عرعور قرطبا
صحيفة الأخبار اللبنانية –
وفيق قانصوه :
لا يحب فارس سعيد المزاح. هو يتسلّى، ويحاول أن يسلّينا، بأمانته العامة وبياناتها المملّة. ولكن، عندما يجدّ الجدّ، يسرج الفارس السيادي خيله ويلجمها ويتهيأ للقتال… ويا ويل سكان «المستوطنات» المجاورة لقرطبا إذا نفد صبره. يطير من الأشرفية الى قرطبا. يلبس لامة الحرب، ومن ورائه فرسان طاولته المستديرة، ويدق الطبول: «حزب الله يتحدّى الموارنة»، ويقيم «مربّعات أمنية في العمق المسيحي الذي يُفترض أن يكون آمناً ومحصّناً من هكذا اختراق»، و«إذا سكتنا لن يتردّدوا في اقتحام بيوتنا».
دعك من تنظير «صاحب الأمانة العامة» للبنان التنوع والعيش المشترك والديمقراطية والحرية والسيادة الاستقلال. ودعك من حرية الشعب السوري وشعارات الربيع العربي. هذه كلها لزوم البيانات. عند «الحزّات» تصبح لاسا ميدان كل الثورات وقرطبا أم الدنيا.
رهاب حزب الله ــــ ميشال عون يسكن الرجل بكل جوارحه. لن ينسى، أبد الدهر، «ملكه» المضاع في مقعد جبيل النيابي. ودعك من قوله: خذوا نواب جبيل ولنا كرامتها وفخرها. فهو لن يغفر للحزب وعون، أبداً، إفقاده كرسياً كان قد ورثه أمّاً عن أب، وعرف كيف يحافظ عليه في ظل الوصاية، قبل أن يخسره في أول فرصة أتيحت لناخبي منطقته بأن يعبّروا فيها عن رأيهم بحرية. وهو، لكي يستعيد «كرسي آل سعيد»، لن يتوانى عن إشعال البلد من أجل إعادة النور الى بيت العائلة العريقة، ولن يتردّد في التهديد، كما في تشرين الثاني الماضي إثر إشكال فردي مشابه لما حدث قبل يومين، بالقول: «منطقة قرطبا بتجرح»… حتى من دون أن يكون في يد ابنها البارّ سلاح!
الفارس، لغةً، هو راكب الجواد، والمتفرِّس هو الخبير في الأمور. ولكن قاتل الله النيابة إذ تجرد اللاهثين خلفها من المعاني النبيلة لأسمائهم، وتحوّلهم، بين ليلة وضحاها، من نواب تحت الوصاية إلى صقور سياديّة. وتجعل أحدهم لا يتوانى عن خلع «مريول» الطبيب الأبيض ليستبدل به «جبّة» عمر بكري فستق وعدنان العرعور.