عام على الدخول الروسي إلى #سوريا..ماذا تعلّم #حزب_الله؟
علي شهاب – الميادين نت
لم يكن احتمال تخريب سوريا من الداخل بعيداً عن التهديدات التي يضعها القائد العسكري الأسبق لحزب الله عماد مغنية في الحسبان، عند دراسة السيناريوهات المتعلِّقة بمسار المقاومة.
بعد حرب تموز 2006، تداولت العديد من المراكز البحثية الإسرائيلية تقارير عن تغيير في العقيدة القتالية للجيش السوري بناءً على تجربة “حزب الله”. لطالما كان مغنية في صدارة المتّهمين إسرائيلياً وأميركياً بنقل تجارب الحزب إلى الحلفاء.بعد أشهر قليلة على حرب تموز، شهد سلاح المدرّعات في الجيش السوري تعزيزات نوعية عند الجبهة الشمالية لإسرائيل، وعزّزت البحرية السورية ترسانتها من المنظومات الهجومية، وارتفع مستوى التنسيق مع إيران على صعيد التعاون الصاروخي.
حذّرت تقارير إسرائيلية عدّة في تلك الفترة من تحوّل الجيش السوري إلى الدمج بين العمل النظامي الكلاسيكي للجيوش ونمط حرب العصابات، ووضعت تل أبيب التوجّه السوري النوعي في إطار الاستفادة من دروس حرب تموز 2006.
بالتوازي، أشرف عماد مغنية شخصياً على دراسة أداء المقاومة في حرب تموز ألفين وستة، بناء على طلب الأمين العام السيّد حسن نصر الله، بعد تشكيل لجنة تخصيصة درست كافة جوانب الحرب والأداء العسكري والتنظيمي لوحدات المقاومة بغية استخراج العبر.
أنهت اللجنة تقويمها للحرب قبل أشهر من إعلان إسرائيل توصيات لجنة “فينوغراد” في تقريرها النهائي المؤلَّف من خمسمئة صفحة في كانون الثاني من العام ألفين وثمانية.
منذ الرابع عشر من آب ألفين وستة، انكّب حزبُ الله وإسرائيل على معالجة ثغرات الحرب.
حين قررت قيادة الحزب الدخول إلى سوريا، خضع هذا القرار لدراسة معمَّقة لمختلف تداعياته والأثمان التي تترتب عليه.
لم تكن موسكو آنذاك قد أطلقت أية إشارات علنية تُلمِّح إلى إمكانية مُشاركتِها الواسعة في الحرب، وإن كان دعمها للجيش السوري قد اتّخذَ منذ بداية الأزمة أشكالاً مُتعدِّدة.
حين ظهرت للمرَّة الأولى مَشاهِد الطائرات والقوات الروسية على الأراضي السورية، كان حزبُ الله قد قطعَ شوطاً في دراسة تأثير العامل المُستجدّ على العمليات الميدانية بعد أن أخذت قيادته عِلماً من الحليف الإيراني بنيّة موسكو.
لَعِبَ القائدُ العسكري السابق للحزب في سوريا مصطفى بدر الدين (ذو الفقار) وقائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني و آخرون دوراً في رسم معالم الترتيبات الميدانية في محور المقاومة على ضوء دخول العامل الروسي.
ولئن كانت مَعَالِمُ هذه الترتيبات طيّ الكتمان نظراً إلى اعتبارات المعارك الدائرة والمستمرّة، فإن إسرائيل والولايات المتحدة قفزتا مباشرة إلى دراسة التدخّل الروسي في سوريا من باب الإشارة إلى الخبرات التي قد يكتسبها حزبُ الله نتيجة هذا الأمر.
في الواقع، يراكم حزب الله حالياً في سوريا خبرات غير مسبوقة، بغضّ النّظر عن العامل الروسي.
فللمرّة الأولى في تاريخه:
– يخوض مقاتلو الحزب حرباً هجومية الطابع لا دفاعية فقط، مع ما يعني هذا الأمر من اكتساب خبرات على صعيد القتال بدءاً من انتقاء الأسلحة المناسبة للعملية، إلى تحديد الإطار الزمني الملائم بدقّة لتحقيق أهدافها فتنسيق كافة مصادر الاستخبارات المتوافرة.
– على صعيد موازٍ، لطالما اتّسمت عقيدة حزب الله القتالية بإطالة أمد المعركة بُغية استنزاف العدوّ، ولكن التمرّس على العمليات الهجومية يتطلّب تحقيق العكس تماماً؛ أي الحسم بفترات زمنية قصيرة. هذه الميّزة اختبرها الحزب على جبهات عديدة في سوريا.كلام أمين عام حزب الله الذي صار معروفاً باحتمال الدخول إلى الجليل يؤشّر بوضوح إلى نقلة نوعية في العقيدة القتالية للمقاومة، ومناورات إسرائيل الأخيرة تحديداً تحاكي هذا السيناريو.
– تعزيز خبرات القيادة والتحكّم والتنسيق بين القوّات الهجومية على اختلاف اختصاصاتها أحد أهم الخبرات المكتسبة، فظروف الميدان السوري الشديدة التّعقيد تتيح للمقاومة خبرات وتجارب نوعيّة، بدءاً من الأخذ بالحسبان أنواع الأسلحة المطلوبة للمعركة تبعاً للظروف المتغيّرة والطارئة إلى تحديد أهداف تكتيكية خلال القتال وحتى الحفاظ على طرق الإمداد اللوجيستية وخطوط الانسحاب عند الحاجة.
-كذلك، بات من المؤكّد أن الحزب يطّلع على منظومات تسلّح حديثة وجديدة في سوريا بحوزة القوات المقاتلة إلى جانبه. وهو بالتأكيد قد اختبر الضروري منها.
قد لا يكون متاحاً في المدى المنظور الكشف عن فصول الاستفادة العملية لحزب الله وحلفائه من المشاركة الروسية المباشرة في الحرب، غير أن سياق المواجهة اقليمياً ودولياً يؤشّر إلى أن التنسيق بين الأطراف الداعمة للجيش السوري بات يشكّل هاجساً لدى المحور المقابل.