عُلمِ السّبب وبَطُلَ العَجب!
موقع إنباء الإخباري ـ
مروان سوداح*:
في آب/أغسطس الماضي، تحدثت الأنباء عن إلقاء الجيش العربي السوري وأجهزة الأمن السورية، القبض على عدد من الضباط من جنسيات عربية، يقاتلون الى جانب العصابات الارهابية في حلب، ومنهم عدد من أعضاء جهاز الاستخبارات التركي.
وقالت بعض المصادر، أن الضباط الذين أوقعتهم القوات السورية بعملية حاذقة في أيديها، أدلوا باعترافات هامة وخطيرة، وكشفوا خلال التحقيق معهم، عن أن مستشارين عسكريين من الولايات المتحدة وفرنسا يُساهمون في القتال الدائر في حلب الى جانب العصابات الارهابية، التي تلقت شحنات ضخمة من الاسلحة عبر الاراضي التركية، وأفادوا بمقتل العشرات من وحدات عسكرية خاصة أرسلتها دول عربية تضم أعداداً من المرتزقة، تدرّبوا على أيدي شركة “بلاك ووتر” الارهابية في معسكر خاص في دولة عربية.
واليوم، وكما كان البارحة، ما يزال عدد آخر من ضباط الاستخبارات والمخابرات الدولية والعربية محاصرين في حلب، ويرفضون هم والدول التي يحملون جنسياتها، الاستسلام للقوات السورية والروسية، خشية من فضيحة جديدة، تلحق بدولهم، وتعرّي التدخل الدولي في الشأن السوري الداخلي، والذي يعدُ مخالفة صريحة
للقانونين الانساني و الدولي.
الرفض الغربي وبعض العربي للهُدن الانسانية التي تعلن عنها دمشق وموسكو، يُخفي وراءه وجود أكثر من ضباط أمنيين وعسكريين في أحياء حلب المُحَاصرة حصاراً مَكيناً. فهناك في الأقبية الحلبية يتم وضع الخطط والاستراتيجيات والتكتيكات وتدريب الارهابيين على شن هجمات يرون بأنها “الأنسب” والأكثر إضراراً بالبشر والحَجر، وصولاً الى إتلاف حلب وجعلها مهجورة ومقفزة، والى تفعيل أوسع لاستراتيجية تدمير سوريا بالكامل، وتحويلها الى مقبرة بشرية وأطلال تاريخية.
وفي رفض الهُدن الإنسانية من جانب الارهابيين وقادتهم من ضباط المخابرات والاستخبارات الاجانب والعرب، محاولة يائسة لإطالة زمن الحرب التدميرية لحلب، ولاستنزاف الدولة السورية عسكرياً ومدنياً وإعلامياً، وتأليب العالم على روسيا بوتين، التي وبرغم إيقافها عمليات قصف الارهابيين في المدينة ونواحيها، بأمر من الرئيس الروسي الذي عارض طلب عسكرييه لمواصلة الغارات على الارهابيين، إلا أن سيول “الأخبار” المُفبركة ما تزال تدّعي بأن الطائرات العسكرية الروسية تواصل قصف مربعات المدينة، وتُنزل الموت بأهلها، وفي هذه الأكاذيب المتواصلة سياسة ونهج خبيثان يرميان لمحاولة تحييد روسيا عن جبهات القتال وإخراجها من سوريا، ووقف مشاركاتها العسكرية والحربية التي تمكنت خلال فترة قصيرة قياساً بعمر الازمة السورية، من إلحاق خسائر ضخمة بعتاد الارهابيين وعناصر الارهاب، لم يتوقعها مشغولوهم ولم يكونوا يتصورون حدوثها حتى في أحلامهم.
الضباط العرب والاجانب تنتظرهم وتنتظر أسيادهم محاكمات دولية وفضائح مُجلجلة بعد تحرير حلب وانتهاء الازمة في سوريا، وستكون بالضرورة محاكمة دولية وعلنية وعلى شاكلة محكمة نورينبرغ لمجرمي الحرب النازيين والفاشيين والعسكرتاريين اليابانيين، الذين تم إعدام جزء منهم، والباقون تَحشرجت أرواحهم النتنة في غياهب الزنازين.
البعض يَرى بأن دولاً بعينها قد أصدرت الأوامر لضباطها في حلب، بضرورة الانتحار تجنباً لأسرهم، وفي هذا الأمر رغبة بإنقاذ مُشغليهم ودولهم التي أَوحلت في الإجرام بسوريا وشعبها، لكن هؤلاء يتناسون أن جثث الضباط الارهابيين ستبقى أسيرة في أيدي القوات السورية، وشاهدةً على فظاعة التدخل الدولي بشؤون الغير، وعودة الاستعمار القديم للشعوب وتهجيرها من أوطانها وإحلال غيرهم مكانهم، في اجترار للعَملانية الصهيونية على الأراضي العربية المحتلة، التي تتسع لتشمل عدداً من الدول العربية غير فلسطين الجريحة، لكن بأساليب جديدة و “مُبتكرة”.
*صحفي وكاتب وأكاديمي أُردني.