عملية بئر السبع الإستشهادية… بين الفشل الإستخباري الصهيوني وتجذر روح وإرادة المقاومة
جريدة البناء اللبنانية-
حسن حردان:
شكلت العملية الاستشهادية في مدينة بئر السبع، التي نفذها البطل الفلسطيني محمد أبو القيعان من سكان بلدة حورة في النقب، ونجاحه في قتل أربع مستوطنين بينهم حاخام، شكلت في توقيتها ومكان تنفيذها نقطة تحول في مسار النضال الوطني للشعب الفلسطيني ومدى تجذر روح وإرادة المقاومة من ناحية، كما شكلت فشلاً استخبارياً «إسرائيلياً»، وأحدثت صدمة مدوية إصابة قلب دوائر وأجهزة أمن الاحتلال من جهة ثانية..
أولاً، أكدت العملية أنّ الشعب الفلسطيني لا يرضخ لسياسة القمع والإرهاب الصهيونية، وانّ هذه السياسة لا تخيفه أو تردعه عن مواصلة نضاله الوطني والدفاع عن حقوقه الوطنية في أرضه ودياره ووطنه..
ثانياً، برهنت العملية على الردّ الفلسطيني القوي على جرائم الاحتلال ووحشيته التي تجسدت اخيراً في الاستيلاء على أراضي العرب الفلسطينيين في صحراء النقب، والضرب بعرض الحائط حقوق أبناء القرى العربية في المنطقة…
ثالثاً، عكست العملية تجذر روح المقاومة في أوساط المواطنين العرب في فلسطين المحتلة عام 1948، وفشل سياسة الاحتلال على مدى العقود الماضية في تذويبهم في مجتمع المستوطنين، أو أسرلتهم ومحاولة إخضاعهم وجعلهم يتخلون عن قضيتهم وحقهم الوطني والتاريخي في أرضهم ووطنهم…
رابعاً، أثبتت سقوط وفشل المنظومة الأمنية الصهيونية في توفير الأمن للمستوطنين الصهاينة، حيث أظهرت العملية بشكل واضح فشل الأمن الصهيوني وارتباكه وإخفاقه في معرفة وملاحقة منفذي مثل هذه العمليات الفردية، كما أظهرت العملية نجاحها في إثارة الرعب وسط المستوطنين، وضرب الأمن الصهيوني في جنوب فلسطين المحتلة، مما سيكون له انعكاسات سلبية على الوجود الاستيطاني وعمليات الاستيطان الجديدة التي يجري العمل عليها لاستيعاب مهاجرين يهود من أوكرانيا في صحراء النقب…
على انّ ردّ الفعل الصهيوني على المستويات المختلفة كشف مستوى الارتباك والفشل والقلق في الكيان الصهيوني على جميع المستويات، حيث تجسّد ذلك في الاعترافات الصهيونية واإاقرار بما يلي:
1 ـ فشل استخباري «إسرائيلي»، كان من الممكن أن يمنع الهجوم الذي قد يدفع باتجاه التصعيد.
2 ـ انّ العملية الجديدة والعمليات التي سبقتها تأتي عشية شهر رمضان الحساس، لكنها جميعها فردية، وانّ الأجهزة الأمنية تجد صعوبات في وقفها بسبب تعايش اليهود والعرب في الداخل والقدس، أكثر منه في الضفة الغربية التي يوجد بها قوات كبيرة ولها خبرات عملياتية مكتسبة.
3 ـ اعتبر رئيس حزب الصهيونية الدينية سموتريتش أنّ الفلسطينيين في الداخل المحتلّ «قنبلة موقوتة».. في إقرار واضح بعجز الاحتلال على إخضاع الفلسطينيين رغم مرور أكثر سبعة عقود على الاحتلال…
4 ـ لقد دقت العملية أجراس التحذير بصوت عالٍ من تطورات الأوضاع في النقب خاصة بعد عملية “حارس الأسوار” في مايو/ أيار الماضي.
5 ـ كشفت العملية انّ سنوات الإهمال تجعل الوضع في الجنوب أكثر خطورة يوماً بعد يوم، وبدأ يختلط الوضع ما بين “الجريمة” و “الإرهاب”، وتظهر أكثر عناصر “التطرف الديني» وفق تعبيره…
6 ـ أكدت العملية ضرورة تجنب أيّ إجراءات صارمة ضدّ الفلسطينيين، كما يطالب بعض الصهاينة المتطرفين، لأنها قد تؤدي إلى مزيد من التصعيد..
خلاصة الأمر، لقد أثبتت العملية الاستشهادية الفدائية الجديدة انه كلما أمعن الاحتلال في سياساته القمعية والإرهابية، واعتداءاته على الفلسطينيين وحقوقهم، كلما أدّى ذلك إلى تأجيج وتصعيد عمليات المقاومة.. ولهذا فإنّ تهديد رئيس وزراء العدو نفتالي بينيت وتوعده بـ «الضرب بيد من حديد « وأنه سيتمّ الوصول إلى كلّ من ساعد في تنفيذ هذه العملية.. وتوعّد وزير الحرب بيني غانتس، بمحاسبة من حرّض لتنفيذ العمليات، لن يقود إلا إلى مزيد من التصعيد في عمليات المقاومة واندلاع المواجهات في كلّ أنحاء فلسطين المحتلة.. لا سيما مع اقتراب حلول شهر رمضان الذي طالما شكل محطة من محطات تأجّج المواجهات مع قوات الاحتلال والمستوطنين…