عملية البحر الأحمر: تحول نوعي في مسار الصراع
موقع العهد الإخباري-
عبد الحسين شبيب:
سحب تحالف العدوان الذي تقوده المملكة السعودية تغطيته الإعلامية لعملية استيلاء البحرية اليمنية على السفينة الإماراتية بعدما أسقط الاعلام الحربي من يده إمكانية الاستمرار في الكذب، سيما وان المشاهد الحية لم تسعفه في الدفاع عن مزاعمه بأن تلك الاليات هي عبارة عن مستشفى ميداني، فيما الصور الواضحة تؤكد ان جزءا منها هو عبارة عن غرفة عمليات ميدانية متطورة مرتبطة بالأقمار الصناعية ومجهزة بتقنيات تستخدم للتواصل حديثة مع غرفة العمليات المركزية، علما ان الادعاء بكونها مستشفى عسكري ليس سوى اثبات بانها تستخدم لأغراض عسكرية كجزء من الالوية اللوجستية التي تعتبر ركناً أساسيا في أي معركة.
ويمكن القول ان ما جرى يوم الاثنين هو تحول نوعي في مسار الصراع على اعتاب دخول العدوان عامه الثامن لصالح الجيش اليمني واللجان الشعبية، حيث يحاول تحالف العدوان منذ اسابيع تعويم نفسه (إثر تتالي هزائمه في جبهات مأرب وشبوة والساحل) عبر الغارات الجوية وموجات التضليل الاعلامي المرافقة ليأتي هذا الانجاز من مكان خارج حسابات التحالف الذي يعتبر ان البحر هو مسرحه الحصري، وانه يملك هو فقط القوة على هذا الصعيد، ولا يمكن للطرف اليمني ان يتجاوز بنشاطه حدود الاستهداف بالصواريخ او الزوارق المفخخة او الالغام، فكانت هذه المفاجأة صادمة للعدو والصديق ايضا”.
وقد انطوت هذه العملية النوعية على مجموعة من الدلالات الهامة جدا” أبرزها التالي:
أولاً، هذه العملية حصلت رغم انتشار مجموعة كبيرة من القطع البحرية المتعددة الجنسيات التي تشارك في فرض الحصار البحري على الشعب اليمني وتراقب بدقة حركة السفن على انواعها، وبالتالي فان اختراق هذا السياج البحري والضرب في مجاله انجاز نوعي بكل معنى الكلمة، حيث تعكس العملية قدرة عملانية للبحرية اليمنية على التوغل في عمق المياه الاقليمية اليمنية والقيام بمحاصرة سفينة بهذا الحجم بما تحتاجه من زوارق وكوماندوس بحري متخصص في السيطرة على هكذا سفن ومن ثم اقتيادها الى مكان آمن في وضح النهار.
ثانياً، يظهر ما جرى ان تحالف العدوان رغم تفوقه البحري فانه يلجأ الى التمويه وتحويل سفن تجارية بالاسم الى سفن نقل عسكرية خوفاً من تعرض بوارجه العسكرية للنيران اليمنية بعد سلسلة ضربات بحرية اصابتهم في مقتل مما اضطرهم الى التلطي وراء السفن التجارية، وهذه نقطة ضعف تظهر بقوة على تحالف العدوان، مقابل نقطة القوة الكامنة التي يتحاشى هذا التحالف الإقرار بها.
ثالثاً، بما ان السفينة تتلطى خلف الاسم التجاري فان هذه العملية استدعت متابعة استخبارية دقيقة تمكن خلالها اليمنيون من تحديد الهدف ونوعية حمولته ومن ثم رصد مساره وتحديد الوقت الملائم للانقضاض عليه بحيث يمكن القول انها عملية فيها مزيج من العمل الاستخباري والجرأة البحرية والقدرة العملية على التنفيذ ونقل الهدف الى مكان آمن دون ان يتمكن تحالف العدوان من وقف هذه العملية.
وعليه فان الخلاصة التي يمكن ابرازها في تقييم ما حصل ان في جعبة اليمنيين مزيد من أوراق القوة الكفيلة بتوسيع دائرة الاشتباك والمواجهة مع تحالف العدوان، وانهم على دراية تامة بنقاط ضعفه في مختلف الساحات والتي يحاول اعلامه التغطية عليها دون جدوى، وبالتالي فان بشائر المواجهة تتجه نحو توسيع مروحة المجالات التي يمكن الضرب فيها بقوة وعمق ووضع بصمة لا تمحى في أي ساحة تقرر القيادة اليمنية خوضها، حيث ان هذه العملية في مختصرها لا تتم الا بإشراف قيادي محكم مع احاطة شاملة برد فعل العدو وما يمكن ان يذهب اليه وما لا يمكن ان يجرؤ عليه، بما يظهر ثقة تلك القيادة بما استطاعت وما تستطيع ان تحققه.