عبد الملك الحوثي يهزّ عرش المملكة!
موقع قناة المنار ـ
أمين أبوراشد:
بعد إعلان مساعد وزير الخارجية الإيرانية حسين أمير عبد اللهيان صباح الإثنين 20 نيسان/ إبريل الجاري، عن إحتمال انتهاء ما تُسمَّى “عاصفة الحزم” خلال ساعات، عندما تزامن مع الأمر الملكي السعودي بإشراك الحرس الوطني في العمليات العسكرية، حصل إرباكٌ لدى المراقبين والمُحلِّلين السياسيين لبعض الوقت، ثم تبيَّنت صحَّة ما أدلى به عبد اللهيان “أن الجمهورية الإسلامية تملك سياسات تُلزِم أطراف العدوان بإيقافه”.
وأعلنت الرياض فعلاً بعد ظهر اليوم نفسه إنتهاء “عاصفة الحزم” وبدء “إعادة الأمل” لليمنيين، في ما بدا وكأنه نجاح ديبلوماسيٌ إيراني في الضغط لوقف العدوان، وبات دور الحرس الوطني السعودي دعم الألوية البرِّية تحسُّباً لردود فعلٍ إنتقامية متوقَّعة من الداخل اليمني على الحدود مع المملكة، وما استمرار الطلعات الجوية السعودية وقصف تجمُّعات الحوثيين والجيش، رغم الإعلان عن إنحسار العاصفة، سوى حفظ ماء الوجه لعاصفة رملية لم “تبيِّض” الوجه السعودي لأنها لم تحقِّق أيّاً من الأهداف المُعلنة، وكل ما أنجزته هو تدمير البنى التحتية وقتل وجرح وتشريد الأبرياء، والتسبُّب بأزمة إجتماعية إقتصادية معيشية لن تكون المملكة بمنأى عن تداعياتها على حدودها، خاصة أن الثورة في قلوب اليمنيين على العدوان سوف تتفاقم نتيجة تشديد الطوق السعودي لمنع وصول المساعدات من إيران وسواها من البلدان والمنظمات الإنسانية الى مئات آلاف العائلات اليمنية المشرَّدة، إضافة الى منع إخلاء الجرحى من ذوي الإصابات البالغة لمعالجتهم خارج اليمن.
ومع فشل السعودية وحلفائها في تحقيق أيٍّ من الأهداف التي وضعتها الرياض في حربها على اليمن، في محاولة فرض تغيير جيو- سياسي في هذا البلد الذي أنهكته الصراعات، بُغية إثبات الوجود السعودي بعد مسلسل الخيبات في سوريا والعراق، تماماً كما الفشل في المبادرة السياسية الفوقية التي حاولت السعودية فرضها على اليمنيين، فإن الحوثيين بقيادة الثائر عبد الملك الحوثي الذين التزموا بمخرجات الحوار السابقة ويُطالبون باستكمال هذا الحوار من حيث توقَّف بين اليمنيين ودون شروط مُسبقة عليهم من الخارج، قد حقَّقوا الإنتصار السياسي على العرش السعودي بعد الصمود العسكري، ورغم تدمير محافظة صعدة التي هي المعقل الرئيسي لهم وتهجير 400 ألف من سكانها، فإن كل محافظات اليمن التي يتواجد فيها الحوثيون باتت معاقل رئيسية لهم ونقاط قوَّة في أية مفاوضات قادمة بفضل تضامن القبائل اليمنية معهم في مواجهة العدوان.
وفي إطار الحوار الذي كان قائماً بين كافة المكوِّنات اليمنية، صرّح المبعوث الأممي السابق الى اليمن جمال بن عمر لإذاعة بي بي سي ليلة أمس قائلاً: “كان الحوار جارياً على قدم وساق بين اليمنيين وكادوا يتوصَّلون الى شبه توافق يُرضي الجميع، وجاءت عاصفة الحزم وازداد العنف وتوقَّفت المحادثات، لكني أؤكد، أن لا حلّ في اليمن إلّا بحوار يمني يمني”.
أما من جهة إيران فهي ليست – أقلَّه في الوقت الحاضر- مُلزمة بأكثر من الضغط السياسي والديبلوماسي، لأن موازين القوى على الأرض هي لمصلحة الشعب اليمني وفي مقدِّمته الحوثيون والجيش، والعدوان البرِّي مُستبعدٌ من البداية ولو كان محدوداً، لأنه سيُغرق السعوديين ليس في مستنقع الهزيمة فحسب بل سوف يرتدّ على الداخل السعودي ويلامس صراع الأجنحة القائم بين أفراد العائلة المالكة، خاصة أن لا توافق بينهم من البداية على جدوى “عاصفة الحزم”، سيما وأن ثلث الجيش السعودي هو من اليمنيين وهناك أكثر من مليون يمني يُقيمون ويعملون في السعودية.
وإذا كانت السعودية ستحاول تحت ستار “إعادة الأمل” تعويض ما خسرته في “عاصفة الحزم”، فإن كافة الطروحات السعودية والأممية المطروحة هي مرفوضة من الشعب اليمني قبل العدوان فكيف بالحري بعده؟ ولا بقعة في اليمن فيها مربض طائرة يستقبل عبد ربّه منصور هادي الذي غيَّر وجهة حلم عودته الى البلاد من عدن الى حضرموت، وهو يُدرك أنه رئيسٌ مستقيل بنظر غالبية اليمنيين وليست لديه حيثية وكاريزما القائد إضافة إلى أنه بات رمزاً لعميلٍ استحضر العدوان على بلاده.
وبصرف النظر عن المعارك الداخلية التي قد تستمر طويلاً بين الحوثيين والجيش اليمني والقبائل، في مواجهة القاعدة والتظيمات الإرهابية الرديفة في محافظات أبين وحضرموت وشبوة، فإن صبر إيران ودول الجوار من التدخُّل السعودي قد ينفد في حال استمر العدوان الجوِّي ولو بوتيرة خفيفة، وإذا ما استمرَّ الحصار البحري تحت ذريعة عدم وصول أسلحة للحوثيين، لأن التوتير السعودي في المنطقة له حدود ستقف المملكة عندها وتحديداً عند ضفاف باب المندب، والمصالح الدولية والإقليمية وخاصة الخليجية بممرات آمنة للنفط لن تسمح باستمرار “عراضة الجنادرية” السعودية الى ما لا نهاية، وسوف تُسحب سيوف العراضة عن اليمن لأن الشعب اليمني قد انتصر على عرش الطغيان الوهَّابي، وعبد الملك الحوثي ومعه الجيش وخلفه الشعب اليمني بغالبية عشائره استطاع ردَّ “العاصفة” الخائبة، وسيكون على رأس الطاولة في أي حوارٍ قادم بصفته المحاور الأقوى شعبياً، واليمني الأقوى وطنياً وأثبت قولاً وفعلاً أنه يستطيع إذا استمرَّ التطاول على بلاده أن يهزّ عرش المملكة…