعماد عون اليوم؟
انتبه إلى صحتك لأن “ما إلنا غيرك”..
ج: وللسيد نصر الله ما هي رسالتك؟
أيضًا انتبه إلى صحتك وإلى طعامك جيّدًا ولا تثق بأحد حفاظًا على أمنك. ما قمتَ به يتعدّى منطقنا وخصوصًا بعد دخول المقاومة إلى سوريا وتمكّنها من إزالة الخطر عن لبنان.
س: للمقاومين المرابطين على الحدود ماذا تقول؟
لولاهم نحن غير موجودين.. هم وجداننا وضميرنا وهم في قلوبنا .. لولاهم لما كنا “أمّنّا” على أولادنا اليوم ولم نكن بوارد فتح أي مشروع وأي عمل.. هؤلاء هم الدواء.. هم صحّتنا..
في الختام، هل تؤيّد زيارات الفنانين للسياسيين؟
من الأفضل أن تكون بعيدة عن الإعلام..