عدوان بلباس رسمي
صحيفة الوطن العمانية ـ
زهير ماجد:
هي أقل من حرب، بل عدوان مؤسس لحرب قد تتطور بناء على قواعد اللعب فيها .. لكنها مازالت كما تكررت: قصف مدفعي وطيراني إسرائيلي، ورد بالصواريخ والمدافع. هي إذن حرب لم تلبس الكاكي بعد، بمعنى أنها لم تنحدر الى البر لتكون جهنمية النتائج، وانما هي تبحث عن اهدافها السياسية اكثر مما تفتش عن نتائجها العسكرية التي يعرفها قادة اسرائيل كما يعرفها الغزاويون.
أول ما يبحث عنه الإسرائيلي رد الفعل المصري في العهد الجديد .. هل يكون الرئيس عبد الفتاح السيسي مختلفا عما سبق، وماذا لو تم فتح معبر رفح على مصراعيه والقول للغزاويين خذوا ماشئتم من السلاح، ثم يتحول بعدها الإعلام المصري المسموع والمرئي إلى إعلام حرب كما كان إبان حكم عبد الناصر.
وثاني ما بحث عنه الاسرائيلي، رد فعل السلطة في رام الله، مع انه يعرف تماما مدى التزام محمود عباس بما أقر منذ وفاة ياسر عرفات والى يوم تنتهي فيه صورة المرحلة الحالية من وجوه السلطة. فهل يكافيء الإسرائيلي عباس بتنازل ما، أم أنه يعتبر موقفه ضرورة وعليه ان يلتزم به في كل الحالات وبدون ثمن ومقابل.
وثالث ما بحث عنه كان الموقف في الجبهة الشمالية. فقد استنفر الإسرائيلي قواته على حدوده مع لبنان إلى الحد الذي سير فيها دوريات مؤللة كانت واضحة المعالم وبشكل مكثف بل انه تدخل احيانا عبر الحدود في أراض لبنانية في محاولة لكشف المستور منها .. قيل إن لديه معلومات عن امكانية مشاركة حزب الله إن تطورت الأمور العسكرية ووصلت الى حد غير مقبول على الاطلاق. بل انه قيل ان ردا سوريا كان سيتحقق ايضا لو زادت اسرائيل الدوز فيها وادخلت قواتها البرية، وبعض ما سمعنا انه لم يعد مهما ما قد تهدمه اسرائيل في المدن السورية الرئيسية طالما ان الرئيسي منها اصابه الهدم ومازال.
وما اكتشفناه نحن ان العرب ليسوا في سبات بل أموات عند ربهم لايرزقون من كثرة فساد أكثرهم، فهم لم يحركوا ساكنا ولم يخرجوا الى التظاهر ولم يعبروا عن قرفهم من وحشية اسرائيل .. بل زاد من ايماننا بان جميع القوى الارهابية في المنطقة من” داعش ” الى النصرة ” الى بقية الفصائل المسلحة تم تركيبها في اسرائيل لأنها جميعا صمتت ولم تحرك ساكنا، بل ان زعيم ” داعش ” اطلق صيحته الجديدة ليس للتضامن مع غزة وانما دفاع عن الاسلامويين الموجودين في سجون بعض العرب وبالذات في لبنان.
قدمت غزة دورة من الرد العسكري المنظم والدقيق، لكنها كالعادة ظلت وحدها، أسيرة حرمانها من اي عربي يمد يده لمساعدتها او يمسح دم جرحاها. وحدها كالعادة رفعت رأسها رغم وضع الحصار الذي يلفها، فيما بقية العرب أسلموا أيديهم للريح بدل ان تكون من أجل شقيق عربي موهوب بحب الحياة من اجل بلاده فلسطين.
حتى كتابة هذه السطور مازال العدوان قائما، لم يتحول بعد الى حرب مفتوحة رغم التهديد الاسرائيلي بها، بل توسيع الكلام الى القول بأنه لو وصلنا الى احتلال غزة فسنفعل. كلام في الهواء لفاشلين سلفا، هكذا نعرفهم، وهكذا نعرف ما الذي فعلوه يوم انسحبوا منها وكم تمنى اسحق رابين لو يبتلعها البحر كتعبير عن عجز اسرائيلي في القيام بالمهمة بدل الطبيعة.