عندما يفرض #حزب_الله معادلة الردع براً وبحراً
عمّار نعمة – صحيفة السفير
عشرة أعوام مضت على الانتصار التاريخي للمقاومة على إسرائيل في تموز 2006. ها هو الهدوء يلف منطقة مزارع شبعا المحتلة كما منطقة الغجر منذ عقد من الزمن.
وإذا كانت الحياة الطبيعية في الأراضي اللبنانية قد عبرت عن نفسها في حركة العمران الكثيف كما على الصعيد السياحي، فإن الجانب الإسرائيلي من الحدود لم يكن طوال هذه المدة على ما يرام، في ظل حالة القلق الاسرائيلية المستمرة من القدرات المتصاعدة للمقاومة، الأمر الذي جعل دوائر القرار السياسي والعسكري والبحثي الإسرائيلية، تؤكد يوما بعد يوم ان «حزب الله» هو من يشكل الخطر الأول اليوم على «دولة إسرائيل».
وفي قراءة لمتابعين للشأن المقاوم، فإن «حزب الله» قد تمكن من فرض معادلة «الردع والتوازن» الإستراتيجية على الإسرائيلي الذي بات يتعاطى بحذر شديد مع التطوير المستمر لقدرات المقاومة، عديداً وعتاداً وقدرات مختلفة.
ولعل أهمية هذه المعادلة انها لا تقتصر على منازلة العدو عسكريا، بل إنها، وهذا الاهم، تفرض خطوطا حمراء امام الاسرائيلي تجعله غير قادر على الاعتداء على لبنان، كما كانت عليه الحال في فترات طويلة من التاريخ اللبناني عندما كان هذا البلد مستباحاً من الإسرائيلي.
والأمر البالغ الأهمية، اليوم، يتمثل في ان هذه المعادلة تمظهرت في شكل واضح في لجم الاندفاعة الإسرائيلية «النفطية» بعد ان قرر العدو في الآونة الأخيرة تجميد عمليات الاستثمار في المكامن النفطية المشتركة مع لبنان.
وقد أثبتت المقاومة ان لبنان يمتلك أوراقَ قوةٍ لحماية حدوده البحرية وثروته النفطية، بعد ان كانت المقاومة قد فرضت بسلاحها التوازن البري مع العدو، وقد جاء هذا السلاح نفسه ليحمي الحقوق اللبنانية البحرية في منطقته الاقتصادية الخالصة، ما وفر «مظلة أمان للبنان ولثرواته الطبيعية».
ويؤكد المعنيون ان الاسرائيلي، بخرقه البري الأخير في منطقة مزارع شبعا، لم يشأ افتعال معركة مع لبنان، لعلمه بهذا التوازن الذي فرضته المقاومة.
ولعل الإسرائيلي قد لجأ الى هذا الخرق على الخط الأزرق الذي تحفظ عليه لبنان، لكي يعزز من تحصيناته بوجه أي مباغتة من المقاومة لـ «خاصرته الرخوة»، وهو المتخوف من مفاجآت على شاكلة عملية خطف جنوده في 12 تموز 2006.
والواقع ان الاسرائيلي يبرع في اللعب في مساحات الالتباس والنقاط التي تعد موضع تحفظ وذات وضعية قانونية خاصة بالنسبة الى لبنان.
اليوم، تبدو الكرة في ملعب «اليونيفيل» التي استمهلت لدرس الخرق الاسرائيلي. وبينما تترقب المقاومة ما ستأتي به القوات الدولية، اضافة طبعاً الى التحركات الديبلوماسية والقانونية مع العالم، واضعة المجتمع الدولي امام مسوؤلياته، فإنها، في المقابل، تبدو بكل جهوزيتها بما في ذلك اختيار زمان ومكان أي رد على أي خرق اسرائيلي.
ويتوقف المراقبون عند الهَبَّة الشعبية التي قام بها أهالي شبعا وقرى العرقوب بوجه الاسرائيلي، واجتيازهم الخط الحدودي في محور بركة النقار ورفعهم الأعلام اللبنانيّة، وتقدمهم الى الطريق العسكرية التي حاول الاسرائيلي شقها. ويشير هؤلاء الى ان كرة الثلج الشعبية ستكبر اذا توسع الاسرائيلي في خروقه.
في كل الأحوال، تبدو المعادلة التي فرضتها المقاومة، بعد عشرة اعوام على عدوان تموز، ذات وجهين: أحدهما يتمثل في الجهوزية الكاملة لمواجهة إسرائيل، والآخر يتلخص في الجهوزية أيضا لمقاتلة الإرهاب التكفيري. وقد أثبتت المقاومة مجاراتها للجيوش الحديثة في خوض معركتين عسكريتين في وقت واحد.
وإذا كان الحزب قد تمكن من فرض التوازن مع الاسرائيلي جنوبا، فإنه قد تمكن من ذلك ايضا على حدوده الشرقية. وبانخراطه العميق في المشهد السوري، فإن الحزب، حسب المتابعين، قد قلب المعادلة الميدانية السورية بشكل جذري، مثلما أصبح أكثر خبرة وتمرساً، وهو الأمر الذي يعلمه الإسرائيلي ويرصده على مدار الساعة.