طويلة ع رقبتك…
موقع إنباء الإخباري ـ
حسن ديب:
عقبة متوقعة تلك التي تؤخر صياغة البيان الوزاري للحكومة الجديدة.
متوقعة هي، نظراً للإختلاف السياسي الحاصل في التركيبة السياسية اللبنانية، وللتفاوت في وجهات النظر حول مفهوم المقاومة ودورها وحركتها محلياً وإقليمياً.
هي مشهدية لطالما اعتدنا عليها مع كل حكومة جديدة، حتى باتت هذه النقطة هي التي تحدد مسار التقاء أو انفصال القوى السياسية في لعبة قيامة لبنان واستقراره.
ويبدو واضحاً وجلياً بأن الطرف الذي لا يرى في المقاومة حقاً شرعياً للدفاع عن لبنان، قد ضرب بعرض الحائط كل المشاكل المتعلقة بالمصلحة العامة التي يعاني منها المجتمع اللبناني بكافة أطيافه، ولا همّ له سوى موضوع المقاومة والسعي لعدم شرعنتها من خلال البيان الوزاري، ظناً منه بأن المقاومة تستمد شرعيتها فقط من خلال ورقة ممهورة بتوقيع رئيس الحكومة وبمباركة من رئيس الجمهورية وثقة من المجلس النيابي.
وقد تناست هذه القوى السياسية المناهضة للعمل المقاوم بأن الشعب هو الأساس لكل تركيبة سياسية في أي مكان من العالم، وأن الشرعية التي يمنحها الشعب هي الشرعية الحقيقية المقدسة التي لا يمكن لأي أحد أن ينزعها، فما يعطيه الشعب يفوق بسنوات ضوئية ما تعطيه السياسة، وقد أثبت التاريخ ومنذ انطلاقة العمل المقاوم ضد الإحتلال اليهودي وضد يهود الداخل بأن السواد الأعظم قد منح الأحزاب والوقوى المقاومة كل الدعم وكل الشرعية التي أعطت المقاومة مساحات شاسعة من حرية الحركة على الأرض اللبنانية والتي كانت أحد الأسباب المباشرة لتطور العمل المقاوم ولتحقيق إنجازات استثنائية على صعيد الصراع العربي اليهودي والذي أتت ثماره يوم اندحر هذا العدو من الجزء الأكبر من الجنوب المحتل.
ومن هنا نرى بأن المقاومة لم تكن يوماً بحاجة إلى نص مكتوب أو حبر على ورق ليشرع لها حقها في الحفاظ على الوطن أو ليمنحها أريحية في عبورها نحو الإنتصار أو ليشكل لها خريطة في درب النضال والجهاد.
ففي العام 1982 لم تكن صيدا ومثلث الكفاح في خلدة ولا كان المقاومون في منطقة المتحف بحاجة لبيان وزاري ليقوموا بالدفاع عن الوطن، ولم ينتظر الشهيد البطل خالد علوان (ميشال) أي شرعية حكومية لينفذ عمليته البطولية في الويمبي.
وفي نفس العام، لم ينتظر الشهيد البطل بلال فحص أي اجتماع وزاري ليعطيه الحق في تنفيذه حكم الموت باليهودي الذي احتل أرضه وانتهك حرمة بلاده، وكذلك كان الحال في الأعوام التي تلت مع الشهداء الأبطال عروس الجنوب سناء محيدلي ونسر الشمال علي غازي طالب، وقمر الإستشهاديين علي قشمر، كل هذه الكوكبة من الشهداء لم تكن في انتظار أي اتفاق سياسي أو أي حكومة توافقية لتشرعن عملهم المقاوم.
فهل من يقف اليوم وراء تأخير قيامة الحكومة بحجة إدخال عبارة المقاومة في البيان الوزاري قد غاب عن ذاكرته بأن دم الشهداء هو الذي منح لبنان الشرعية.
وهل غاب عن ذاكرته أيضاً بأن الشهداء القادة عاطف الدنف ومحمد سعد وخليل جرادي وسمير مطوط هم الذين منحوا الحياة للبنان، وأن الكوكبة الكبيرة المقدسة من الشهداء هم الذين رسموا بدمائهم خريطة لبنان القوي الذي استطاع أن يسجل وللمرة الأولى هزيمة أقوى جيش في المنطقة وهو الجيش اليهودي.
من الممكن أن تكون الذاكرة قد خانت هذه القوى، ومن الممكن أيضاً أن تكون الحسرة من انتصارات المقاومة هي الدافع الذي يقف وراء كل هذا البغض الذي في صدروهم للمقاومة.
ليس… ففي الحالتين، لهم ما لهم ولنا مقاومتنا، التي كنا ولا زلنا فيها ومعها، تمثلنا وندعمها، تدافع عنا ونحميها، تحرر أرضنا ونقدسها.
هكذا هي الحال، ولتكتبوا ما شئتم في بيانكم الوزاري، ولتدونوا ما شئتم في دواوينكم السوداء، فكما أنكم لم تفلحوا يوماً في إضعاف عزيمتنا وفي المس بإيماننا، فإنكم لن تستطيعوا يوماً بأن تسلبوا منا حقنا في المقاومة، الذي هو حقنا في الحياة.
واليوم وفي كل يوم وحتى تحرير كل حبة تراب من أمتنا، فإننا لن نتخلى عن مقاومتنا، ولن نترك سلاحنا، واليوم وفي كل يوم، سنقف بوجه كل من تسول له نفسه المساس بشرعية وجودنا وشرعية مقاومتنا، سنقف في وجهه لنقول له… بإختصار: إن المقاومة باقية، وإنها حق شرعي، وإنها لن تزول، ولك أن تفكر كما تشاء وتحاول قدر ما تشاء، وفي النهاية لن تستطيع إسقاط الشرعية عنا والسبب وببساطة لأنها … طويلة ع رقبتك.