عملية "أسد الأقصى".. هل بدأت "انتفاضة البنادق"؟
سيطرت المخاوف على المحافل الأمنية والعسكرية الصهيونية عقب العملية “المزلزلة” التي وقعت أمس الأحد، على يد الشهيد مصباح أبو صبيح، من بدء مرحلة متقدمة من الانتفاضة تحل فيها البندقية محل السكين، فيما بدت علامات الذهول واضحة من طريقة تنفيذ الشهيد عمليته والجرأة التي تميز بها.
وعمل قسم الترجمة والرصد في “المركز الفلسطيني للإعلام” على متابعة أبرز ردود الفعل على عملية الشهيد مصباح أبو صبيح.
من أجل الأقصى
صحيقة “هآرتس” العبرية، نشرت تقريراً الاثنين، حول عملية أبو صبيح في القدس، قالت فيه: “عملية القدس لها علاقة بموقف الفلسطينيين مما يحدث في الأقصى، ومن خوف سكان المدينة من ثنيهم عن دخولها… هذا ما دل عليه اختيار أبو صبيح لمكان تنفيذ العملية، وهو مكان مركزي ووقع فيه عدد من القتلى، كما أن السلاح المستخدم في العملية أظهر فضل استخدام السلاح الناري على السكين، ونجاح العملية والوضع الذي يمثله المنفذ؛ من المتوقع أن يؤدي لمحاولات تقليد في الفترة القريبة القادمة”.
وأضافت الصحيفة، “منفذ عملية القدس هو ناشط مقدسي حمساوي ومن المرابطين المدافعين عن الأقصى، يسكن سلوان وقد نفذ العملية قبل تسليمه نفسه ليتم حبسه، فيما ضجت صفحته الشخصية بالمنشورات التحريضية على إسرائيل”.
أما عن تفاصيل تنفيذ العملية، فقد أوردت القناة الثانية: أن “منفذ العملية أطلق النار على موقف انتظار لركاب القطار الخفيف وقتل مستوطنة، ومن ثم أكمل مسيره، وبطريقه أطلق النار نحو سيارة، وأصاب من بداخلها بجروح متوسطة، وبعدها توجه نحو مركز الشرطة وأطلق النار على جنديين وقتل أحدهم، وبعد أن أطلقوا النار نحوه واقتربوا من سيارته، ظانين أنه قتل، قام بتجديد إطلاق النار وأصاب جنديا آخر”.
منفذ مُتَمكن
ونقلت إذاعة الجيش تقديرات لمخابرات الاحتلال بخضوع “أبو صبيح” لتدريبات خاصة لاستخدام السلاح، بناء على شهادات لبعض الجنود، “بأن طريقة إطلاقه للنار كانت مركزة وليست عشوائية، وكان يطلق النار وهو يتحرك بشكل متواصل وثابت، ما يشير إلى تلقيه تدريبات مسبقة على استخدام السلاح”.
خبير عسكري، أكد للإذاعة العبرية أن العملية نُفذت بمربع أمني حساس وبحراسة مشددة، وعلى الرغم من ذلك استطاع المنفذ الدخول لأصعب المناطق وتنفيذ اشتباك مع جنود الاحتلال، “وتشكل هذه العملية في حي الشيخ جراح ضربة قوية للأجهزة الأمنية والاستخباراتية الإسرائيلية وفشل ذريع لقيادة الاحتلال”، كما قال.
من جهته، يقول المحلل العسكري في القناة العاشرة “الإسرائيلية”، ألون بن دافيد، “العملية تميزت في شيئين اثنين، أولهما المنفذ نفسه، والذي استطاع خداع الأجهزة الأمنية بإيهامهم بنيته تسليم نفسه لها، والثانية طريقة التنفيذ، والتي تمت بصورة سريعة ملفتة، وبواسطة سلاح أوتوماتيكي حصل عليه المنفذ من داخل إسرائيل”.
العملية المفضلة
المحلل العسكري لصحيفة هآرتس العبرية “عاموس هارئيل” قال: إن “عمليات المقاومة الفردية التي ينفذها الفلسطينيون بدأت بقوة قبل حوالي العام، وهي مستمرة أيضاً في فترة الأعياد اليهودية في العام الحالي”.
وتوقع “هارئيل” حدوث عمليات مشابهة لعملية القدس، قائلا: “بفضل الاحترام الذي حظي به منفذ العملية، فإن مثل هذه العملية مفضلة أكثر لدى المنفذين، فعمليات الطعن والدهس يكون عدد المصابين فيها قليل”.
ويرى المحلل العسكري “الإسرائيلي” لهآرتس أن التنسيق الأمني، كان له دور في الحد من موجة العمليات السابقة، إلا أن تراجع قوة الرئيس أبو مازن ستدفع باتجاه موجة عمليات جديدة، وهذه المرّة سيكون من الصعب وقفها.
في حين أشار المحلل الأمني في القناة الثانية “الإسرائيلية” إنه: “في ظل التأييد منقطع النظير للعمليات الفلسطينية والانتفاضة الحالية بات من الصعب على المخابرات “الإسرائيلية” التمييز بين من يكتفي بتأييد العمليات ومن ينوي تنفيذها، وهي معادلة لا بد أن تحدث العشرات من العمليات القاتلة كعملية أبو صبيح قبل أن تتمكن أجهزة الأمن من حلها”.
آفي يسخاروف، المختص في الشؤون العربية في موقع واللا العبري قال: “لا فتية بسكاكين بعد اليوم، وعملية القدس ستعيد البنادق للفلسطينيين”.
وركز “آفي” في حديثه على كيفية وصول بندقية (الـM16) من جيش الاحتلال الإسرائيلي ليد منفذ العملية، وهل وصلته مباشرة من أحد جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي؟، أم عن طريق جماعات العالم السفلي وتجار السلاح الإسرائيليين؟.
تميز شباب القدس
محلل الشؤون الصهيونية في “المركز الفلسطيني للإعلام” عقب قائلا: “العملية أثبتت بوجه قاطع أن القدس لن تكون آمنة للصهاينة، ولن تنعم الحكومة اليمينية المتطرفة بإقامة أي مشروع في القدس يستهدف المقدسات أو إقصاء أهل القدس عن أرضهم، فيما نجحت العملية كما سابقاتها بإسقاط النظرية الأمنية التي طالما تبجح فيها الصهاينة وخاصة في القدس”.
وأشار المحلل إلى أن أهل القدس بالذات تميزوا دوما بالعمليات النوعية ضد الاحتلال على مر الانتفاضات السابقة، وباتوا يؤكدون يوما بعد يوم أن حملة الإفساد والإغراء التي يقوم بها الاحتلال بحقهم لا تزيدهم إلا تشبثا بقدسهم وتميزا بردهم على هذه الحملات.
وأضاف المحلل أن العملية جاءت لتؤكد أن انتفاضة القدس ما زالت باقية ومستمرة، وستنقل الانتفاضة نقلة نوعية من شأنها أن تعزز دور العمليات المسلحة الضاربة في عمق الكيان، وتلحق أكبر الخسائر وتزعزع أمن الكيان.