طوفان الأقصى يعيد جهود بايدن الانتخابية في سياسته الخارجية إلى الصفر
موقع الخنادق:
حتى نهاية الأسبوع الماضي، كانت إدارة بايدن تعول على أن يظل “الشرق الأوسط” هادئا نسبيا بينما تسعى بعجالة لتحقيق أهدافها الانتخابية هناك: التوسط في الانفراج الإسرائيلي السعودي واحتواء طموحات إيران النووية. لكن الرياح جرت عكس أشرعة بايدن في شرقي المتوسط، إذ استطاعت حماس عكس مسار التطبيع ولم يتمكن الأمريكي حتى الآن من اتهام إيران بالحرب الجديدة القادمة من الشرق.
والآن تقف طموحات بايدن الانتخابية على حافة حاملة الطائرات التي أرسلتها الولايات المتحدة جيرالد فورد، ليؤكد للأمريكيين واللوبي الصهيوني المتغلغل في الولايات المتحدة، مجدّدًا بأنه “صهيوني” (أكد بايدن في أول زيارة له إلى الكيان بعد تسلمه منصبه بأنه صهيوني)، وتقف طموحاته في مواجهة مع أخطر أزمات السياسة الخارجية في ولايته.
لكن بايدن لم يسلم أيضًا من خصومه الجمهوريين ومنافسه للرئاسة دونالد ترامب، الذي ترأس حملة دعائية تلومه في الهجمات التي شنتها المقاومة الفلسطينية، إذ أشار ترامب إلى أن هذه التطورات هي دليل ضعف الولايات المتحدة على المسرح العالمي، مستغلًا صفقة التبادل التي أعادت لإيران 6 مليارات دولار مدعيًا أنها من حق دافعي الضرائب الأمريكيين.
لا تتوقف السباقات الرئاسية عادة على الأزمات في السياسة الخارجية، لكن الحرب التي اندلعت في الكيان المؤقت تهدد بتقويض حجة جو بايدن، بأن خبرته في السياسة الخارجية، “تجعل العالم أكثر أمنًا” بحسب الأدبيات الأمريكية. وبصفته رئيسًا في منصبه، تعهّد باستعادة الكفاءة في ساحة السياسة الخارجية، يواجه بايدن الآن اتهامات بأن بؤر التوتر العالمية تتضاعف في عهده. “سأقول شيئًا شائنًا. أعتقد أنني أعرف الكثير عن السياسة الخارجية الأمريكية مثل أي شخص على قيد الحياة، بما في ذلك الدكتور كيسنجر”، الذي كان وزيرًا للخارجية في إدارة نيكسون. “هذا ما فعلته طوال حياتي – على مدار ال 270 عامًا الماضية”.
والآن، مع مواجهة “إسرائيل” لتهديد عسكري جديد خطير، أصبحت مهمة بايدن أكثر صعوبة: يجب عليه إدارة علاقة حساسة مع نتنياهو حليفه اللدود والصعب في زمن الحرب، ومساعدة أوكرانيا على صد الغزو الروسي، والفوز في سباق ضد الجمهوريين المتحمسين لتصوير سياسته الخارجية على أنها فاشلة.
إلى ذلك، آخر ما يحتاجه بايدن على أبواب الانتخابات هو مشهد الأمريكيين العائدين بالتوابيت من الكيان إلى الولايات المتحدة، وأزمة ارتفاع في أسعار النفط في حال تطورت الأحداث في هذه البقعة اللاهبة التي كان يحاول استعادة تموضعه فيها. وهذه اللحظة هي بالضبط نوع الأزمة العالمية التي تعهد بايدن بها للناخبين الذين كان مستعدًا لمواجهتهم، خاصة عند مقارنته بترامب.
لكن هذا أيضًا اختبار كبير لقدرته على حشد التحالفات في الداخل والخارج خلف القيادة الأمريكية، في حين أن الخلل الوظيفي في واشنطن يقوض بعض سلطته وتتنافس القوى العالمية المتنافسة على النفوذ. فمنهم من يشكك بقدرته على التدخل أو جديّته في قيادة حرب كبرى يمكن أن تنزلق إليها المنطقة.
وكان بايدن قد تعهد في غضون ساعات من هجوم حماس بأن دعم إدارته لأمن إسرائيل “صلب وثابت”. وأعلن وزير الدفاع لويد أوستن أن مجموعة حاملة الطائرات الأمريكية التي وصلت شرق البحر الأبيض المتوسط بمثابة “موقف ردع”. في بيانه، قال أوستن أيضا إن الولايات المتحدة “ستزود الجيش الإسرائيلي بسرعة بمعدات وموارد إضافية” وأشار إلى أن هذه القرارات جاءت بعد “مناقشات مفصلة مع الرئيس بايدن”.
ومع ذلك، فإن تلبية طلب إسرائيل للحصول على دعم إضافي هي مهمة معقدة بالنسبة لبايدن بحسب cnn.
مع دخول الحرب في أوكرانيا عامها الثاني دون نهاية واضحة في الأفق، أظهرت استطلاعات الرأي الأخيرة أن دعم الجمهور الأمريكي لتزويد أوكرانيا بمزيد من الأسلحة بدأ يتلاشى. وأظهر استطلاع للرأي أجرته رويترز/إبسوس في وقت سابق هذا الشهر أن 41 في المئة من المشاركين وافقوا على القول بأن واشنطن “يجب أن تقدم أسلحة لأوكرانيا” انخفاضًا من 46 في المئة في مايو أيار. وليس معلومًا بعد إلى أي مدى يستعدّ بايدن لمواجهة الناخبين الأمريكيين بشأن المساعدات الإسرائيلية، لكن ما هو ثابت في وجدان الغالبية من الجمهور الأمريكي، هو أنّ “إسرائيل” هي جزء من الأمن القومي الأمريكي تمامًا كما أوكرانيا.