عون يتفوق على جعجع .. من يكون الرئيس؟
لا يبدو ترشيح رئيس تكتل “التغيير والإصلاح” لانتخابات الرئاسة مناورة لا عند ” التيار الوطني الحر” ولا عند حلفائه. ستتوحد هذه القوى خلف “الجنرال”. الخيار بات شبه محسوم، وينقصه التبني العلني. ترشيح رئيس “المردة” النائب سليمان فرنجية لنفسه لا يأتي أولوية عند هذه القوى الحليفة. “البيك” مرشح إحتياط سيُدرج إسمه في كل إنتخابات رئاسية.
لا مصلحة عند عون الآن بإعلان تبنيه مرشحاً بإسم فريق، هو يسعى لتسويق نفسه مرشحاً جامعاً. يسعى “الجنرال” هنا لكسب أصوات “المستقبل” تحديداً. قد ينجح عون في لعب دور الحكم بين القوى نظراً لتحالفاته التوسعية و انطلاقه من واقع تمثيلي أساسي وحسن علاقته مع البطريركية المارونية التي اشترطت ان تكون مسيرة الرئيس العتيد مشرّفة، وهذه تنطبق على عون حكماً.
تمتدّ زعامة “الجنرال” على مساحة الطوائف المسيحية. هو قادر على التعاطي مع التناقضات الدولية: لم يقطع مع الأميركيين ويثق به الإيرانيون، يتواصل مع الروس وعلى علاقة مميزة مع السوريين، ولا مشكلة جوهرية بينه وبين السعوديين.
كل الصفات المطلوبة للرئيس القوي الوطني القادر الوسيط الحكم تنطبق على عون دون نقاش.
إذاً لماذا لا يكون الرئيس؟
لا يختلف العارفون بخبايا الامور أن رئيس حزب “القوات” سمير جعجع أقدم على ترشحه بناء على إشارة “المستقبل”. لا يصدق أحد أن “الحكيم” قرر وحده الترشح دون مباركة حليفه الأساسي رئيس تيار “المستقبل” النائب سعد الحريري. لم يخف قياديو ونواب “المستقبل” عواطفهم تجاه رئيس حزب “القوات”.
يعرف جعجع أنّ عدم حصوله على أصوات “المستقبل” يعني أنّ مؤيديه للرئاسة لا يتجاوزون عدد نواب كتلة “القوات” بأحسن الأحوال. هو يعرف أنّ “الكتائب” تعتبر أنّ رئيسها أمين الجميل أحق بالرئاسة من رئيس “القوات”. يدرك جعجع ايضا أنه لن يكسب تأييد اي نائب من قوى “8 آذار” لاعتبارات استراتيجية و ثوابت مبدئية غير قابلة للمراجعة نهائياً. ولن تصوت أيضاً “جبهة النضال الوطني” لرئيس “القوات” حتى لو كانت الظروف عند النائب وليد جنبلاط تشبه ظروف 2005، فكيف إزاء التطورات التي وضعت ” التقدمي الاشتراكي” في خطوط الوسط؟
بالأرقام يتفوق عون على جعجع. لكن ” القواتيين” يعيشون اليوم حلم وصول “الحكيم” الى بعبدا. أقنعتهم تصرفات جعجع الذي أدى دوراً ممتازاً في اعلان الترشح و البرنامج . لكن عملية حسابية بسيطة تبين ان “الحلم” لا يتحقق.
يقول العارفون أنفسهم ان خطوات جعجع جاءت مدروسة بإيعاز من “المستقبل” بهدف “حرق ورقة عون”. يترشح الاثنان، ثم يأتي التنازل من الجانبين نتيجة تسوية لصالح مرشح وسطي تسووي.
حتى الساعة لم تنضج ظروف انتخاب الرئيس. لا توافق داخل قوى “14 آذار” ، ولا ملامح اتفاق داخلي لبناني. ولا إشارات خارجية وصلت. حتى الساعة يتنافس بالحد الادنى اربعة مرشحين من “14 آذار” مقابل مرشح واحد عند ” 8 آذار” ، لكن الخيارات مفتوحة على كل الاحتمالات بدءاً من الفراغ المحدود حتى أيلول- موعد اتضاح المسارات الإقليمية.
هناك من يشير الى اسماء “وسطية” تحظى برضى الأطراف: زياد بارود و دميانوس قطار وجان عبيد ورياض سلامة و مروان شربل وآخرين.
لكن نظرية الفراغ المحدود ان حصلت ستحمل لاحقاً قائد الجيش العماد جان قهوجي لرئاسة الجمهورية. لن تمانع القوى عندها في وصول قائد المؤسسة العسكرية. يستحق قهوجي بعد نجاحه في القيادة بأصعب الظروف التي مر بها لبنان في تاريخه ان يصل الى كرسي بعبدا. يحظى بثقة اللبنانيين ويختلف عن سلفه الرئيس ميشال سليمان بالأسلوب والممارسة والتصرف. عندها ستجري المفاوضات حول حصص القوى السياسية. قد يكون قانون الانتخابات الأساس فيها. وستكون الطريق أسهل لقائد فوج المغاوير العميد شامل روكز في الوصول الى قيادة المؤسسة العسكرية.
عباس ضاهر – موقع النشرة الإخباري