غربان بعيون أميركية.. والقافلة تتابع السير
موقع قناة المنار-
يونس عودة:
في لبنان ، يلاحظ المدقق في مسار بعض “الشغالين” في السياسة ، أنهم يستسيغون النعيق ضمن معتقد أن شيمة الصالحين واستخدام نعيق الغربان كقاعدة في تشغيلهم ، يراكما جمهوراً يبقيهم في المشهد السياسي الذي لفظهم على المستوى الوطني.
مع وصول صهاريج المحروقات إلى لبنان من إيران عبر سوريا في سفينة الأمل ارتفع نعيق “الغربان” بأن دخول الصهاريج الى الأراضي اللبنانية ، لم يكن عبر المعابر الرسمية ، من دون الأخذ بالإعتبار أن تلك الصهاريج سوف تخفف معاناة الشعب اللبناني الرازح تحت اثقال الحياة المتعددة الجوانب ، ومن أبرزها ثقل عدم توافر المادة الأكثر حيوية في هذه المرحلة ، والتي أكثر ما تحتاجها المستشفيات ، والقطاعات الحيوية الأكثر ضرورة من إنارة إلى حركة الإنتاج ..إلى اخره .
لم يجد الذين لم يتمكنوا من من الكذب على الناس ، علة في الغزال فقالوا أنه أكحل العين ، وكأن جمال الغزال وكحلة عينيه الذي أنعم به الخالق عليه، نقص أو مذمة.
مع ذلك ، فلا بد من استحضار محطات محورية عاشها لبنان تحت وطأة ارتكاب اولئك الذين يستهدفون النور اليوم لأنهم غير قادرين على إضاءة شمعة لا بل يمجدون الظلمة ،لأن النور يكشف حقيقتهم كأبواق بوم ساهموا في قتل لبنانيين وتدمير إحياء ومنشآت ، وها هم اليوم يعملون على قتل الأمل .
مع بداية الأزمة السورية ، ساهم “البوميون” في احتضان وتغطية المجموعات الارهابية التي دخلت الى لبنان عبر المعابر غير الشرعية، ووضع هؤلاء آلية كاملة بعيدة عن عيون الشرعية لتمرير الارهابيين الى سوريا ، واستقبال الارهابيين الجرحى علنا وفي السر في المستشفيات اللبنانية ، في الوقت الذي كان الارهابيون يستهدفون الاحياء المدنية بسيارات مفخخة ويخطفون ويقتلون عناصر الجيش وقوى الامن فضلا عن المدنيين وانخرطوا في منظمات أنشئت لهذه الغاية ولغايات أخرى من بينها الارتزاق القذر.
ربما هناك سؤال تبسيطي لمن تهمه الشرعية وهو ليس للمقارنة وإنما للفت النظر ، يستوجب الطرح : هل الأموال التي استلمتها منظمات NGOs، دخلت عبر الطرق الشرعية؟
– الم تعلن الدول التي مولت تلك الحركات جهاراً ، أنها لن تقدم المساعدات عبر الدولة اللبنانية ، بل مباشرة إلى منظمات التخريب المجتمعي، وغصباً عن السلطة الشرعية ؟
– عن أي طريق يتم إدخال الأموال الى تلك المنظمات ؟
هل لدى الناعقين الذين اعتادوا لحس المبرد ، استراتيجية لإخراج أنفسهم من الأزمة العميقة التي تمر بها دولتهم وشعبهم، وهو ما يتطلب قبل أي شيء إرادة سياسية واعية ومدركة لحجم المخاطر والتداعيات الناجمة عن التقاعس والتأخير كل لحظة لا كل يوم،، ولا يتطلب النكاية في الطهارة ، وهذا إذا أحسنا النوايا ، مع التأكيد أن قوة لبنان لم تكن يوماً في ضعفه، بل تكمن في قوته ، في تحالفاته التي تشد من ازره ، ولا سيما وقت الازمات ، ولبنان اليوم في ذروة الازمات ، ولذلك فإن كل الوسائل المتاحة الآن للتخفيف من الأزمات ومن معاناة الشعب اللبناني هي ضرورة وطنية ،وليس باستمرار المراهنة على المجرب تكراراً.
أمام اللبنانيين تجربتان حيتان الآن ، عما فعله الأميركيون بمن يراهن على الخلاص عن طريق الأميركيين ، الأولى في أفغانستان حيث فعل الأميركيون ما لا يفعله الاخرون بحلفائهم وبادواتهم بعد ان حاربوا بهم، وتركوهم الى حيث يلقون مصيرهم ، عند لحظة المصالح الاميركية.
والثانية “تشليح” فرنسا العضو الفاعل في حلف شمال الاطلسي الذي تقوده اميركا، صفقة الغواصات مع استراليا، عنوة ، الأمر الذي دفع فرنسا لاتهام استراليا واميركا بالخيانة ، والتعرض لطعنة في الظهر.
لم يكن لبنان يوما ولن يكون، بالنسبة لأميركا، اهم من فرنسا واهم من افغانستان ، وبالتالي لن ينال المراهنون على اميركا في لبنان حصة بأي شيء ، فأميركا تنظر الى اولئك التعساء مجرد أجراء يرتزقون مقابل تشغيلهم في المشروع ، وعندما يفشلون ، تبحث عن أجراء آخرين للعمل في نطاق السيرك القاتل ، لا عن غربان حاولوا تعلم كرج الحَجل ، فنسوا مشيتهم ولم يستطع أحدهم تقليد كرج الحجل . ولذا فإن أسطول البواخر سوف يستمر بالمسير ، كما تمر القوافل من أمام خيمة يحرسها كلب ينبح ، وعلى شجرة بوم مختبئ ينعق.