عباس خامه يار: ماذا يعني وجود الكيان الصهيوني في المنطقة بعد مائة عام على وعد بالفور ؟
اكد الباحث الايراني عباس خامه يار ان الغرب يسعى الى تنفيذ المرحلة الثانية من معاهدة سايكس بيكو لتفتيت وتقويض البنى التحتیة لکل القوی والدول الاقليمية من خلال تقسيم هذه الدول وتازيم الاوضاع في المنطقة.
في كلمة القاها الباحث والمفكر الإيراني عباس خامه يار في “منتدى الجزيرة” الحادي عشر في الدوحة، تحت عنوان “أزمة الدولة ومستقبل النظام الإقليمي في الشرق الأوسط” ، تحدث عن ضرورة التقارب بين العرب والإيرانيين مشيرا الى مؤامرات الغرب والصهاينة لتشتيت وتدمير العالم العربي والإسلامي الذي بدأت منذ قرن في عام 1916 في اتفاقية سايكس بيكو حيث أدى إلى تكوين الكيان الصهيوني في قلب منطقة شرق الاوسط ، داعيا الى قيام بحوار عربي – إيراني مثمر للوصول إلى الوحدة الإسلامية التي يخشاها الغرب والكيان الصهيوني.
وفيما يلي نص الكلمة التي القاها خامه يار:
أولا : ” إن الاشکالیة الاساسية بین الایرانيين وبعض العرب وليس كُلّهم ، إنما تكمن في سوء الفهم وماهیة “الوجود الاسرائیلي” في المنطقة.. وبإعتقادي فإن الفهم الدقیق لهذا الوجود سوف یساهم في الوصول الى رؤية أفضل لبناء تعاون بنّاء في دعم القضية الفلسطينية.
ثانياً: بعد مائة عام على وعد بالفور ؛ ماذا يعني وجود الكيان الصهيوني في المنطقة ؟
إن هذا السؤال هو في غاية الاهمية وذو مغزی کبیر ، خاصةً مع مرور مائة عام علی اتفاقية سایکس بیکو ، تلك الاتفاقية التي أدت منذ العام ١٩١٦ الى تجزئة العالم العربي على أساس حدود وهمية وملغومة ترسخ التفكك والتشرذم والتبعيَّة وتقوض فرص التماسك والتوحد والعمل العربي المشترك .. وهذا ما نشهده في التوترات والازمات التي مرت بها المنطقة العربية طوال السنين التي اعقبت خطة التقسيم المشؤومة ..
واذا ما نظرنا الى ما آل اليه العالم العربي من ويلات التفكك والاحتقان منذ الميلاد المشؤوم لسايكس بيكو وما انطوت على هذه المعاهدة الاستعمارية من تداعيات وابرزها تنفيذ المخطط الغربي الصليبي الاجرامي لايجاد الكيان الصهيوني الشرير تحت عنوان وطن قومي لليهود في قلب العالم الإسلامي ، سندرك ان النخب التي سبقتنا كانت على حق وصوابية في تقديرها واستشرافها الدقيق لاخطار هذه المعاهدة التی کان وعد بلفور ثمرتها الاولى.
ثالثاً : إن ما تشهده منطقتنا الاسلامية وخاصة العربية في وقتها الحاضر من دوامة الاحداث والتطورات الخطيرة انما هي من نتاج امتدادات المرحلة الاولى من معاهدة سايكس بيكو، ودخولها الى مرحلتها الثانية المتمثلة بالتقسیم الثاني او سایکس بیکو رقم 2 والتي تقوم على اساس تفتيت وتقويض البنى التحتیة لکل القوی والدول التي قد تتحول في قادم الزمان الى تهدید للامن الاسرائیلي ولحدود دويلة هذا الکیان الغاصب، ليعیش بأمان ، ويواصل – بطُرُق وأساليب جديدة – تنفيذ مشروعه وحلمه الاستراتيجي في قيام نفوذ إسرائيل :” من النيل الى الفرات “.
ويمكننا القول : إن اهم سمات وتوجهات المرحلة الثانية من معاهدة سايكس بيكو تتمثل في المخاطر التالية :
الف- تقسيم ليبيا إلى ثلاث دول على أساس أقاليمها الثلاثة القديمة: طرابلس في الغرب، وبرقة في الشرق، وفزان في الجنوب.
ب- تقسيم السودان إلى خمس دويلات ورسم خريطة جديدة للدولة السودانية بعد ان اصبح هذا البلد اول الضحايا لهذا المخطط بعد ان تم قضم شطره الجنوبي ..
ج – تقسيم العراق وسوریا ، وهذا لا يحتاج الى دليل ، فها هم ساسة الكيان الاسرائيلي يدعون جهارا الى رسم حدود جديدة لهذين البلدين ،ووضع خطوط فاصلة بين مناطق القوميات التي عاشت فيهما على مر التاريخ في وئام وسلام.
د- محاولة تفتيت مصر ، إنطلاقا من العزف على وتر الفتنة الطائفية ، وهو مخطط خطير يهدف لاحقا الى تقسيم مصر وکذلك باقي دول العالم العربي الى دويلات صغيرة..
ه – تأزيم الاوضاع في تركيا ، اذ انه ورغم ان تركيا هي عضو في حلف الناتو لأكثر من اربعة وستين عاماً ، فهي مستهدفة أيضا كما شهدنا في الانقلاب الاميريكي الفاشل فيها قبل أشهر .
رابعاً : إن هذا المخطط الاستعماري البغيض لايستهدف الاراضي الاسلامية والعربية فحسب وانما يوجه رأس حربته الى حضاراتِ وثقافاتِ شعوب ودولِ هذه المنطقة التي قدمت مساهمات غير عادية لحضارة العالم.
ومن هنا نرى ان تدمير المواقع الاثرية والحضارية في منطقتنا هو في مقدمة اهداف الحروب والفتن المشتعلة في هذه المنطقة، فليس من قبيل الصدفة ان يتم تدمير المواقع الاثرية والحضارية في سوريا والعراق وفي دول اخرى وتنهب متاحفها، فی حین تبقى ابنية الوزارات والمؤسسات المالية مصونة من هذه الحملات والغزو الممنهج المدعوم سياسيا ولوجستيا ومالیا واعلامیا من قبل الدوائر الغربية والصهيونية .
وهل ما حدث و ما کاد یحدث في القاهرة قبیل انتصار الربیع العربي من هجوم علی المتاحف (لولا یقظة الثوریین والشباب …).
وما حدث بعد ذلك في العراق من تدمیر مدن اثریة بکاملها وفي سوريا (تدمر وادلب و… ) وهدم 60 بالمائة منها فی مشهد من دمار لایقل ضراوة عن الجرائم التي ارتكبها الكيان الصهيوني علی مدی سبعین عاما من الاحتلال وتهويد القدس والاراضی المحتلة .. هو كله من باب الصدفة ؟؟!!
اجل ، هناك “ابادة حضاریة” بکل ما تحمله الکلمة من معان ومغاز تطال الجغرافیا العربیة برمتها..
خامساً: بعد مرور قرن علی سایکس بیکو و وعد بالفور، ومرور سبعین عاما علی زرع اسرائیل ، وفي ظل المشهد المزري والالیم لاوضاع المنطقة نتحسس الیوم اكثر من اي وقت مضى ان خطة صناع سايكس بيكو ترتكز بشكل اساس على قاعدة تثبیت “الوجود الاسرائیلی” في المنطقة واعادة انتشاره بعد الهزائم التاريخية النكراء التي مني به علی ید المقاومة اللبنانیة الباسلة في حرب تموز المجیدة عام ٢٠٠٦ وقبلها في تحرير الجنوب اللبناني عام ٢٠٠٠ وعلى يد القوى الفلسطينية المقاومة في غزة وداخل الاراضي الفلسطينية المحتلة في عامي ٢٠١٢ و٢٠١٤ ،حیث انکمش النظام الصهيوني مذعورا في داخل اربعة جدران في القدس الغربية المحتلة بعد ان كان يتبجح بشعاره المتحدي لكل العرب والمسلمين : ” من النيل الى الفرات”.
سادساً: رغم ما يعانيه الْيَوْمَ، الكيانُ الصهيوني الغاصب، من أزمات وظروف قاتمة في الداخل نتیجة تآكل دویلته القومیة وانقسام تیاره الدیني الى تیار صهیوني(الحردیم) و تیار غیر صهیوني(الارثدوکس) لکن للاسف یجری العمل على قدم وساق لبعث الروح في هذا الجسد الخبيث وهذا النتاج غير المبارك للقوى الاستعمارية والامبريالية، من أجل أن يستعيد دوره الوظيفي لصالح قوی الهیمنة الغربیة.
وللاسف الشديد نرى اليوم ان هناك قوى اقليمية تسعى لالقاء طوق النجاة لهذا الكيان بعد فشله في تحقیق اهدافه في حرب تموز في لبنان عام ٢٠٠٦ ، وبعد تحطم اسطورته بانه ” قوة لاتقهر”.
ويأتي ذلك فيما هنالك تردد غربي حول استمرار دعم ذلك الكيان باعتباره بات يشكل عبئا على صانعیه وداعمیه .
كما انه يأتي في ظل التحول الطارئ في قناعات الرأي العام الغربي التي باتت تستثقل فكرة الاستمرار في دعم هذا الكيان، وفي ضوء کسر طوق الاحتکارات الاعلامية الصهیونية بشكل غير مسبوق فی عصر الانفتاح المعلوماتي و ظهور شبكات التواصل الاجتماعي و وجود عشرات المنظمات المدنیة المعادیة لاسرائیل وتحول النخب الغربیة نسبیا وتأثيرها علی البیئة الاجتماعیة الغربیة التي باتت اليوم تشهد اعتراضات وتظاهرات کبیرة ومعادیة لاسرائیل لم نعهدها من ذي قبل.
وللأسف لم یکن التزامنا كعرب ومسلمين باستحقاقات هذه المرحلة متكافئا مع حجم المعطيات على الساحة، واستطاع الكيان الاسرائيلي بالاستفادة من الوضع الاقليمي المتردي ومن حالة الاحتقان والنزاع والتطاحن ، ان يوظف هذه الفجوة لترميم تصدعات وضعه المنهار والمتآكل واعادة تثبيت وتكريس وجوده و هيكلة اهدافه التوسعية في المنطقة.
سابعاً : ربما اکون اکثر قربا منکم انتم العرب ، عندما انطلق من خلال ثقافتکم المحترمة ، واستند الی رموزکم بالحدیث عن الاسباب الرئیسیة لهذا “الوجود غير الشرعي للكيان الصهيوني ” .
نعم انطلق من خلال رؤی المفكر الکبیر المناهض للاستعمار مالك بن نبي والذي قام بتأليف كتابه قبل ستين عاما – تم اصداره بتأخير لحوالي نصف قرن- وتناول فیه “المسئلة الیهودیة” واخطار ومخططات الاستعمار. يقول هذا المفکر الاسلامي والعربي الکبیر: ان اسرائیل تمثل الخط الامامي للاستعمار الغربي في العالم الاسلامي ..
وحسب هذه الرؤیة ، من السذاجة النظر الی “الوجود الاسرائيلي ” على انه شكل من اشكال الاحتلال ، بل انه استعمار بامتیاز ؛ فان مقولة “من النیل الی الفرات” مشروع استعماري متکامل ومتواصل بإمتياز.
وبالتأکید فأن القراءة الاستراتیجیة الایرانیة لقیام اسرائیل واستمرار هذا “الوجود” يقوم علی هذا الفکر وهذه النظریة، ” وهنا يطيب لي أن أعيد الى الاذهان المفاهیم الایدیولوجیة التي طرحها الامام الخمیني الراحل علی مدی خمسين عاما من نضاله في هذا الاتجاه والذي اعتبر “اسرائیل غدة سرطانیة في جسد الامة الاسلامية “.
ثامناً : إن القراءة الإيرانية تستشرف بأن للوجود الاسرائیلي استراتیجیات وطموحات ومخططات اعمق بکثیر مما یتصوره بعض اخواننا العرب واکثرهم الرسمیون! ،
هذا البعض یرکز علی الواقع الاسرائیلي ویکتفي بالقول بان المشروع الاسرائیلي مشروع احتلالی للاراضي العربیة او لجزء منها، بینما القراءة الایرانیة تنظر الی الموضوع من الناحیة الوجودیة ، اي بأنه تهدید للوجود الاسلامي ولیس استهدافاً لمنطقة او ارض عربیةً فقط ، وبصرف النظر عن شكلها ، نعم إنه وجود استعماري ، استکباري، امبریالي غربي في عمق وقلب العالم العربي. والفارق بین القرائتین کبیر.
ومن هنا فأن کل المواقف الإيرانية وعلى رأسها موقف قائد الثورة الاسلامية آية الله السيد علي خامنئي ، هي مواقف تؤكد ان الكيان الصهيوني هو العامل الاساس في تفجیر الصراعات وتهدید استقرار المنطقة.
وللوقوف أكثر على تلك المواقف يمكن مراجعة كتاب اسمه ” فلسطين في مواقف آية الله العظمى الامام الخامنئي ” صدر منذ سنوات بعدة لغات بينها العربية والانكليزية .
وبمعنی آخر وحسب الرؤیة الایرانیة فأن استمرار وجود اسرائیل ، یعنی استمرار وجود الاستعمار والهیمنة الغربیة علی الانسان والعقل العربی والاسلامی.
إن الثورة الاسلامیة في ايران قامت اصلاً علی مواجهة الاستعمار والتوسع الاستعماري الاسرائیلي وإن احد اکبر انجازاتها هو الحیلولة دون “تثبیت اسرائیل ” وجودها رسمیا فی فلسطین و المنطقه .و اعادت ایران الكيان الصهيوني من خلال دعم المقاومات ضده الی المربع الاول ککیان یحاول کسب شرعيته. بعد ان تصور انه من خلال کمب دیفید قد کرس وجوده بلا رجعة في فلسطین.
تاسعاً : إن عملية عرقلة المشروع الاسرائیلی في المنطقة تعتبرها طهران اعاقة لمشروع الهیمنة الاستعماریة الشاملة وتحجیما لمواصلة احتلال الاراضی العربیة وهذه رؤیة استراتیجیة قد لایتبناها النظام الرسمی العربي في مواجهة اسرائیل في کثیر من الاحیان ، فیتم إساءة فهم الرؤية الایرانیة الى درجة كبيرة ، تصل بالبعض الى إعتبار هذه الرؤية تهدیدا لبعض العرب.
عاشراً : إنني و من هنا وعبر منصة هذا الاجتماع المبارك ادعو لنتقارب فیما بیننا – کأیرانیین وعرب – في فهمنا لحقیقة وجوهر الوجود الاسرائیلی لتتبلور مبادرة فکریة حواریة ایرانیة – عربیة تستهدف المقاربة في الفهم وتعرية واقع العدو واحتواء الازمة بین بلداننا .
اجل ، ان الحوار الاستراتیجی یدخلنا في مدار مکاشفة وعملیة جراحیة تبين لنا بأن اسرائیل هی العامل الاساس لهذه الازمات التي تعصف بمنطقتنا
وأؤكد لكم أن الإيرانيين لایعتبرون ای دولة عربیة عدوا لهم.
قد یصدر من البعض من المسؤولين العرب مواقف معادية کما وقف هذا البعض وراء الحرب المفروضة ضد ايران من قبل النظام البائد بکل ما ملك من قوة – لکن ستظل اسرائیل العدو الاول .
حادي عشر : إن الدق على الوتر الطائفي والتوغل في المشروع الصهيوني الى هذا الحد من قبل البعض هو امر مرعب ومخيف ! واستبدال الخلافات السياسية بخلافات مذهبية بهذا الشكل، هو أمرٌ مقيت للغاية !
وهنا نسأل أين يذهب هؤلاء دعاة الفتنة الطائفية ؟؟ !!
إنني اقولها بصوت عال بأن الهم الاول والاخير للجمهورية الاسلامية هو مكافحة التمييز الشيعي- السني ، والوقوف في وجه محاولة وضع السنٌة والشيعة على طرفي النقيض!
وهنا أسترعي إنتباهكم أيها الاخوة والاخوات الى جملة نقاط :
النقطة الاولى – أن ما يهم القيادة الایرانیة لیست القومیة العربیة، القومیة العربیة لم ولن تمثل تهدیداً للایرانیین.
ان القومیة العربیة بدون وجود مرجعية إسلامية، تعتبر – حسب الرؤية الايرانية – تهديداً للعرب انفسهم، فلایمکن التصدي الجاد والحاسم للمشاریع التآمریة الا عبر التمسك بمرجعیة اسلامیة تفوق في عقلانیتها و قدراتها و في انسجامها کل المشاریع الاخری وهذا ما نقوله بصراحة…
النقطة الثانية : بشأن الفراغ الاستراتیجي والرؤيوي للمنطقة:
صحیح ان الطرف الایراني یتبنى مشروعا یعبر الجغرافیا الایرانیة ويصل الى البعد الاقليمي لكنه لايستهدف الوجود العربي كما يحلو للبعض قوله . انه مشروع في وجه التهدید الصهيوني الذي یستهدف المنطقة برمتها ایرانیین وعرباً وغیرهم من القومیات والاديان والمذاهب التي تتعايش بوئام وسلام في هذه المنطقة منذ ازمنة بعيدة ..
النقطة الثالثة : إن الفجوات الاجتماعية التي تفاقمت في إسرائيل وانعدام القدرة على ردع تيار المقاومة في لبنان وفلسطين، دفع بالكيان الصهيوني للبحث المستمیت عن حلول أمنية جديدة للحفاظ على أمنه؛ حیث تشعر إسرائيل أن دخول المقاومة الإسلامية الحلیفة لإيران إلى الساحة قد وضعها امام ارباك كبير وفي ورطة كبيرة؛ فلم تعد قدرة الردع التي تعتمد على التفوق العسكري على المقاومة صامدة أمام إيمان المقاومة واستقامتها، لذلك عملت بكل جهدها لخلط الاوراق وبعثرة الامن لتنعم هي بنعيمه ..
والاقلیم برمته الان تحت الهیمنة الامیرکیة والصهیونیة والوجود الاسرائیلي يعتبر التهدید الدائم للعرب و للجمهوریة الاسلامیة.. فکیف یطلب من طهران ان تتقوقع في داخل محيطها ويسلب منها حق الدفاع عن کیانها؟!
اتصور ان من حق الجمیع بما فیهم ایران ان یملك رؤیة دفاعیة ورادعة في ظل التحولات الکبری في المنطقة ، ومن حق العراق ایضا ان یشعر بهذا التهدید ویدافع عن نفسه شأنه شأن سائر الدول والاقطار الاخری..
فعلی کل النخب الثقافیة والسیاسیة ان تدرك هذا التهدید وتسیر في اتجاه التأسيس لمنظومة امنیة دفاعیة مشترکة تقیها شرور هذا الوباء..
ثاني عشر : ايها الحضور الكريم ، لدي أسئلة ارید ان اطرحها علیکم اخوتي واشقائي العرب بصدق وشفافیة وبکل اخلاص هو :
– ماهو مشروعکم القومي والاقلیمي تجاه العدو الصهیوني الذي یعمل لیل نهار ضد مصالحکم القومیة والعربیة وينتهك کل الحرمات والمقدسات و يعتدي على الحجر والبشر وعلى الانسان والشجر ! الا تشاطرونني الرأي بان العزة والکرامة منتهکتان بالوجود والمشروع الاسرائیلي.
– این العدو الصهیوني في القاموس العربي الجدید؟
– این مشروع مفکری الامة العربیة ونخبها امام هذا التهديد الوجودی والتحدي القيمي؟!
– ماهی استراتیجیتکم و مشروعكم التنموي؟
– این الدیمقراطیة في هذا المشروع؟
و اقولها انطلاقا من حرقة واهتمام انسان مخلص ان اخوتنا العرب ربما یواجهون ازمة البدیل الاستراتیجي؟!
هل المشروع التکفیری ! هو البدیل؟!
هذا ما یطبل له البعض !!
ربما یحلو للبعض ان یتراجع عن دعم حزب الله وحماس والجهاد الاسلامي و… فليتراجعوا ولکن ليس من حقهم ان يطلبوا منا التراجع عن مبدء دعم المقاومة..
ففیها عزتنا وکرامتنا .. ومستقبلنا المشرق ..
المقاومة هی ردة الفعل امام الاحتلال والغطرسة والقتل والتشرید والتنکیل بکل ضروبه .. ولیست العلة!
المشکلة هی في “الوجود” غیر المشروع للکیان الصهیوني ولیست في المقاومة !
کثیر من هذه النخب علمتنا مفاهیم الدیمقراطیة وضرورة اصلاح الانسان..
والیوم ماهو مشروع هؤلاء لانقاذ الانسان العربي من براثن هذا العدو واعتداءاته ضد قیمنا وسیادتنا!
بكل حرقة وألم اقولها بصراحة بان تحالیل وکتابات البعض من ابناء منطقتنا لاتستشعر الخطر الاسرائيلي!
وانما بالعکس نری الذین یدّعون الثوریة یمدون الیوم ایديهم الی الصهاینة ویستبدلون العداء ، ویصمتون استجابة للیبرمان بأن العدو، ایران وایران وایران ویتم الحدیث عن تحالف اسرائیلي – سني ومقاتلة الايرانيين !! ..
ان هذه مناقشة ایرانیة صادقة لبعض الاخوة العرب الذین یسیرون في هذا الاتجاه! محاولة البعض لتغییر معادلة الصراع العربي – الصهیونی – بهذا الشکل امر مریب وفي نفس الوقت مخز! والانسان العربي، اعقل مما یتصورون.
في نفس الوقت الذي نؤمن ایمانا راسخاً ولاسباب ليست مجهولة بأن هکذا ائتلاف لم ولن یحصل بتاتاً.. وامل البعض لم ولن يتحقق ابداً بهذه الوسائل .. نأسف لهذه الاشكالية وندعو الى الانتباه الیها.
ربما تسألون عن حلولنا!
الایرانیون أعلنوا بصراحة وبملأ افواههم وعلی لسان قائدهم الامام الخامنئي: إن الحل يكمن في الانتخابات والاصوات الدیمقراطیة الشاملة من خلال صناديق الاقتراع ومن خلال استفتاء شعبي بمشارکة جمیع الفلسطينيين مسلمين ويهودا ومسيحيين .. في الداخل والشتات. وعلی الجمیع الاحتکام الى صندوق الاقتراع وما يفرزه ومهما كان..
هذه المبادرة الایرانیة التي تضمن حقوق جمیع الافراد والاطراف دون اعطاء ای حق حصري للمحتل تتفق مع کل الموازين الانسانية والحريات والديمقراطيات المعترف بها في القانون الدولي وتبقی هي الحل الامثل في ظل هذا التعقید..
ولکن .. اذا اراد العدو الصهيوني ان يتمادى في غيه وطغيانه وعنجهيتيه فالمقامة ستكون البديل .. ليس الا ..
– اما فیما یتعلق بمشروع التسویة:
یری الایرانیون ومعهم الکثیر من العرب بناء على الحقائق والمعطيات الملموسة بأن تسویة القضیة الفلسطینیة لایمکن ان تتحقق من دون اعادة الحق السلیب الی اصحابه..
الارض حق فلسطیني من غیر الممکن التخلي عنه والتفريط به ولابد من صيانة العزة والكرامة الفلسطینية .. من هنا ربما تكون المفاوضات إحدى الخیارات المتاحة للبعض ولکنها بالتأكيد لیست الخیار الوحید والاخیر.. وتجربة السنوات الماضیة خیر دلیل.
الصهاینة لایحترمون اي قرار اممي وای قانون دولي وما زالوا يهتكون الحرمات ویواصلون الخروقات بمواصلة الاستيطان .
مع اننا نری الوجود الاسرائیلي تهدیداً لوجودنا کعرب وایرانیین ومسلمین ومسیحیین، وبغض النظر عن هذا الاختلاف الجوهري بیننا وبین بعض النظام الرسمي العربي، نتساءل .. ماذا بعد؟!
الی متی هذه العراقیل والتعنت والاذلال والقتل والتعذیب والتشرید والتنکیل ؟ واین المشروع العربي البدیل؟
الی متی نبقی ونردد بالمبادرة العربیة المرتقبة..؟ الی یوم القیامة؟ التسویة بهذه الطریقة ، لن ترجع الارض ولا الامن ولن توقف الاستیطان ولن تحمي شجرة الزيتون !
بإمكاننا ان نحلل الظرف الاقلیمي و الدولي ضمن اطارین محددین:
-القبول بالواقع وقبول الوجود الاسرائیلي کإطار للتنظیر وهذا التفکیر لاینتج الا خیارات کحل الدولتین و تجاوز حق العودة والقبول بما تفرضه اسرائیل و ان هکذا حلول اصبحت الیوم منبوذة حتى من قبل العدو نفسه في ظل ادارة ترامب.
-او الثورة علی الواقع وبناء واقع جدید من خلال شحذ کل الامکانات الاقلیمیة والاسلامیة لخدمة القضیة الفلسطينية.
ایران رفضت القبول بالواقع السیاسی منذ انتصار ثورتها عام ١٩٧٩ ولحد الان . و دفعت ضریبة رفضها. ولکن ما ارید قوله هو ان تجاوز الواقع لیس مستحیلا بل ممکن بشرط ان یکون هناك اتفاق اقلیمي – اسلامي یخرج من دائرة التبعیة والوظيفية و التحالف مع الغرب الی دائرة استقلالیة القرار و من دائرة الخوف والرعب من المستقبل الی الثقة بالنفس ومن القبول بالواقع الی خلق الواقع المناسب وهذا لایتم بارادة دولة واحدة فی المنطقة بل یتم بوحدة واجماع دول المنطقة كلها.
الحقیقة هي ان ما یقض مضاجع العدو الصهیوني هو ان تفکر دول المنطقة بعیدا عن الاملاءات الغربیة و تتحد ضده وهذا ما یدفعها لاختلاق الاعذار والتبريرات لشرذمة دول المنطقه ضمن استقطابات حادة ومفخخة وان تجاوز هذه الحالة سوف یتیح امام القضیة الفلسطینیة فرصة اختراق الواقع الحالي وبناء ظروف ومناخات جدیدة تکون اکثر عدلا واقرب الی مصالح دول المنطقة وشعوبها .
أخيرا : إننا نجدد الدعوة لقيام حوار عربي إيراني مثمر وإيجابي ، وندرك أن إسرائيل الغاصبة تعادي وتعطل کل مشروع تقاربي بین الایرانیین والعرب وتعارض اي موقف ایجابي وتصالحي یطلق تجاه بعضنا البعض وتقوم الدنیا عندها ولاتقعد عند وصولنا الی ایة مرحلة من التواصل.