عام على الحرب في أوكرانيا: بايدن وبوتين يصعّدان

موقع الخنادق-

زينب عقيل:

بوصفها رحلة جريئة غير مسبوق في العصر الحديث، تناولت الصحف الغربية زيارة بايدن إلى أوكرانيا، التي يفترض أنها جرت بسرية كاملة، فالصحفيون الذين رافقوا بايدن في الرحلة، أدوا قسم السرية، وجردوا من هواتفهم، وتم نشر الصور والخطابات بعدما وصل بايدن إلى كييف، حيث أمضى 10 ساعات في قطار للوصول إليها. كان بإمكان بايدن أن يزور زيلنسكي في موقع آخر في أوكرانيا قريب من بولندا، إلا أنه أراد القيام برحلة رمزية إلى كييف نفسها، قيل إنها لتوجيه رسالة إلى روسيا باستمرار الدعم لأوكرانيا ورسالة أخرى إلى الناخبين الأمريكيين في الوطن، حيث أظهرت استطلاعات الرأي تراجع الدعم لأوكرانيا.

تم التخطيط بدقة على مدى عدة أشهر من قبل دائرة ضيقة من المستشارين الرئيسيين، وقد وصفت زيارة بايدن بأنها “غير مسبوقة لأنها “المرة الأولى التي يزور فيها رئيس أمريكي “العاصمة البلد في حالة حرب حيث لا يسيطر جيش الولايات المتحدة على البنية التحتية الحيوية “.حسبما صرّح مستشار الأمن القومي جاك سوليفان. ولتجنب أي سوء فهم أو سوء تقدير بين القوتين النوويتين، تمّ أخطار الكرملين بعزم جو بايدن زيارة كييف قبل ساعات من مغادرته إلى أوكرانيا، ثمّ بدأت التفاصيل في الظهور حول كيفية قيام الرئيس الأمريكي بإنقلابه الدبلوماسي رفيع المستوى.

لتقديم الدعم أم جزء من الحملة الانتخابية؟

جاءت زيارة بايدن قبل يوم واحد من الموعد المقرر لإلقاء بوتين خطابًا عن حالة الأمة قد يؤدي إلى مزيد من التصعيد الروسي في الحرب. حيث كان من المتوقع أن يكون بوتين متشددًا للغاية مع الغرب في الذ;رى السنوية الأولى لبدء العملية العسكرية على أوكرانيا. إلا أنّ ما بدا من هذه الزيارة التي كلّفت الرجل الثمانيني 10 ساعات متعبة في القطار، عبر الحدود البولندية الأوكرانية بين الألغام، وعبر الأسلاك الشائكة وتحت وابل الرصاص والصواريخ الروسية، أنها لم تكن فقط لتقديم المعنويات لزيلينسكي، بل جزء من حملته من أجل زعامة الحزب الديموقراطي، وعلى أبواب الحملة الرئاسية ضدّ الجمهوريين.

صحيفة واشنطن بوست نشرت مقالًا في نفس يوم الزيارة تحدثت فيه عن استفادة بايدن من معارضة الجمهوريين لاستمرار الدعم. وأشارت الصحيفة إلى أنّ إدارة بايدن قد تكون ممتنة بشكل خفي للحكومة المنقسمة، إذا ساعدت في إنهاء الحرب بشروط مؤاتية للولايات المتحدة. وبالتالي، يحصل بايدن على الفضل السياسي لسجلّ الولايات المتحدة في دعم أوكرانيا بقوة، التي تحظى بشعبية كبيرة بين الديمقراطيين والمستقلين – بينما ينسب قيودًا على هذا الدعم إلى الجمهوريين المتمردين. على سبيل المثال ، نشرت The Post الأسبوع الماضي ملاحظات أدلى بها “مسؤول إداري كبير” قال: “سنواصل محاولة إقناع قادة أوكرانيا بأنه لا يمكننا فعل أي شيء وكل شيء إلى الأبد” ، مشيرًا إلى احتمال المقاومة من الكونغرس.

روسيا تقلل من أهمية الزيارة

قلل مسؤولون روس ووسائل إعلام رسمية من أهمية زيارة الرئيس جو بايدن المفاجئة لأوكرانيا، واصفين كييف على أنها دمية للولايات المتحدة والحفاظ على انتصار القوات الروسية على الرغم من تعهدات واشنطن بإرسال المزيد من الأسلحة إلى أوكرانيا. وكان التلفزيون الروسي الحكومي قد غطى الزيارة على نطاق واسع، حيث قال مذيعون إنه من الواضح أن بايدن “يدير الأمور” في أوكرانيا، وهو ما يتناسب مع رواية الكرملين بأن حكومة زيليسنكي هي عميل للإدارة الأمريكية. ونقلت وكالة أنباء ريا نوفوستي الروسية الرسمية عن مسؤول روسي في منطقة زابوروجيا، فلاديمير روجوف، قوله إن زيلينسكي “بدا وكأنه خادم بجوار بايدن”.

تصعيد أمريكي سبق التصعيد الروسي

قرئت الزيارة في موسكو على أنها تصعيد واضح فيما تدخل الأطراف المتحاربة، أي الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، مرحلة يصبح فيها التمديد المفرط للنزاع غير مقبول من وجهة نظر السياسة الداخلية بدرجات متفاوتة لكلا الطرفين. وبايدن الذي يحتاج إلى نصر حاسم لا يملك من مؤشراته شيئًا، سوى إجبار أوكرانيا على التضحية حتى آخر جندي أوكراني ومرتزق، مع استنزاف الاتحاد الأوروبي وإشراك دول أوروبا الشرقية الأخرى وعلى رأسها بولندا. وفي اليوم التالي أعلن الرئيس الروسي تعليق العمل بمعاهدة ستارت للحد من الأسلحة الاستراتيجية الموقعة مع الولايات المتحدة، وأكّد أنه من المستحيل هزيمة روسيا في أرض المعركة، وأن روسيا ستتعامل “بطريقة مناسبة” إزاء تحويل الصراع إلى مواجهة عالمية.

الواقع أنه في أول ردّ فعل روسي على خطاب بوتين وصف بـ “الخطاب الفارغ”، وفي أول ردّ فعل على خطاب بوتين، وصف بـ “الخطاب السخيف”، وفي ظلّ احتمال تقديم بكين دعمًا عسكريًا لموسكو، وتعليق معاهدة ستارت، يبدو الناتو قلقًا جدًا، حيث طلب الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ من روسيا “إعادة النظر في القرار”.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.