صيرفة تنازع.. والدولار إلى إرتفاع
موقع العهد الإخباري-
د. محمود جباعي:
بات من المعلوم مؤخراً أن لجم ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية أصبح مرتبطًا فقط بمدى قدرة منصة صيرفة على ضخ الدولارات بشكل يومي من أجل تقليص الفارق بين سعر الصرف عبرها وسعر الصرف في السوق السوداء، علماً أن الليرة في لبنان لم تشهد أي نوع من الاستقرار طويل الأجل بل دائماً كانت تستقر لفترة قصيرة جداً بفعل تدخل المصرف المركزي الذي اعتمد التعميم ١٦١ كوسيلة وحيدة للتأثير على حجم الطلب والعرض على الدولار في السوق اللبناني. فكان المصرف المركزي يتدخل عند ارتفاع الدولار لأرقام قياسية جديدة عبر السماح للشركات والأفراد بالاإستفادة من الحصول على الدولار بسعر أدنى بكثير من سعر صرف الدولار في السوق السوداء حيث حدد السعر في ٣٠ أيار الماضي بـ٢٤٥٠٠ ليرة للدولار الواحد علماً انه كان قد وصل في هذا التاريخ تحديداً الى حدود ٣٨ الف ليرة للدولار الواحد وفي اللحظة الذي أعلن فيها المصرف المركزي في بيان له في حينها أنه سيضخ الدولارات من جديد عبر صيرفة من دون سقف للجميع انخفض سعر الصرف في السوق الموازية ليستقر نسبياً لمدة أسبوعين تقريباً على حدود ٢٨ الف ليرة للدولار الواحد.
المركزي بدد الدولارات بوقت قصير
من المعلوم أن مصرف لبنان لا يمتلك مبالغ نقدية كبيرة بالعملات الأجنبية سوى ما تبقى من احتياطي إلزامي على المصارف والذي أعلن حاكم مصرف لبنان قبل اشهر أنه بحدود ١١.٨ مليار دولار علماً أن هذه الاموال تعود ملكيتها حصراً إلى المودعين الذين يعانون من مشاكل كبيرة جداً في الحصول على فتات من المبالغ التي ادخروها في المصارف اللبنانية. وبناء عليه فإن أغلب الفائض النقدي الذي يستعمله المركزي عبر منصة صيرفة هو فعلياً ما جمعه المركزي من السوق السوداء حيث يدخل بين فترة وأخرى إلى السوق كأحد أكبر المضاربين على الليرة اللبنانية من أجل الحصول على الدولار مما يساهم فعلياً في انهيار الليرة بشكل متسارع أمام الدولار الأميركي علماً أنه قد بلغ إجمالي حجم التداول على منصة صيرفة، منذ يوم الاثنين الواقع في 30 أيّار وحتى يوم 13 حزيران، ملياراً و193 مليون دولار كانت قد وزعت يومياً وفق بيانات كان يصدرها المركزي بشكل يومي مما يؤكد عدم وجود أي رؤية وخطة منظمة من أجل إدخال هذا المبلغ الكبير جداً على فترات طويلة من خلال تنظيم عملية الضخ حتى لا يستفيد منها المضاربون والمصارف.
ولكن كما جرت العادة منذ ٣ سنوات إلى اليوم، ما زالت العشوائية والاستنسابية تحكم كل إجراءات وخطوات المصرف المركزي في محاولة لجم الانهيار السريع لليرة أمام الدولار والعملات الأجنبية الأخرى مما يتسبب دائماً في حصول نتائج عكسية وسلبية تساهم في حصول مزيد من الانهيار في سعر صرف الليرة اللبنانية.
المركزي يعدل آلية التعامل على صيرفة
أوضح مصدر مسؤول في مصرف لبنان بأنّ المركزي طلب إلى المصارف وضع سقف قدره 500 دولار لكلّ حساب، على أن يستفيد منها بموجب التعميم 161، إذا كان لدى الفرد أكثر من حساب مصرفيّ فيُمكنه الاستفادة من تصريف 500 دولار من كلّ حساب مصرفيّ، وطلب الحصول على فواتير وبيانات جمركيّة وغيرها من الأوراق الثبوتية من الشركات التي تطلب الدولارات من حساباتها وفق التعميم 161.
يأتي هذا التعديل المفاجئ على إثر معلومات عن عمليّات صرف كبيرة تستفيد منها جهات معيّنة، من خلال تصريف دولاراتها في السوق السوداء، وحمل ليراتها إلى المصارف وتبديلها بدولار على سعر منصّة صيرفة الأقلّ من سعر السوق السوداء، ممّا يسمح بتحقيق أرباح كبيرة. وتتهم المصارف أيضاً بأنها أحد المستفيدين من عملية المضاربة هذه علماً أن هذا الأمر كان واضحاً لجميع المراقبين منذ بداية العمل في منصة صيرفة حيث إنه دائماً ما كان يوجد فرق كبير بين حجم المبلغ الذي يعلن ضخه المركزي يومياً وبين حجم المبلغ الذي كان يتقاضاه الزبائن من شركات وأفراد مما يؤكد أحد الخيارين:
– الأول أن المركزي لم يكن يقدم أرقامًا صحيحة يومياً.
– الثاني أن بعض المصارف كانت تسيطر على أجزاء كبيرة من هذا المبلغ.
والمحصلة الواضحة اليوم أن صيرفة بدأت تنازع مما ينذر بأن سعر صرف الدولار سوف يحلق لمستويات عالية بفعل عودة المضاربين في السوق السوداء ومنهم المصرف المركزي والمصارف إلى السيطرة على كل آليات العرض والطلب المرتبطة بالعملة الخضراء بانتظار شقلبات نقدية جديدة قد تصدر عن المركزي في قادم الأيام.