طرق «داعش» إلى «الإمارة اللبنانية» مقفلة أمنياً.. وسياسياً – غسان ريفي
صحيفة السفير اللبنانية ـ
غسان ريفي:
معظم البلد في إجازة إلا الأمن. الليل والنهار وأيام العمل والأعياد كلها على حد سواء عند الأمن الذي استطاع حماية الاستقرار.. ولو أحيانا بالاتكاء على «وطنية» الخارج وحرصه أكثر من بعض اللبنانيين على استقرارهم الوطني!
في هذا السياق، يسجل للعام 2015 أن المؤسسات العسكرية والأمنية اللبنانية حققت رقما قياسيا في توقيف عشرات الشبكات الإرهابية، وتقاطع معظمها عند حدود محاولة إنشاء بنى تحتية للإرهاب.. تمهد لقيام «إمارات» في أكثر من منطقة لبنانية خصوصا في الشمال.
يقود ذلك إلى استنتاج مفاده استمرار السباق المحموم بين تنظيم «داعش» وبين الأجهزة الأمنية اللبنانية، حيث يسعى الأول إلى السير في مخطط يهدف إلى التسلل عبر منطقة البقاع الشمالي وصولا إلى القرى العكارية بهدف تحقيق حلم «الإمارة اللبنانية» وإيجاد منفذ منها على البحر، مع ما يتطلبه ذلك من تحضيرات لوجستية تتمثل بتجهيز خلايا إرهابية تكون مستعدة لمواكبة أي تحرك من هذا النوع.
أما الأجهزة الأمنية، فتسعى لمنع «داعش» من تنفيذ مخططه، وهي تخوض، في هذا الإطار، حربا استباقية، نجحت من خلالها في تفكيك العديد من الخلايا التي تمكنت بعض قيادات التنظيم، سواء في مدينة الرقة السورية أو في القرى الحدودية، من تجنيدها.
وتتكثف عمليات الرصد والرقابة الأمنية في أكثر من منطقة، وهي مهمة أدت إلى توقيف شبكات وخلايا إرهابية جندها «داعش» وكانت مهمتها زعزعة الأمن والقيام بعمليات انتحارية تستهدف مراكز عسكرية وأمنية لبنانية.
وبعد توقيف الخلية الإرهابية في وادي خالد في عكار بقيادة «القاضي الشرعي» (بلال ف.) ومساعده (عبدالرحمن م.)، اللذين اعترفا بأنهما يستعدان مع آخرين تم تجنيدهم لمواكبة تسلل «داعش» إلى عكار، وسّع مكتب شؤون المعلومات في الأمن العام اللبناني دائرة رصده في قضاء الضنية خصوصا بعد توقيفه الأسبوع الفائت شخصَين متورطَين مع «داعش» هما: (منذر ك.) و (عثمان ر.)، اللذان أسفرت التحقيقات معهما عن توقيف شخصَين آخرَين هما: (يحيى أ.) و (علي غ.).
وتبين أن الموقوفِين الأربعة يشكلون خلية واحدة بقيادة (عثمان ر.)، الذي كان على تواصل مع ثلاثة من أقاربه انتقلوا مؤخرا من أستراليا إلى مدينة الرقة السورية وتواصلوا فورا مع كل من (يحيى ر.) و (سامي س.) وهما لبنانيان موجودان في الرقة وينتميان منذ سنوات إلى «داعش».
وتشير المعلومات إلى أن (يحيى ر.) و (سامي س.) طلبا من (عثمان ر.) الذي بايع «داعش» على السمع والطاعة، تجنيد أكبر عدد ممكن من الشبان في منطقة الضنية، والطلب من كل فرد في خليته تشكيل خلية خاصة به، وهكذا دواليك، لتعميم هذه الخلايا لا سيما في القرى الجردية القريبة من الحدود مع الهرمل، على أن يعقب ذلك إرسال بعض تلك الخلايا إلى سوريا من أجل إخضاع أفرادها لدورات في استخدام السلاح وتصنيع الأحزمة الناسفة، لتكون المجموعات جاهزة للتحرك عندما تدعو الحاجة.
يأتي ذلك في سياق سعي «داعش» لتشكيل أكبر عدد من الخلايا في مناطق لبنانية متعددة، «لأنه في حال نجح مخططه في الدخول إلى لبنان، فإنه سيحتاج إلى هذه الخلايا من أجل إقامة إمارته ـ مربعه الأمني» على حد تعبير مرجع أمني.
وتشير مصادر أمنية مطلعة لـ «السفير» إلى أن «خلية الضنية» كانت لا تزال في طور تجنيد شبان جدد، ولم تنتقل إلى الخطة «ب» المتعلقة بالتدريب والتجهيز العسكري.
إلى ذلك، تمكنت مخابرات الجيش اللبناني من توقيف وسيم منصور (شقيق أسامة منصور الذي قُتل على يد المعلومات في 9 نيسان الفائت) وذلك لدى مروره على حاجز دير عمار ـ المنية.
وتشير المعلومات إلى أن منصور كان من ضمن المجموعة المسلحة التي يترأسها شقيقه أسامة، وهو شارك في معارك التبانة وجبل محسن، وفي المعركة الأخيرة مع الجيش اللبناني، وصادرة بحقه مذكرة توقيف بتهمة الانتماء إلى مجموعة مسلحة.
وتفيد المعلومات أن منصور يعمل منذ فترة في مؤسسة لبيع الأدوات الكهربائية، وأنه كان ذاهبا إلى المنية من أجل إيصال طلب لأحد الزبائن، فتم الاشتباه به على حاجز دير عمار، قبل أن يتبين أنه مطلوب للعدالة، حيث أوقف وبوشر التحقيق معه وهو يتمحور حول طبيعة شبكة علاقات شقيقه الذي قُتل في الربيع الماضي.
وبناء على اعترافات الموقوف بلال محي الدين الحسن الذي أوقف سابقا لانتمائه إلى تنظيم «داعش» وتأليف خلية قامت بالتخطيط لإقامة منطقة تابعة لهذا التنظيم في الشمال، دهمت دورية من مديرية مخابرات الجيش، أمس، مخزنا للسلاح والذخيرة في محلة مشتى حسن يعود للخلية المذكورة، تقدر حمولته بشاحنة، حيث ضبطت فيه العشرات من الرشاشات الحربية من نوعي «فال» و «كلاشينكوف»، وبنادق القنص وقاذفات «أر بي جي»، بالإضافة إلى كمية كبيرة من الرمانات اليدوية وذخائر بنادق «أم 16» و «كلاشينكوف» و «فال» وأمتعة عسكرية ومماشط متنوعة.
ووفق البيان الصادر عن قيادة الجيش، اعترف الموقوف الحسن أن الأسلحة المصادرة «كانت ستستخدم في العمليات العسكرية التي خططت لها المجموعة في إطار عزل مناطق في الشمال وإلحاقها بالتنظيم الإرهابي».
من جهة ثانية، أوضح مصدر أمني معني لـ «السفير» أن تفتيش مشاريع القاع الذي نُفِّذ في اليومَين الأخيرَين «هو مجرد إجراء روتيني ودوري نفذه اللواء المجوقل في الجيش اللبناني لتطمين أهالي المنطقة عشية عيدَي الميلاد ورأس السنة». وأسفر عن «توقيف نحو 125 شخصاً مخالفين لنظام الإقامة، ونفى حصول توقيفات ذات طابع أمني. وأشار إلى أن منطقة مشاريع القاع الملاصقة لبلدة القاع الحدودية في البقاع الشمالي ممسوكة أمنياً بقطر 360 درجة وأن وضعها الأمني مستقر جداً. ويوجد في منطقة المشاريع نحو 15 ألف نازح سوري موزعين على نحو ألف ومئة خيمة في عدد من المخيمات العشوائية.